دفع القلق الذي يسود الشارع اليمني من قرار الرئيس علي عبد الله صالح من عدم ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثانية الى تصيعد وتيرة الضغوط الشعبية التي تطالبه بالعدول عن قراره، في نفس الوقت الذي يلتزم الرئيس صمتاً مطبقاً إزاء ما يجري، يتزامن مع تأكيد قيادات في اللجنة العامة للحزب الحاكم عدم وثوقها من إمكانياتها في إقناع الرئيس، الأمر الذي زاد من إرباك الساحة اليمنية. ففي الوقت الذي كشف استطلاع رأي للمعهد اليمني لتنمية الديمقراطية ضمن أربع محافظات يمنية أن (700) شخص من بين (1000) قالوا أنهم سيطلبون من الرئيس إعادة ترشيح نفسه، أعلن المركز اليمني لقياس الرأي العام (تديره المعارضة) أمس عن نتائج استطلاع جديد أجراه على (1500) ناخب ضمن (10) محافظات، أكد أن الرئيس صالح ما زال يحتل الصدارة لدى من شملهم الاستطلاع. وفي الوقت الذي تحولت الاستطلاعات الى رسائل غير مباشرة للرئيس ، هدد الدكتور عبد الكريم الإرياني – نائب رئيس المؤتمر- أمس بتحريك الشارع، لأن هذا المطلب أصبح مطلبا جماهيريا ملحا ، مشيراً إلى أن العودة إلى الشارع للضغط على رئيس الجمهورية من خلال خروج تظاهرات لإقناع الرئيس بالعدول عن قراره هي ورقة ضغط أخيرة بيد المؤتمر الشعبي العام والقوى الحزبية المعتدلة الأخرى في اليمن، وانه لا يمكن استخدامها إلا في حال عدم قدرة إقناع القوى السياسية وقيادات المؤتمر الشعبي للأخ الرئيس في عدوله عن قراره. إلاّ أن قيادات في اللجنة العامة للمؤتمر عقبت على تصريحات الدكتور الإرياني قائلة ل"نبأ نيوز": أن الشارع اليمني "فلت من أيدينا، ولم يعد تحت سيطرتنا لإقناعه بتمسك الرئيس بموقفه، لذا فإن على رئيس الجمهورية أن يواجه الشارع بنفسه، ويحاول منعه من تصعيد الضغوطات، وإقناعه إذا ظل مصراً على عدم ترشيح نفسه". الاتحاد العام لشباب اليمن هدد من جانبه في مهرجان مفتوح بالمحويت ضم شباب سبع محافظات بأنهم سيقاطعون الانتخابات ما لم يعيد الرئيس صالح ترشيح نفسه، ورفعوا مناشدات للرئيس بالعدول عن قراره. اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين كثف في الآونة الأخيرة أنشطته ليستثمرها في توجيه رسائل مناشدة للرئيس بالعدول عن قراره. فعاليات جامعية مختلفة، وأنشطة لاتحاد نساء اليمن، والعديد من منظمات المجتمع المدني بدأت بتصعيد تحركاتها بنفس الاتجاه، في الوقت الذي توجه الأكاديميون من أساتذة الجامعات، وكذلك مثقفون الى عقد الندوات والحلقات النقاشية حول الانتخابات الرئاسية ومستقبل اليمن والتي حاولوا من خلالها ترجمة قلقهم من أن الأوضاع السياسية اليمنية والدولية ما زالت غير مهيأة لإحداث أي تغيير سياسي في اليمن. ولم تتوقف الساحة الشعبية اليمنية عند هذا المستوى من التصعيد، بل أن الأمر مع مطلع الأسبوع الجاري توسع الى نطاق المؤسسات التعليمية الأساسية والثانوية التي بدأت كل منها تبادر الى إعداد رسائل وجمع توقيعات تناشد الرئيس صالح بضرورة إعادة ترشيح نفسه لولاية ثانية. ومع مواصلة الرئيس علي عبد الله صالح التزامه الصمت إزاء هذا الموضوع، ورفض الإشارة إليه في أي حديث ضمن جولاته الميدانية، تزداد حدة توتر وارتباك الساحة الشعبية اليمنية، حتى أن هذا الموضوع تحول الى حديث الساعة الذي يواجهه المرء في الباص، والمقاهي، ومختلف الأماكن العامة، كما يتصدر جدل "مقايل القات" اليومية، فالجميع يقلقهم أنهم لا يرون في الساحة السياسية بديلاً يستحق أن يشغل مكان الرئيس صالح، أو حتى لديه "نصف" مهاراته وحنكته السياسية. وفي ظل هذه الأجواء فإن من المتوقع جداً أن تشهد الأيام القليلة القادمة مزيداً من تصعيد الضغوط، وأن تتحول النقاشات والرسائل الى مسيرات عارمة تجتاح اليمن من عدن الى صعدة أملاً في ثني الرئيس عن قراره.