أعلنت سلطات الإمارات العربية المتحدة أمس تفكيك خلية تضم سعوديين وإماراتيين كانوا يخططون لتنفيذ هجمات إرهابية في السعودية والإمارات وفي دول أخرى وصفت بالشقيقة. ويرجّح مراقبون أن تكون هذه الخلية جزءا من محاولات يائسة من دول إقليمية في محاولة لزعزعة أمن منطقة الخليج الثرية والمستقرة. وجاء في بيان رسمي بثته وكالة انباء الإمارات أنه "بالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة بالمملكة العربية السعودية تم إلقاء القبض على خلية منظمة من الفئة الضالة من مواطني البلدين كانت تخطط لتنفيذ أعمال تمس بالأمن الوطني لكلا البلدين وبعض الدول الشقيقة". وأوضحت السلطات أن "التحريات والمتابعة المستمرة لهذه العناصر في إطار من التعاون والتنسيق الأمني بين البلدين دلت على قيام هذه العناصر باستيراد مواد وأجهزة ومعدات بهدف تنفيذ عمليات إرهابية". وتستخدم تسمية "الفئة الضالة" في السعودية للدلالة على تنظيم القاعدة، لكنها في الإمارات تحيل إلى الإخوان المسلمين الذين اعتقلت أبوظبي خلية منهم كانت تعمل على اختراق هيبة الدول وسيادتها وقوانينها. وكانت السلطات الإماراتية أعلنت في يوليو/تموز الماضي عن تفكيك مجموعة تتبع تنظيم الإخوان اتهمتها بالتآمر ضد أمن الدولة، وتكوين جناح عسكري يخطط للاستيلاء على الحكم وإقامة دولة دينية وتلقي أموال من الخارج. وتنتمي المجموعة التي تضم نحو 60 رجلا اعتقلوا إلى جمعية الإصلاح الإسلامية المحلية. واعترف هؤلاء المعتقلون بأن جماعتهم لها جناح مسلح وأنهم كانوا يخططون للاستيلاء على السلطة وإقامة دولة إسلامية. ولا يستبعد خبراء اختصوا في تحليل ومتابعة نشاط الإخوان أن تلجأ تنظيمات إخوانية بالخليج، بالتنسيق مع التنظيم الدولي، أو في مبادرة خاصة، إلى العنف بعد أن عجزت عن تحقيق أهدافها بأساليب المناورة والركوب على الأحداث والمتاجرة بالمطالب الإصلاحية للقوى السياسية والمدنية. وكشفت صحيفة "العرب" في عدد سابق عن خطة تفصيلية أعدها التنظيم الدولي للإخوان للانقضاض على السلطة في الكويت عبر استثمار احتجاجات "الربيع العربي" والمطالب الشعبية التي تنادي بالإصلاح. وكان الفريق ضاحي خلفان، قائد عام شرطة دبي، أعلن في آذار/ مارس أن الإخوان لديهم "خطة للسيطرة على الحكم في بلدان الخليج"، متوقعاً أن "تكون البداية من الكويت في عام 2013"، وبذلك يتحول الخليج إلى "حكومات تملك ولا تحكم". ويقول الخبراء إن الإخوان إذا راهنوا على أسلوب التفجير وإثارة الفتنة يكونون قد أسقطوا كل الشعارات التي رفعوها سابقا عن انحيازهم إلى الإصلاح وإيمانهم بالديمقراطية التي ركبوا موجتها للوصول إلى السلطة بتونس ومصر. ويضيف هؤلاء أن خطوة كهذه تجعل من التنظيمات الإخوانية وجها آخر من "القاعدة" خاصة في منطقة خليجية تنهض الدول فيها بدور الحامي للدين وحدوده. في سياق آخر، لا يستبعد المراقبون ان تكون للخلية ارتباطات بالصراع الخليجي مع إيران خاصة بعد أن نجحت دول مجلس التعاون في الوقوف بوجه الخطط الإيرانية الهادفة إلى تحريض شيعة البحرين والسعودية على الاحتجاج والفوضى مقدمة للانفصال وتكوين إمارات صغيرة تكون في حماية طهران وخدمتها. يشار إلى أن التكاتف الخليجي أفشل الاحتجاجات المذهبية في البحرين، وأسقط الحسابات الإيرانية في "شرق السعودية"، كما قطع الطريق أمام الحوثيين في أن يستفيدوا من حالة عدم الاستقرار التي عاشها اليمن خلال السنتين الماضيتين ليؤسسوا إمارة خاصة بهم تكون موطن تخابر إيراني. ويرجح خبراء أن تحمل هذه المحاولة بصمة طهران بالتنسيق مع دمشق كردة فعل على رفض السعودية والإمارات للمجازر التي يرتكبها نظام الأسد ضد المدنيين في مختلف المدن والقرى السورية. وكانت دول الخليج أحبطت خلال الأشهر الأخيرة خطة لحزب الله اللبناني تقوم على موجة تفجيرات واغتيالات في البحرينوالكويت وقطر كانت تستعد لتنفيذها عناصر لبنانية وأخرى بحرينية وكويتية مدعومة ب"خبراء" في التفجير والتفخيخ وعمليات الاغتيال والاختطاف من "الحرس الثوري" الايراني، وذلك وفق تقارير إعلامية واستخبارية نشرت آنذاك. كما لا يستبعد الخبراء أن تكون الخلية، التي كشفت عنها الإمارات أمس، جزءا من زيجة مصالح بين إيران وتنظيم القاعدة السني لاستهداف استقرار الدول الخليجية، وتحاول طهران بذلك أن توظف طاقة الهدم والقتل لدى المتشددين. ويعزو هؤلاء الخبراء قبول القاعدة ب"التحالف" مع طهران، رغم العداء العميق بينهما، إلى نجاح دول الخليج في خيار المناصحة والحوار مع الشباب بما حاصر وجود القاعدة ودورها، فضلا عن محاصرة مختلف المجموعات الدينية المتشددة الأخرى.