شهدت حركة النشر في اليمن تطوراً ملموساً في العقد الأخير من حيث تزايد أعداد الكتب المطبوعة في بلادنا وتنوع المواضيع التي تطرقت اليها تلك الكتب، الأمر الذي ساهم في خلق نوع من الحراك الثقافي أتى بعد فترة ركود طويلة تسببت فيها الكثير من العوامل التي شكلت الواقع اليمني خلال العقود الماضية، ومع تطور حركة النشر إلا أن ذلك التطور رافقه ظهور العديد من الاشكاليات التي تخللت حركة النشر في اليمن وهو الأمر الذي تطرقت اليه الباحثة انتصار العمري من خلال كتابها «حركة النشر في اليمن» والذي يعد ثمرة لدراسة ميدانية وتحليلية للنشر والنتاج الفكري في بلادنا خلال الفترة من 2000 الى 2005م، وهي الفترة التي شهدت كما أشرنا سلفاً وصول حركة النشر الى ذروتها مقارنة بالأعوام السابقة التي أشارت اليها الباحثة من خلال رصد واقع النشر ابتداءً من العام 1995م. الكتاب تكون من تسعة فصول جاء الأول منها لتناول الاطار العام للدراسة وأبرز المشاكل التي تخللتها، إضافة الى توضيح المنهج المتبع في الدراسة وأدواتها وحدودها، حيث أشارت المؤلفة في هذا الفصل الى أبرز المشكلات التي يعاني منها الكتاب في بلادنا، الأمر الذي ساهم في عدم نمو وتطور النشر والتي منها ضعف الوعي القرائي لدى القارئ وارتفاع سعر الكتاب في ذات الوقت، وقد اعتمدت المؤلفة على طرح العديد من الأسئلة في هذا الجانب لتوصيف المشكلة من خلال تلمس معوقات حركة النشر في بلادنا والمشكلات التي يواجهها المؤلف ودور الجهات الرسمية في دعم حركة النشر، وقد بينت الباحثة أهداف الدراسة التي تقول أنها تحاول الوصول إليها من خلال هذا الكتاب وهي كالتالي: 1- التعرف على حجم النتاج الفكري والمستوى العلمي والثقافي في المجالات والتخصصات التي تناولها الفكر اليمني. 2- حصر وإحصاء وفرز وتحليل النتاج الفكري للعناوين التي صدرت في اليمن للمؤلفين اليمنيين والأجانب خلال الفترة «1995-2000م» مع بيان اتجاهاتها الموضوعية وتوزيعاتها الزمنية. 3- توفير المعلومات عن واقع حركة النشر في اليمن. 4- التعرف على أسباب الضعف والقصور في حركة النشر ومن ثم معالجتها والعمل على تطويرها. 5- مساعدة الباحثين على النتاج الفكري المنشر في مجال دراساتهم وتخصصاتم. حركة النشر.. مفاهيم واتجاهات الفصل الثاني من الكتاب خصصته المؤلفة للحديث عن النشر ومفهومه وأشكاله وعناصره واتجاهاته الحديثة من خلال تقديم التعاريف لمصطلحات مثل النشر والمؤلف والناشر وصناعة النشر والموزع والقارئ ودور النشر، في محاولة للمرور على كافة العناصر التي تكون برمتها واقع النشر وصناعة الكتاب. كما تحدثت المؤلفة عن خمسة أشكال للنشر هي: النشر الذاتي والنشر الخاص والنشر الرسمي، إضافة الى النشر التجاري ونشر الوقف، وفي ذات السياق أشارت المؤلفة لاتجاهات النشر الحديثة التي رافقت التطور التكنولوجي والتقني الذي أفرز ما بات يسمى بالنشر الالكتروني. وقد أفردت المؤلفة حيزاً من الفصل الثاني لتقديم لمحة سريعة عن حركة النشر وتطورها في اليمن، حيث أشارت الى التطور البطيء والحذر الذي شهدته حركة النشر بعد الثورة اليمنية في العام 1962م، وقدمت المؤلفة احصائية لدور النشر الحكومية والخاصة إضافة الى المطابع الحكومية والخاصة التي ازدهرت على وجه الخصوص بعد قيام الوحدة المباركة. وعن حق المؤلف والناشر والمصطلحات الاجرائية في مجال حقوق التأليف تحدثت المؤلفة في هذا الفصل عن حق المؤلف وحمايته، إضافة الى الإبداع وقد استشهدت بمبادئ حقوق المؤلف على الصعيدين الدولي والعربي انطلاقاً من القوانين الخاصة بالملكية الفكرية مثل اتفاقية «برن» التي تم التوقيع عليها في العام 1886م، والتي بلغ عدد الدول الموقعة عليها «121» دولة حتى العام 1997م، والتطورات والتعديلات التي طرأت على هذه الاتفاقية خلال السنوات اللاحقة حتى الاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف المعدلة في باريس 1971م كما تحدثت المؤلفة عن وسائل حماية المؤلف والتي تعد الوسائل القانونية من أبرزها عن طريق قانون الإيداع، وقد أشارت المؤلفة الى القوانين والقرارات اليمنية التي سعت لكفالة حقوق المؤلف ومنها قانون الصحافة والمطبوعات الذي صدر في العام 1990م، والقرار الجمهوري رقم «29» لسنة 1994م بشأن الحق الفكري، إضافة الى القرار الجمهوري رقم «90» لسنة 1995م والخاص بالهيئة العامة للكتاب. كما اعتبرت المؤلفة أن عقد النشر هو الوسيلة الثانية لحماية حق المؤلف من خلال ذكر عدد من خصائصه. معوقات في طريق النهوض الفصل الثالث من الكتاب حمل عنوان «مشاكل النشر في اليمن« حيث اعتبرت المؤلفة أن من أبرز الأزمات التي تواجه الكتاب على وجه الخصوص العزوف عن القراءة وعدم وجود منافسة أدبية بين المؤلفين والأدباء في مجال الإبداع الفكري، إضافة الى غياب النقد البناء وارتفاع أسعار الكتاب وتدني المستوى المعيشي وارتفاع الرسوم الجمركية على الكتب خارج اليمن، إضافة الى قلة انتشار المكتبات العامة. أما المشاكل التي تعترض حركة النشر في اليمن، فقد ذكرتها المؤلفة على الشكل التالي: 1- عدم الادراك بأهمية وقداسة النشر لدى الكثير من المعنيين. 2- تعامل بعض الناشرين مع الكتاب كسلعة تجارية دون النظر الى الجانب الثقافي. 3- غياب الرقابة التي تستند الى معايير واضحة في النشر. 5- عدم وجود معايير لتحسين أداء النشر. 6- قلة اعداد الناشرين المؤهلين تأهيلاً علمياً وفنياً. 7- عدم وجود الكوادر المؤهلة القادرة على القيام بعملية الاخراج والطباعة والتوزيع. 8- المماطلة وعدم التزام الموزعين بمواعيد الدفع للناشرين بالإضافة الى ضياع حقوق الناشرين. 9- عدم اهتمام أغلبية الناشرين بنشر الكتب العلمية أو الثقافية والاكتفاء بنشر الكتب الدراسية فقط. وفي ذات السياق أشارت المؤلفة الى المشاكل التي تواجه المؤلف وموقف الجهات الرسمية من حركة النشر، إضافة الى المشاكل التي تواجه المكتبة الوطنية مع دور النشر وضعف قنوات توزيع الكتاب. جهود متناثرة الفصل الرابع من كتاب «حركة النشر في اليمن» خصصته المؤلفة للحديث عن الجهات الناشرة في القطاعين الحكومي والخاص، حيث أشارت المؤلفة الى وزارة الثقافة والهيئات التابعة لهما مثل الهيئة العامة للكتاب ودورها في إثراء حركة النشر من خلال نشاطها في إصدار الكتب، وكذلك أشارت المؤلفة الى دور جهات حكومية أخرى مثل وزارة العدل والمعهد العالي للقضاء ومركز الدراسات و البحوث وفي سياق الحديث عن جهود الجهات الحكومية تطرقت المؤلفة للأهداف التي قامت من أجلها وبرامجها وأهدافها المتعلقة بنشر الكتاب، وفي الشق الآخر من الفصل تحدثت المؤلفة عن القطاع الخاص ودوره في سياق حركة النشر في بلادنا من خلال نشاط المؤسسات الثقافية ودور النشر الخاصة المهتمة بطباعة ونشر الكتاب مثل مركز عبادي ومؤسسة العفيف وغيرها من الجهات التي تم الاستفاضة في الحديث عن دورها في الفصل الخامس من الكتاب الذي جاء تحت عنوان «النتاج الفكري للقطاع الحكومي»، والفصل السادس الذي جاء تحت عنوان «النتاج الفكري للقطاع الخاص»، حيث قدمت المؤلفة معلومات أوسع عن دور القطاعين العام والخاص في مجال ونشر وطباعة الكتاب من خلال رصد النتاج الفكري من واقع سجلات الإيداع بدار الكتب والبيبلوغرافيا الوطنية، حيث تذكر المؤلفة أن النتاج الفكري خلال الفترة «1995- 2000م» قد بلغ «876» عنواناً تم رصدها من خلال سجلات الإيداع، في ما يتعلق بإصدارات القطاع العام والمؤسسات الرسمية، وأعقبت ذلك بسرد العديد من الملاحظات والاستنتاجات من خلال المقارنة بين سجلات الإيداع وبين البيبلوغرافيا الوطنية اليمنية ورصد النتاج الفكري الذي احتوته البيبلوغرافيا اليمنية لعام 1998م. إضافة الى تقييم المصادر «سجلات الإيداع والبيبلوغرافيا الوطنية»، كما قدمت المؤلفة خلاصات الفرز والتحليل للنتاج الفكري المسجل في سجلات الإيداع والبيبلوغرافيا الوطنية. وفي الفصل السادس من الكتاب رصدت المؤلفة النتاج الفكري للقطاع الخاص من خلال عدد من المؤسسات الخاصة مثل مركز عبادي للدراسات والنشر والذي بلغت اصداراته خلال الفترة «1995-2005م» حوالي «274» عنواناً، ودار الفكر المعاصر للنشر الذي بلغ عدد اصداراته في نفس الفترة حوالي «24» عنواناً ومكتبة الجيل الجديد التي أصدرت «40» عنواناً ودار الحكمة التي أصدرت كذلك في ذات الفترة الزمنية 20 عنواناً، فيما أصدرت مؤسسة العفيف «15» عنواناً، كما تذكر المؤلفة العديد من المؤسسات ودور النشر الخاصة الأخرى في هذا السياق. الفصل السابع من الكتاب حمل عنوان «البيبلوغرافيا العامة اليمنية» حيث سعت المؤلفة من خلاله للبحث عن النتاج الفكري غير الموثق في البيبلوغرافيا العامة اليمنية وذلك من خلال رصد عدد النتاج الفكري غير المسجل، وإثبات أن هناك نتاجاً لا يؤخذ بعين الاعتبار فيهمل توثيقه من قبل مصادر النشر نفسها، «وفي هذا الفصل عملت المؤلفة على تقييم البيبلوغرافيا العامة اليمنية، كما قدمت شرحاً لكيفية إعداد البيبلوغرافيا، وهو الأمر الذي أوصلها للفصل الثامن الذي قدمت فيه العديد من الاستنتاجات والمقترحات لتختتم الكتاب بالفصل التاسع الذي قدمت خلاله شرحاً عن الأعمال البيبلوغرافية التي أعدتها والمتمثلة بنوعين من القوائم، وهي قوائم فرز النتاج الفكري الذي لم يوثق في البيبلوغرافيا العامة اليمنية وقوائم بيبلوغرافيا النتاج الفكري الكلي الذي تم الحصول عليه من المصادر المختلفة والمتمثلة بسجلات الإيداع والبيبلوغرافيا الوطنية، وقوائم الناشرين..كما قدمت المؤلفة كشفين الأول بأسماء المؤلفين والثاني بعناوين الكتب. "الثورة"