“ما عادناش جاهل قدنا كبير وأعرف مصلحتي ..” بهذه الكلمات يصرخ (بسام) ابن ال 13عاما في وجوهنا في محاولة منا لتعريفه بأضرار التدخين ومشاكله.. منذ عامين كانت أول سيجارة دخنها بسام وأعطاها له أحد أقاربه لكنها لم تكن الأخيرة..الآن يدخن بسام على مدار اليوم «باكت ونصف» سيجارة نوع (كمران) وتزداد هذه الكمية كلما كان مُخزناً ويتناول أغصان القات - حد قوله. ويضيف بسام: انه لا يشعر بمذاق القات بدون أن يدخن. وجرت العادة أن يُدخن المراهقون في اليمن لأسباب عدة منها : مجالس القات وحب الاستطلاع الذي يتحول إلى إدمان إضافة إلى تقليد الكبار –آباء أو مشاهير- ولهذا نجدهم يستمتعون بالتدخين ويعتبرونه دليل النضج والرجولة.. وعادة ما يميل المراهقون إلى محاكاة السلوكيات التي تضمن لهم موقعا اجتماعيا ًوقبولاً، ولأن القات أصبح أهم مُحددات مسار ومستوى الاندماج الاجتماعي في الحياة اليومية اليمنية فإن 60.5% من متعاطي القات هم من الشباب - بحسب دراسة حديثة منشورة على الانترنت حول القات. وفي المقابل أيضاً جرت العادة بين المراهقات لتدخين الشيشة وانتشرت بشكل مذهل في السنوات الأربع الأخيرة في صالات الأعراس والبيوت وتجمع الفتيات والنسوة (مجالس التفرطة) حيث يتزامن تدخين الشيشة ومضغ القات أيضا ويُرجع اختصاصيو علم النفس والاجتماع ذلك الانتشار بين الفتيات والنساء إلى الفراغ الذي يعشنه ليصبح عادة وسلوكاً إضافة إلى محاولاتهن إبراز تحررهن و خلق كيان مستقل يتيح لهن فعل ما يحلو لهن. دراسات وفي دراسة ميدانية حديثة نشرت في احتفال اليمن باليوم العالمي للامتناع عن التدخين الذي صادف 31 مايو الماضي 2010 في قاعة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تقول: إن هناك 3.4 ملايين مدخن في اليمن وإن نسبة 29.2% منهم من المراهقين ضمن الفئة العمرية 24-17 عاماً - بحسب الدراسة. وتشير الدراسة إلى إن نسبة عدد المدخنين في اليمن تعد من أعلى النسب عالميا، إذ يدخن اليمنيون سنويا 6.4 مليارات سيجارة ما يعادل 317.5 مليون علبة سجائر، بواقع 870 ألف علبة يومياً بمتوسط 150 ريال سعر العلبة الواحدة أي أن مقدار ما ينفقه اليمنيون على التدخين يوميا يعادل 130.5 مليون ريال يومياً. وتوضح الدراسة إن ضخامة حجم الاستهلاك للتبغ(السجائر) تصل إلى 508 آلاف كيلو متر إذا ما قمنا برمي السجائر المستهلكة سنوياً في شريط واحد متواصل وهو ما يساوي قطر كوكب الأرض 18 مرة. وتتفشى ظاهرة التدخين بين طلاب المدارس الثانوية ذكوراً وإناثاً وإن 37% من الذكور يتعاطون التبغ مقابل 13% من الفتيات حسب ما أفادت دراسة حديثة أخرى قام بها مركز السرطان بجامعة عدن. أمراض ويُعد التدخين ثاني سبب رئيسي للوفاة على الصعيد العالمي بعد مرض (فرط ضغط الدم ) إذ يقف وراء عُشر حالات الوفاة التي تُسجل في أوساط البالغين والشباب في شتى أنحاء العالم وتقدر بنحو 5 ملايين حالة وفاة سنوياً بسبب التدخين حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية وسط توقعات بالزيادة إلى 10 ملايين حالة وفاة بحلول 2020 و 70%منهم في الدول النامية. ويسبب التدخين الكثير من الأمراض الخطيرة مثل: زيادة نسبة أمراض القلب وتصلب الشرايين ، وزيادة نسبة أمراض الرئتين وحدوث السرطانات المختلفة ، وأمراض الجهاز الهضمي وخاصة القرحة كما يسبب التدخين حدوث ضعف جنسي مبكر ناتج عن ضعف الغدد الصماء المفرزة للهرمونات الجنسية ، كما له تأثير مباشر على الجنين في المرأة الحامل ونقص الوزن وتأخر نموه وأحياناً حدوث الموت المفاجئ للجنين، كما يتسبب التدخين بزيادة نسبة إصابة الأطفال بأمراض الرئة والتهابات الأذن الوسطى الناجمة عن الاستنشاق السلبي لتدخين الكبار. ويٍٍُعد التدخين سبباً رئيسياً للعجز الجنسي في الرجال حيث يؤدي إلى نقص التروية الدموية نتيجة لضيق الشعيرات الدموية مما يعيق تدفق الدم إلى الأعضاء الجنسية .. كما يعد سبباً رئيسياً للإصابة بسرطان الفم والمعدة والأمعاء والبنكرياس والمثانة والرحم والحنجرة وسرطان الرئة. سرطان إلى ذلك تفيد إحصاءات منظمة الصحة العالمية إن 12 ألف يمني يموتون سنوياً بسبب السرطان بنسبة 60% من أصل 20 ألف يصابون بالسرطان سنوياً في أنحاء متفرقة من اليمن. ويمثل سرطان الدم (اللوكيميا) نسبة 9.8 % يليه سرطان الجهاز الهضمي نسبة 8.10% عدد الحالات المصابة سنوياً ثم سرطان اللثة الذي يسببه التدخين ومضغ الشمة (البرتقان) -ينتشر في الحديدة غرب اليمن- بنسبة 7.10% ثم سرطان الغدد الليمفاوية بنسبة 5.10% وسرطان الثدي بنسبة 4.10%.