أعلنت إسرائيل أن قمرها الصناعي للتجسس «ايروس بي« الذي أطلقته يوم الثلاثاء 25 أبريل الماضي من مركز فضائي عسكري في منطقة أمور بأقصى شرق روسيا للتجسس على إيران، بدأ نقل الصور التي يلتقطها، ويمكن لقمر التجسس هذا تصوير أشياء صغيرة على الأرض يصل حجمها إلى 70 سنتيمترا. وأول شيء فعلته إسرائيل هو تسريب الصور التي التقطها القمر الصناعي وكلها لمواقع إستراتيجية عربية منها: (1) صورة جوية لسد الفرات السوري، المصدر الأساسي للطاقة الكهربائية في سوريا، (2) صور واضحة لمروحيات على مدرج الهبوط في مطار «كسلا« السوداني الذي كان يستخدم في عمليات عسكرية خلال المواجهات بين الشمال والجنوب، (3) سفن راسية في ميناء عسكري في المنطقة العربية لم تكشف عن اسمه. وفي اعتقادي أن إسرائيل قصدت بتسريبها هذه الصور أن تستعرض تطورها العلمي والعسكري وأن ترسل رسالة إنذار للعرب مفادها أن كل منشآتكم المدنية والعسكرية تحت بصرنا، وتطولها أيدينا في أي وقت نشاء. وأنا أقرأ الخبر وأتفحص الصور، جال بذهني موضوع تطور إسرائيل وتقدمها العلمي والعسكري وهي الدولة التي لا يزيد عمرها على 58 سنة، مقارنة بالعالم العربي الذي يعاني الضعف والتخلف على كل الاصعدة وهو الموجود على سطح الكرة الأرضية منذ آلاف السنين، ومن على أرضه انبثقت الحضارة الإنسانية. ويعزى ضعف العرب وتخلفهم الى أسباب كثيرة أهمها التخلف العلمي والفكري، وفي هذه العجالة سأعرض ثلاثة وجوه لهذا التخلف: 1) الأمية: احتل العالم العربي في عام 2005م المركز الأول في العالم من حيث نسبة الأمية ( إفريقيا كانت الأولى قبل عام 2005م). ويقدر عدد الأميين في العالم العربي ب 70 مليون شخص - أي بنسبة 22.15% من عدد السكان - أكثر من نصفهم من النساء. وتحتل مصر المرتبة الأولى ب 17 مليون أمي بحكم حجمها السكاني، يليها السودان فالجزائر ثم المغرب واليمن. 2) الكتاب والقراءة: بمناسبة اليوم العالمي للكتاب الذي مر علينا قبل أيام قليلة، أشارت التقارير إلى حقائق مخجلة بالنسبة الى الكتاب والقراءة في العالم العربي، فالدول العربية مجتمعة تنتج ألف عنوان سنويا لما يزيد على 316 مليون نسمة، في حين تنتج إسرائيل بمفردها أكثر من 3000 عنوان لخمسة ملايين نسمة، وان نصيب كل مليون عربي من الكتب المنشورة في العالم لا يتجاوز 30 كتابا مقابل 584 كتابا في أوروبا و 212 كتابا في أمريكا.أما القراءة، فالتقرير الصادر عن اليونسكو يشير إلى أن معدل قراءة الفرد في العالم العربي لا يتعدى الدقيقتين في العام، بينما يصل في أوروبا إلى 6 ساعات للفرد في العام. القراءة في العالم العربي في تراجع وانحسار مقلقين، والكتاب بات حملا ثقيلا بعد ما كان جليسا ومؤنسا. 3) الثورة الرقمية: لايزال العالم العربي من بين المناطق الأقل حظا في الثورة الرقمية العالمية، إذ لا يتجاوز عدد مستخدمي الانترنت في العالم العربي 11 مليونا و 755 ألف شخص بحسب إحصاءات الاتحاد الدولي للاتصالات، وهذا الرقم يمثل 3.71% من مجموع السكان البالغ 316 مليون نسمة وناتج قومي يبلغ 813 مليار دولار سنويا بحسب إحصاءات عام 2004م. فالحضور العربي على الشبكة العنكبوتية (الانترنت) يكاد يكون معدوما، فالأمر لا يتجاوز بعض المواقع الإخبارية أو الشخصية، كما انه ليس هناك حركة اتصالات داخلية بين الدول العربية بالنسبة الى الإنترنت مما يضطرها إلى المرور عبر أوروبا أو أمريكا للانتقال من مستخدم إلى آخر، الأمر الذي يرفع التكلفة. السؤال: هل يستطيع العالم العربي مواجهة إسرائيل (علميا وعسكريا) وهو يرزح تحت وطأة هذه الحمل الثقيل من الأمية العادية - القراءة والكتابة - والأمية الالكترونية؟ الدكتور أحمد زويل (أمريكي من أصل عربي) الحائز جائزة نوبل في الكيمياء، قام بزيارة للعالم العربي بعد حصوله على الجائزة وذلك من أجل المساعدة في إنشاء مراكز للبحث العلمي في الوطن العربي، لكنه أصيب بخيبة أمل كبيرة وإحباط شديد بسبب عدم اكتراث أنظمة الحكم العربية بهذا المشروع القومي الوطني وعاد أدراجه من حيث أتى خالي الوفاض. وإنها لمفارقة عجيبة أن نكون أقل شعوب العالم علما ونحن الأمة التي يحض دينها الحنيف وكتابها المجيد على العلم واكتساب المعرفة. قال تعالى: «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون«. وقال الإمام علي (عليه السلام): «من أراد الله إذلاله حرمه من العلم والحكمة«.