يعد التاج أحد أهم الإكسسوارات التي تحرص عليها العروس، فهو جزء لا يتجزأ من مظهرها في ليلة العمر. وربما كان بريق اللآلئ التي ترصع تاج الملكات قديماً، على اعتبار أنه رمز للسلطة والقوة، ساهم في انتقاله من على روؤس الملكات إلى العروس لتتوج نفسها ملكة ولو لليلة واحدة. لكن ليست كل واحدة تستطيع ان تحصل على تاج مرصع بالماس والأحجار الكريمة، لذلك ظهرت نسخ منه بأحجار في متناول اليد. كما ظهرت تيجان، أو بالأحرى، أطواق تغلب عليها الورود والياسمين. وربما يعود إقبال عروس اليوم على هذه الأخيرة، إلى اعتقادها بأن التربع في قلب الرجل أكثر أمنا وسلامة من التربع على عرش الحكم. تقول زاكية عبود، مصممة الأزياء السعودية، إن «فكرة تاج العروس المرصع بالأحجار الكريمة ترتكز على مظهر الملكات والأميرات، أو على الأقل، على رغبة العروس في التشبه بهن في أهم ليلة من عمرها. أما استبدالها له حاليا بأطواق الورد والياسمين، فتعود إلى توجه بعض المصممين إلى إضفاء مظهر أكثر رومانسية ونعومة على إطلالتها». وبين الحرص على الظهور بمظهر ارستقراطي فخم أو رومانسي حالم تبرز قصة أخرى من خلف التيجان بطلتها الحقيقية الطرحة العربية في نوع من التماهي وبأثر رجعي مع واقع حال المرأة من دون الحاجة للتشبه بأمبراطورة فارس أو أميرة ويلز، وهو ما تعلق عليه عبود بالقول «أصبح هناك توجه واضح على الطرحة العربية المنسدلة من الرأس حتى القدم بشكل انسيابي»، وهو تصميم بسيط لا يحتاج سوى إلى اكسسوارات بسيطة ليعطي العروس إطلالة متألقة، وربما هذا ما شجع العديد من العرائس على تبني أطواق الورد عوض تيجان بأحجار مستنسخة. وتبرز أهمية التاج لدى بعض افراد الطبقات المخملية كدلالة للجاه والمركز، على الرغم من تحوله في أرض الواقع إلى «مجرد قطعة انتيك»، بحسب سمير الأحمر، من بيت «معوض» للمجوهرات، الذي قال لنا إن «التاج تحول في الآونة الأخيرة إلى قطعة انتيك بسبب انحسار الطلب عليه، باستثناء بعض العائلات المقتدرة التي ما زالت تصر عليه كإكسسوار مهم ورئيسي في جهاز العروس». لكن في الوقت الذي انحسر دوره في الأعراس، فعلى ما يبدو، وجد له صنّاع الجمال وظيفة أخرى بوضعه على رؤوس الجميلات، حيث أصبح تقليدا أساسيا في حفلات تتويج ملكات الجمال، حتى يظل حلما يراود مخيلة الصبايا في كل الدنيا. ولا يعتبر الذهب الأبيض الذي تقوم عليه صناعة التيجان المعيار الأساسي، الذي يعطيه قيمته الفعلية، بل تدخل عوامل أخرى ترفع من سعره أو تخفض منه، بحسب قول الأحمر «على رأسها التصميم، الذي يعد أحد أهم العوامل التي تتحكم في سعر التاج، الذي قد يصل إلى المليون، وطبعا لا ننسى الأحجار الكريمة التي يرصع بها». والمقصود هنا ليس أية أحجار، فنوعيتها وحجمها يلعبان دورا كبيرا في تقييمه وقيمته. يقول محمد عابدين، مدير محلات هاري وينستون «أحد المعايير التي ترفع سعر التاج نوع وحجم وعدد الأحجار التي يتم تطعيمه بها. وفي الغالب هناك زيادة في الطلب على الزمرد والياقوت إلى جانب الماس». وفي الوقت الذي تتجه فيه معظم العرائس نحو البساطة يظل التاج اختيار البعض الآخر من ذوي الإمكانات العالية، على وجه الخصوص، لأن إغراء الماس لا يقاوم. بيد انه إذا كان البعض يجد في تتويج المرأة ملكة ولو لليلة واحدة، محاولة لاستعادة سلطة بائدة مارستها ملكات من أمثال زنوبيا ملكة تدمر وشجرة الدر التي حكمت مصر 18 شهرا، وبلقيس ملكة سبأ. هناك أيضا مَن لا يرى في ارتداء التاج سوى معان فارغة، فهو مثلا بالنسبة لمنيرة تركستاني، المشرفة التربوية بقسم علم الاجتماع، مجرد اكسسوار ترتديه العروس ليتوجها ملكة لليلة واحدة فقط، ولا يحمل بين فراغاته المرصعة بحبات اللؤلؤ والياقوت اية رمزية لسلطة يمكن أن تمارسها المرأة في مجتمعاتنا الذكورية بالكامل، لكن مع ذلك ما زال الحلم مستمرا، وما زال التاج، بكل أشكاله، حاضرا. ش.أ