قال تعالى: "كل نفس ذائقة الموت، وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور". صدق الله العظيم. من هذا المنطلق دعوني أكون معكم صريحة بحقيقة ربما لم يصارحكم بها أحد قبلي لحد الآن وهي: (أن المستقبل الحقيقي للإنسان بشكل عام يكون موجود في قبره، وليس في حياته) كان من كان!!، وهذه حقيقة يجب على الجميع معرفتها وفهمها جيدا، وعدم التغاضي عنها، وعدم الإستهزاء بها، وخاصة إذا علمنا أن حياتنا كبشر مهما طالت ومهما امتدت فهي قصيرة جدا، وأنه لا يمكن قياسها بأي بشيء قياسا الى عمر الزمن!! والدليل على ذلك أنه عندما نقوم بقياس حياة أي منا الى عمر هذا الزمن الطويل سنجد حياتنا وحياة غيرنا تظهر وكأنها نقطة ماء صغيرة جدا إلى ماء البحر!! إن كأس الموت دوارة على الجميع ولن يستثني منها أحد كان من كان، وإنه لا فرق بين نفس وأخرى في تذوقها، والتي سيتذوقها الجميع لا محالة لحظة انتهاء الأجل المحتوم!! وسيشترك في شربها الصالحون والطالحون، المؤمنون والكافرون، الشاكرون والمتعجرفون، المجاهدون والقاعدون، الرؤساء والمرؤوسون، العظماء والتافهون، الحكماء والساذجون، العقلاء والأغبياء ،الأغنياء والفقراء، الأحرار والعبيد، الشجعان والجبناء، الرجال والنساء، الصغار والكبار، البيض والسود، الأقزام والعمالقة ، الضعفاء والأقوياء، العلماء والجهلة، الأصحاء والمرضى، البدو والحضر، ساكني القصور وساكني الخيام، أصحاب المراكز العليا وأصحاب المراكز الدنيا. فالكل ميت، والكل مفارق هذه الحياة. فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. لكن الفرق الوحيد بين نفس وأخرى من كل الذين سبق لي ذكرهم؛ يكمن في المصير النهائي لكل منهم؛ ذلك المصير الذي ينبغي على كل واحد منا أن يحسب له ألف حساب وحساب. والذي إما أن يكون الى أحدى اثنتين لا ثالث لهما؛ فإما أن يكون إلى الجنة وإما أن يكون إلى النار!! وأنت أيها الإنسان مخير بين كلا المصيرين!! وبإمكانك اختيار ما يروق لك منهما، فإما أن تختار الذهاب الى الطريق الذي يوصلك الى الجنة مباشرة إذا أحسنت العمل والسلوك!! وإما أن تختار الطريق الآخر الذي سيؤدي بك لا محالة الى النار وبئس المصير إذا أسأت العمل والسلوك!! فالله سبحانه وتعالى زودك بالعقل وطلب منك استخدامه بما يتوافق مع مصلحتك ووجهة نظرك. وتركك حرا في اختيار المقر الذي تراه مناسبا لك في الآخرة. فإذا أحسنت استخدام عقلك فها أنت تكون قد فزت وضمنت مستقبلك الخالد وأدخلت الجنة منعما جزاء لك على حسناتك بما قدمته في فترة حياتك من صالح الأعمال. أما إذا أسأت أنت استخدامه فهذا سيكون شأنك أنت وتكون حينها قد خسرت مستقبلك الدائم. وحينها لا تلومن إلا نفسك فقط. لأنك هنا تكون قد أخطأت في حق الله عليك حينما اغترت نفسك بمتاع الحياة الدنيا الزائف؛ الأمر الذي جعلك تخسر مستقبلك الذي ستقضيه بلا شك في نار جهنم محاطا بالعذاب الذي يليق بشخصك والذي يليق بسيئاتك عقابا لك على سوء ما قمت به من مساويء الأعمال في حياتك الدنيوية. جعلني الله وإياكم من الذين يهديهم الله في حياتهم ؛ فيختارون طريق الجنة ولا يختارون طريق النار. * كلية الهندسة الأردن [email protected]