سياسي حكيم، ومتحدث لبق، يجيد فن الحوار والإقناع بامتياز .. ينتقي مفرداته بحصافة وحكمة تأسر قلوب سامعيه .. وتوصل إليهم مواقفه وآراءه حول القضايا والأشخاص دونما جرح أو إساءة. في غضون سنوات معدودات ، أفسح لليمن مكاناً لائقاً في الساحة الدولية، بحيث أصبحت رقماً لا يستهان به .. لأن مواقفه تنحاز دوماً لمصلحة شعبه وأمته العربية والإسلامية .. لايخاف من إرهاب المتطرفين الأصوليين ، بل حاربهم واستأصل جذورهم، ولايجد بأساً من الوقوف بصلابة أمام صلف دول الاستكبار إذا ما خرجت عن الشرعية وحقوق الإنسان. سعيه المبكر للاحتكام للنهج الديمقراطي، وتقليص منابع الاستبداد وإيمانه بالعفو والتسامح والسلام .. جعله محل ثقة واحترام العالم. لا يفتأ يبحث للمختلفين معه من الزعماء والساسة والمثقفين عن العذر، وينصفهم إذا ما احتاجوا إلى ذلك ، في شجاعة منه لم تعد مألوفة أو معروفة لدى الزعماء العرب. إلاّ أن علامات الإستياء تظهر في وجه علي عبدالله صالح إذا ما ذكرت إسرائيل.. ليس جبناً أو هلعاً ، فقلبه لا يعرف الخوف إلاّ من خالقه، ولكنه يفعل ذلك بوازع من ضميره المنسوج بالإباء والعزة والكبرياء .. وهي صفات للأسف افتقدناها من الزعماء والساسة الذين تقشعر جلودهم لذكر الولاياتالمتحدة وربيبتها إسرائيل. علي عبدالله صالح يعرف أن إسرائيل «أم الأفاعي» وأنها أضعف وأهون وأحقر من أن تواجه العرب ناهيك عن المسلمين مجتمعين .. يشرح ذلك بثقة في حديثه لقناة الجزيرة من موقع السياسي الخبير والعسكري المحنك، مستنداً إلى معلومات جيوبوليتكية واطلاع عميق على الاستراتيجيات الحربية للعدو الإسرائيلي. - قال رأيه بكل شجاعة متجنباً الوعظ والخطابة : القتال لصد العدوان فرض عين .. ومناصرة حزب الله في مثل هذا الظرف واجب إسلامي. ليس مهماً الآن أن نختلف أو نتفق مع حزب الله في كونهم من الشيعة أو السنة.. والمذاهب والأحزاب الإسلامية التي حرصت على تذكير خطبائها بتجنب الدعاء «لحزب الله» لأنه شيعي اثني عشري .. إنما تساند ما تفعله حكومة إسرائيل من قتل وإبادة وتشريد في لبنان الشقيق. وأحسب أن الحديث عن مذهبية حزب الله أمر مؤجل مكانه قاعات الدرس والمحاضرات ، لا يخوض فيه اليوم إلاّ الجبناء. والصغار .. ومن يفعل ذلك ستلاحقه لعنات أطفالنا المذبوحين في «قانا» أبد الدهر. علي عبدالله صالح .. ليس مثل هؤلاء .. كبير بحجم قضايا الأمة .. يتناسى الخلافات، ويسمو فوق السفاسف .. لايزال يدعو أشقاءه إلى كلمة سواء.. ولم يصبه اليأس والإحباط من «تهرب» بعضهم ، من دعوته لهم بعقد قمة طارئة .. وإصراره على ذلك إنما هو استجابة لإرادة الشارع العربي .. الذي بلغت قلوبه الحناجر، صبراً وترقباً لموقف عربي مشرف طال انتظاره منذ نصف قرن. العرب أجمعين ، يعلمون أن لاجدوى من انعقاد القمة العربية، مالم تتوافر القناعة مسبقاً بأهميتها، لكنهم في الوقت نفسه صاروا لا يختلفون على أن علي عبدالله صالح بصلابته في مواجهة العدوان وحرصه على التئام شمل إخوانه الزعماء أصبح «القمة» الحقيقية للعرب والمسلمين. ........................................................................ نقلا عن صحيفة الجمهورية