قال الرئيس علي عبدالله صالح يوماً في لقاء صحفي مع ناشر صحيفة السياسه الكويتيه الصحفي أحمد الجار الله: عدن أفضل مدينه في العالم! وذلك رداً على السؤال الصحفي الذي كان:( متى تعيد لعدن مجدها فخامة الرئيس ؟) وليعذرني الأستاذ أحمد الجار في إستخدام سؤاله الصحفي هذا كعنوان لمقالتي هذه . وبعد اللقاء الصحفي ذلك أتت الأقدار وساقت بالرئيس علي عبدالله صالح في زيارة رسميه للصين الشعبيه وكان ضمن برنامج زيارته زيارة هونج كونج وفي اللقاء التلفزيوني الذي أجراه مذيع الفضائيه اليمنيه المرافق للرئيس في زيارته تلك ومن على أحد فنادق هونج كونج المطله على البحر وظهر المنظر الخلفي في اللقاء تلك العمارات وناطحات السحاب المعانقه للساحل أعرب الرئيس في المقابله عن أمله في نهوض وتطور عدن أسوةً بهونج كونج التي أٌعجب الرئيس بالتطور الهائل فيها ، في تلك الزياره لهونج كونج أعتقد أن الرئيس غير وعدل عن رأيه وإصراره على أن (عدن أفضل مدينه في العالم) كما قال في لقاءه الذي أوردته صحيفة السياسه الكويتيه . هذه الأيام يقوم الرئيس علي عبدالله صالح بزيارة تفقديه لمدينة عدن العاصمه الإقتصاديه والتجاريه للجمهوريه اليمنيه ، وقبل حوالي أسبوعين وعد الرئيس بأن يرقى بمكانة عدن إلى منافسة مدينة هونج كونج التي تحتل أحد المراكز الثلاث الأولى في إقتصاد آسيا! هنا سنبدأ بمقارنه سريعه بين عدن وهونج كونج حسب إطلاعي وتعمق معرفتي بجزيرة هونج كونج التي زرتها لأكثر من 10 مرات . من الناحيه والمكانه الجغرافيه لا يوجد وجه للمقارنه بين عدن وهونج كونج ، فعدن تقبع بين نقطة إلتقاء البحرين الأحمر والعربي حيث ممر ناقلات النفظ شريان وعصب حياة إقتصاد وصناعة اليوم ، إلى الأمام من عدن وعلى بعد عشرات الأميال البحريه تقع القاره السمراء ، وإلى الخلف من عدن هناك تقع جزيرة العرب حيث الذهب الأسود والسوق الإستهلاكي العملاق ، عدن بمكانتها الجغرافيه تربط بين قارتي آسيا وأفريقيا وبتوفر أبسط قواعد الخدمات ستتحول إلى مرتع ومقر لإقتصادات عالميه عملاقه لأهمية الإستحواذ على موقع قدم في مثلث الإلتقاء الجغرافي الهام، بينما هونج كونج لا ترقى مكانتها وأهميتها الجغرافيه إلى مكانة أن تقارن بعدن ، فلولا الذكاء والدهاء البريطاني في توفير خدمات وتسهيلات إستثماريه على بعد كيلومترات من الصين الإشتراكيه والمنغلقه آنذاك ولو لم تكن هونج كونج بجانب مليار وربع المليار نسمه أي ربع سكان العالم لما أصبحت شيئا ، والدليل على ذلك أنه بعد أن إنتهجت الصين سياسة الإنفتاح الإقتصادي وأنشأت مناطق صناعيه وموانئ عملاقه ، نشأت هناك مقاطعات صينيه ذات إقتصاد أقوى من إقتصاد هونج كونج ، كمقاطعة جوان دونغ المحاذيه لجزيرة هونج كونج التي كان معدل دخلها الإقتصادي من العمله الصعبه في العام الماضي أكبر من دخل جزيرة هونج كونج أو جزيرة سنغافوره . مدينة شن جن التي أسستها الصين قبل 30 عاما وتبعد عن هونج كونج كيلومترات فقط أو تفصلها فقط الأشباك الشائكه التي وضعها البريطانيون لوقف عمليلات التسلل والهجره أصبحت اليوم تضاهي جزيرة هونج كونج بل جلبت وإستقطبت الكثير من رؤس الأموال والشركات العملاقه من جزيرة هونج كونج التي أصبحت مكانتها الإقتصاديه مهدده بسبب وجود مناطق صناعيه صينيه عملاقه ! عدن بمكانتها الجغرافيه تحفر أهميتها في ملفات الإقتصاد والإستثمار وخاصه إقامة فروع للشركات العالميه العملاقه للتصنيع والإنتاج والتجميع ومن ثم التوزيع وصب المنتج في السوق مباشرةً سواءاً في القاره السمراء أم في الجزيره العربيه! عدن مؤهله لأن تصبح مركزاً إقتصادياً عالمياً إذا ما توفرت هناك المناخات الإقتصاديه التسهيليه من إتاحة الفرص لإقامة المشاريع العملاقه دونما أي تدخل من لوبي المصالح القادم من أركانات الدوله سواءاً من السلك العسكري أو القبلي أو المدني . النهوض والتطوير بعدن لا يحتاج إلى قوانين وأنظمه لا ترى طريقها إلى التنفيذ وتظل حبراً على ورق ، عدن يا فخامة الرئيس تحتاج إلى إراده سياسيه فقط . هنا سنسرد مثالاً فقط لإستحالة بناء عدن في ظل الفساد والعشوائيه التي تأكل الأخضر واليابس في الوطن :شارع التسعين في عدن أتت التسميه بسبب أن عرض الشارع سيكون 90 متراً وتهاتف المغتربون اليمنيون من الخارج للإستثمار العقاري في هذا الشارع الدولي ، وبعد أن صرفوا ملايين الدولارات في بناء وتشييد العقارات وجدوا أنفسهم أمام جيوش المستنفذين الذين حاولوا الإستيلاء على الحجم الكبير للشارع ،إنهالوا وبدؤوا بتأسيس المباني الشعبيه من على جانبي الطريق لتتحول الإستثمارات العقاريه التي كلفت الملايين من الدولارات مطله على شارع فرعي من العمارات الشعبيه هذه ، وصلت بلطجة المستنفذون هؤلاء إلى إصدار قرارات من وزارة التخطيط بتغيير مخطط الشارع ، وكان رجل الأعمال اليمني المستثمر الشاب عادل بن هادي من نصيب بلطجة أحد القاده الأمنيين بمحافظة عدن والصادر بتعيينه بقرار جمهوري ، الشخصيه الأمنيه هذه وقفت إلى جانب أخيها الشيخ القادم من مأرب رافعا شعار( النهب والفود) وإعتدى بالسلاح وبالمرافقين المدججين وبهيبة أخيه الشخصيه الأمنيه المشهوره بمحافظة عدن محاولاً البناء على الشارع ليتحول مشروع عادل بن هادي العقاري إلى مشروع في حاره شعبيه بدلاً من مشروع مطل على شارع التسعين !!! هنا نتسائل يا فخامة الرئيس ، أي مستثمر مجنون سيهم ويفكر بالقدوم إلى عدن والإستثمار فيها بهذا الوضع المخزي! كيف يمكن لكم فخامة الرئيس النهوض بعدن لترقى إلى مكانة هونج كونج الإقتصاديه! ألم يصل إلى مسامعك سيادة الرئيس أن وزير الماليه السابق في هونج كونج إستقال من منصبه بسبب تورطه في إستيراد سياره خاصه به بدون جمارك! !! عدن يا سيادة الرئيس تحتاج إلى إجتماع تترأسونه أنتم ويكون حاضريه كافة أركانات البلاد من الوزراء وأعضاء مجلسي النواب والشورى والقاده العسكريين ومحافظي المحافظات والمشائخ المقربين منكم وأولادهم ويكون محتوى الإجتماع كلام صريح وواضح منكم فخامة الرئيس بأن كل من يحاول التدخل في المشاريع الإقتصاديه في عدن وكل من يحاول منهم عرقلة المشاريع الإستثماريه بسبب النسب المئويه مقابل الحمايه سيرى طريقه إلى المحاكمه . عدن ممكن أن ترقى إلى مكانة هونج كونج وأكثر لكن الطريق إلى هذا المشوار العظيم محاطاً بالأشواك الكثيره والتي يتطلب إجتثاثها قراراُ سياسياُ منكم يا فخامة الرئيس بالدرجه الأولى . *كاتب وباحث مقيم في الصين رئيس تحرير موقع نادي أطباء اليمن على شبكة الإنترنت [email protected]