لقد انتشرت ظاهرة الاختلاف في الرأي ووجهات النظر بشكل مخيف ومؤلم في حق أنفسنا وبحق الغير وبحق البلد الحبيبة, وأصبحنا لا ندري أو لا نعرف كيف يمكننا أن ندير خلافاتنا السياسية والاجتماعية بشكل حضاري ومتزن بحيث لا نجرح ولا نهين احد من خصومنا بشكل فج ومخيف.. وإذا عدنا إلى سنوات مضت نجد أننا قد أضعنا العديد من الفرص وأهدرنا طاقات, ومرارات تراكمت, ودماء نزفت وارتوت التربة اليمنية من دماء الشهداء والأبطال الذين يلعنوننا إلى يومنا هذا بسبب تعنتنا في حل خلافاتنا المصيرية وإصرارنا بتنفيذ ما نراه نحن بأنه صائب دون الرجوع إلى حلقة الحوار المنطقي والعقلاني, وإذا عدنا إلى الماضي سنجد أننا فعلا لا نعرف كيف نختلف.. لقد وصلت بنا الحالة إلى اليأس والإحباط في عدم قدرتنا على حل خلافاتنا بشكل مرضى وعقلاني وحضاري حيث أصبحت الأنا تشكل ظاهرة طبيعية لا ندرك مدى خطورتها إلا بعد فوات الأوان.. نعم .. فنجد تلك الظاهرة مسيطرة على أفكارنا نتيجة تعنتنا وعنادنا الغير مبرر في حل الخلاف.. إذن فالمشكلة ليس بالاختلاف في حد ذاته ولكن المشكلة في الأساس هو سوء إدارة هذا الاختلاف وتحليله وشخصنته أليس كذلك؟ فأصبحت خلافاتنا لا تنصب على موضوع الخلاف بل تنصب على شخص معين بذاته أو مصلحة خاصة من وراء ذلك ولذا فلم يعد حسم الخلاف يحتاج إلى أدوات المنطق والعقلانية بأكثر مما يتطلب فن ومهارات التجريح والإساءة للخصم وأصبح كل منا يتفنن ويتباهى بأنه قد اعد ملف شخصي للخصم الذي يخالفه الرأي.. وللأسف الشديد أصبح أيضا أسلوب التجسس والمراقبة على بعضنا البعض وهو أسلوب من وجهة نظري رخيص وغير لائق ولا حضاري وحيث أصبحت تصفية الحسابات الجسدية هي الأساس في علاقاتنا فكل واحدا منا يبحث عن السبل والطرق لتدمير الطرف الآخر بدون وعي ولا أدراك ولا ندم, وأصبحت تصرفاتنا تثير العديد من الأسئلة الهامة والتي يجب علينا القيام بدراسة ميدانية لمعرفة الخلل وإيجاد الحلول للقضاء على تلك التصرفات الدخيلة على المجتمع اليمنى الحبيب وهو الذي يتميز بالحب والشهامة والكرم. لماذا أصبح اختلافنا في وجهات النظر تكتنفها الشجار والعنف والسب واللعن والاهانة الجارحة والتقليل للطرف الآخر بل قد تصل للأسف الشديد إلى ارتكاب جريمة القتل وهى جريمة يعاقب عليها ومحرمة في القران الكريم، هل لأننا نمر في مرحلة المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية؟ وهل المرحلة نفسها اى في مرحلة التحول نصبح فيها أكثر توترا وعنف وإبادة وتدمير؟ أم أننا لازلنا نجهل كيف نساير المرحلة نفسها؟ وللأسف لقد كنت مع زميلة أجنبية في مؤتمر دولي نتكلم عن الوضع الحالي في العالم العربي، قالت بصريح العبارة وبالرغم من الجرح الذي لا يندمل حتى يومنا هذا والذي غرسته في أحشائي بما يلي "انتم العرب لا تستفيدون من الماضي ولا تريدون أن تطوروا أنفسكم وتميلون إلى الانتقام بحق وبغير حق وأن عدد القتلة من العرب على أيدي العرب في الحروب والنزاعات العربية العربية أوالداخلية تفوق عدد الذين قتل من العرب من أعدائهم أي أيام الاستعمار الاجنبى". إذن فنحن كرة تلهو بنا اللعبة السياسة الدولية التي تريد من العالم العربي أن يبقى في صراع مستديم أي أن يكون الصراع ليس صراع عربي إسرائيلي بل صراع عربي عربي وصراع داخلي داخلي وذلك لنشر الكراهية والفتن الطائفية سواء على المستوى العربي أو على المستوى الداخلي أي بين أبناء البلد الواحد وتقسيم البلد وليس اليمن فحسب بل كافة الأقطار العربية والتي لا تنصاع إلى تنفيذ السياسية الأمريكية الإسرائيلية؟ وبما أن الاختلاف في الأساس جزء من قواعد اللعبة السياسية الدولية يجب علينا إزالتها وإخفائها وذلك لمصلحة الشعب اليمنى ولمصلحة اليمن الحبيبة. وأنادى الحزب الحاكم الذي بيده زمام الأمور وكافة القوى الشعبية والمعارضة بالالتفاف واحتواء الأزمة لانتشالنا من الغيوم السوداء التي بدأت تتوسع بشكل مخيف ومرعب، وحتى لا تتوسع غيوم الاختلاف التي تعمى البصر وتصلب العقل يجب علينا جميعا أن نقف ضد نزيف الاختلاف وان ندير اختلافاتنا بعقل وصبر لنتفادى الويلات والمآسي والخسائر والبكاء على أضرحة الشهداء؟ إذن هل في إمكاننا تجنب تلك ألإحداث والتداعيات؟ ولا نصنع لأنفسنا المأزق؟ ونختار عن عمد مع سبق الإصرار والترصد الطرق المحفوفة بالمخاطر وبالأشواك الدامية، إذن لابد لنا من استخدام وسائل التصالح الصادق من القلب دون مصالح ذاتية ونمد أيادينا بصدق لفض المنازعات الداخلية وننسى الماضي ونلم الشمل وتكون المصالحة نابعة من قلب صافى. واكرر وأقول إلى أين المسير يا وطني الحبيب نحن بحاجة إليك ولا نريد التشرد والإذلال والقهر والتسول. ........................................................... دكتوراه في القانون الدولي العام فرع البحار مستشارة قانونية و مستقلة سياسيا