بعد احتلال القدس في عام 1967 برز تيار بين ابناء الشعب الإيرانى يطالب بدعم الثورة الفلسطينية، وتبنت القوى السياسية هذا التيار، كما تبنته المنظمات الفدائية وقيادات الحركة الوطنية, وتعاطف معه بعض المفكرين والكتاب من مختلف الأحزاب والاتجاهات السياسية. كما كانت هناك علاقات بين المعارضة الإيرانيةوالفلسطينيين قبل الثورة الاسلامية التى اندلعت في 11 فبراير 1979، وأقام الخمينى (توفى فى 5 يونيو 1989) علاقات سرية مع منظمة التحرير الفلسطينية ، ففتحت معسكرات المنظمة في بيروت أبوابها لتدريب أنصار الخمينى. وقام هاشمى رفسنجانى (رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الحالى) بترجمة كتاب الأستاذ/ أكرم زعيتر عن القضية الفلسطينية الى اللغة الفارسية قبل الثورة . وكان ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أول شخصية عالمية تزور إيران بعد نجاح الثورة الإسلامية ، ولم يكن قد مر على إعلان نجاحها أسبوع واحد . وفى هذه الزيارة تم تخصيص مبنى السفارة الاسرائيلية للبعثة الفلسطينية فى طهران ، وكان هانى الحسن مستشار عرفات أول سفير لفلسطين في طهران بعد الثورة ، وتم افتتاح السفارة فى 19 فبراير 1979 ، وبلغ من حماس عرفات بسبب حرارة الاستقبال أن قال فى طهران : " إن الطريق الى بيت المقدس سيكون عبر طهران " ، والواقع أن إيران تعتبر قضية فلسطين قضية المسلمين جميعاً ، ولايزال موقف إيران داعماً مؤيداً لحقوق الشعب الفلسطيني فى تقرير مصيره وتحقيق استقلاله وإقامة دولته على أرض فلسطين . ومن مظاهر دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للقضية الفلسطينية : إعلان الخمينى فى يوم 20 رمضان عام 1399 ه .ق (1979) يوم القدس ، وجعله يوماً عالمياً ، واختار له الجمعة الأخيرة من شهر رمضان من كل عام موعداً للإحتفال . والإيرانيون يرفعون اللافتات فى المظاهرات التى تنظم فى هذا اليوم ، مكتوب عليها : الموت لأمريكا ، الموت لاسرائيل . وقد أصدر الخمينى يوم 26/11/1980 أوامره بتشكيل جيش المستضعفين ، وهو الجيش الذى عرف باسم "جيش العشرين مليوناً " ، وأعلن فى هذا الوقت أن من أهداف تكوين هذا الجيش : تحرير القدس . وفى عام 1982 عندما زحفت اسرائيل على بيروت ، وكانت القيادة الفلسطينية مهددة بالسقوط فى ايدى الإسرائيليين ، ابدى عدد كبير من الإيرانيين رغبته فى التطوع للدفاع عنها ، وسافر بالفعل حوالى الف وخمسمائة من رجال الحرس الثورى الي البقاع. فى عام 1984 اقترح آية الله حسين على منتظرى فكرة إنشاء جامعة للفلسطينيين فى إيران ، لكن الفكرة لم تنفذ . فى يوم 4/12/1990 عقد أول مؤتمر إسلامى عن فلسطين فى طهران استجابة لفكرة تخصيص يوم للتضامن الدولى مع الانتفاضة الفلسطينية والشعب الفلسطيني . إدانة مسألة نقل عاصمة إسرائيل من تل أبيب الي القدس : أفتى علماء الدين الإيرانيين بمشروعية العمليات الاستشهادية ضد العدو الإسرائيلي ، وبأن كل من يضحى بنفسه فى هذا السبيل يعد شهيداً ، كما أفتوا بوجوب تقديم المساعدات للمناضلين فى طريق تحرير القدس . كما أن من أهم مظاهر دعم القضية الفلسطينية والإيمان بمشروعية الحقوق الفلسطينية انشاء الجمهورية الإسلامية الأيرانية موقع فلسطين على الإنترنت باللغة الفارسية تحت عنوان : مركز الإعلام الفلسطينى (القسم الفارسى) : رسالة فلسطين الى الناطقين بالفارسية ، ورسالة الناطقين بالفارسية الى الفلسطينيين ، وهذا الموقع يساند حقوق الشعب الفلسطينى ، ويسلط الضوء على خصائص جهاده ونضاله وتراثه، ويفتح ابواب التاريخ والذكريات الفلسطينية وتداعياتها وتطوراتها وأبعادهاالمختلفة : تاريخياً وجغرافياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً وأدبياً ، ويفتح نافذة على القدسالمحتلة والمسجد الأقصى المبارك ، ويكشف جرائم الإرهاب الصهيونى وأبعاد المخطط الصهيونى ، ويقدم مجموعة من الأبحاث والتحقيقات والدراسات عن العدو الإسرائيلى وممارساته المختلفة، ويعرض الأحداث اليومية التى تجرى فى فلسطين ، ويلقى الضوء على الصمود الفلسطينيى وعلى معاناة هذا الشعب ومقاومته الباسلة . وهذا الموقع يشير الى الكتب والمؤلفات التى صدرت عن فلسطين بلغات مختلفة ، والى الأشعار التى نظمت عن فلسطين، وبالموقع أشعار باللغة الفارسية لشعراء ايرانيين عن فلسطينوالقدس ، كما توجد ترجمة بالفارسية لأشعار عربية نظمها شعراء عرب راحلون ومعاصرون عن فلسطين ، ومن هؤلاء الشعراء : محمود درويش ، نزار قبانى ، امل دنقل ، ابراهيم طوقان , غازى القصيببى , توفيق زياد , على محمود طه , ايليا ابو ماضى وغيرهم . وهذه بعض النماذج الشعرية الفارسية وهى لشعراء ايرانيين معاصرين : -يقول الشاعر " رضا اسماعيلى" فى قصيدة له بعنوان "الفية الجراح " وهى من الشعر الحر : فلسطين هويتى بدون فلسطين ، أظل بالسؤال المفقود حائراً فى بوادى الوهم لاتصلني اية اجابة آه يا فلسطين ترقبى الحرية ، فإننى سوف أحقق هدف الثورة بجيش من أحجار التمرد والعصيان وقريباً و سوف أحتفل بذكرى حكومة عيونك الجميلة وإذا كان العالم قد جلس اليوم فى مأتم الفية جرحى فغداً سوف يرفرف بيرق دمى فوق سقف الانتصار فى ذكرى انفجار ملحمتى الحمراء . غداً سوف تنتشر ورود جراحى العميقة على سواعد الانتفاضة الغيورة وسيكون سيف العدالة وميزانها من نصيب عيونى غداً يوم حساب مظلوميتى وأنت يا قدس ، يا قلبى الممزق فى القريب العاجل ، سوف تحتضنين النصر أليس الصبح بقريب وهذا الشاعر حسين اسرافيلى يخاطب فلسطين فى قصيدة بعنوان : " فلسطين الحريحة" فيقول : أخبريني يا فلسطين : هل سيحمل شهيد آخر مرفوع الهامة على الأكتاف القوية؟ شهيد ترفرف صورته مثلما يرفرف علم الثورة يا فلسطين الجريحة ، أخبرينى : كم خطوة بقيت على نهاية الليل وحتى السحر ؟ فى هذه الساحة التى تزخر بالجراح والبارود والدماء ، أخبرينى: كم روحاً بلا درع واق بقيت ؟ أخبرينى : كم فصلاً ستظلين فى النار ؟ كم فصلاً ستتنفسين فى الأنقاض والنار؟ كم فصلاً ستتنفسين فى سجن القفص من وراء القضبان والقيود وجدران الموت؟ اخبرينى كم من البثور والجراح التى أصابت قدميك أيتها العزيزة فى مرحلة الغربة هذه ؟ أنت ايتها البلاد الغارقة في الدماء ، أنت يا أرض الأحرار النجباء. يافلسطين الجريحة ، أشعلى نار الانتقام فى القلوب فى هذه المعركة وأكسرى بأحجارك زجاج عمر الشيطان ، فربما تلتئم جروحك. يقول سيد محمد صديق قطبى راد في قصيدة بعنوان " تراجيديا فلسطين" : مخاطباً فلسطين : يامن يجرى فى عروقى دمك وعشقك وحميتك ، ويا من تغلي وتجرى ينابيعك فى مفاصلى يايجدر بى أن أحمل الروح على أكف الاخلاص لعل الربيع يقبل بعد هذا الخريف يا ابنة الاسلام ، اذا كنت تريدين الوصول الى الأوج ، فإنه يمكن الصعود الى نجم الثريا بجناح الإيمان فللحرية والعزة ثمن باهظ ، ولايمكن الوصول الى قصور الآمال بدون مقابل وهو يخاطب المجاهد الفلسطيني في القصيدة ذاتها ، فيقول : تكلم حتى يهدأ طوفان آلامك ، وأكشف النقاب عن جروحك القديمة صر كالبركان وحرك شررك ، واكشف اللثام عن اسرارك الدفينة وانخرط في سلك الرجال المجاهدين ، وحطم بمعولك جسد الظلم والعدوان وثبت الجذور فى أرض القرآن الخصبة ، حتى تنبت الأغصان والأوراق الخضراء من جديد وهو يتكلم بلسان حال فلسطين ، فيقول : كنت مستقراً لطائر السلام والعدل ، واليوم خيم سحاب الموت علىّ وامتطى بؤم الحرب والمذابح المشئوم مطية الظلم والعدوان ، ووطأ سقفى ويخاطب القدس فى القصيدة نفسها ، فيقول : يا قدس ، يا مهد الوحى والأنوار الالهية ، يا قبلتنا الأولى ، ويا موئل الروح يا مهبط خاتم الرسل فى ليل المعراج و يا من حبك والفخر بك كامنان فى الصدور وللشاعر عباس براتى پور أشعار كثيرة عن القدس ، فهو يقول فى قصيدة بعنوان "ياقدس" : يا قدس ، ايتها الملحمة المثيرة ، انهضى لدفع ظلم السامريين انظرى ، فإن ربيع المهمومين أصبح خريفاً بسبب الشر الصهيونى لقد حكم ابليس كل الوديان ، وأصبح خريفاً بسبب الشر الصهيونى لقد حكم ابليس كل الوديان ، وأصبح ظلمه أشد من ظلم جنكيزخان وما أكثر الصدور التى انفطرت بسبب الحقد والبغض وما أكثر العيون التى امتلأت بالدماء الشيوخ والشبان والأطفال يتمرغون فى التراب والدماء فى كل مكان وصوت النحيب والبكاء يصل من كل الأحياء فأخرجى السيف من غمده بلا احتزاز ، وانتقمى للشهداء ، وعلقى الصهاينة الأوغاد فى أعواد المشانق واجذبى زمام المعركة بدون تأخير ، وامتطى جواد القتال وقاتلى. وأحرقى النماردة والأنذال الأوغاد ، والقى بالظالمين السكارى فى النيران واطلبى النصر من الله عز وجل من اجل اسعاد قلوب عموم المسلمين الدم ينتصر علىسيف الظلم ، فانهضى وتمردى على الآلام والأحزان وللشاعر عباس براتى بور ايضاً رباعيتان ، الأولى بعنوان "يوسف سجين القدس" والثانية بعنوان " القدس المظلومة " يقول فى الرباعية الأولى : ستنزاح آلام القدس الدفينة ، وسينجلى فى النهاية ليل القدس المظلم قل للسامريين إن موسى سوف يصل ، لكى يطلق سراح يوسف سجين القدس ويقول فى الرباعية الثانية : الدموع التى فى العيون غزيرة ، والآهات التى فى الصدور حارقة والصمت مبين مثل الطائر المحبوس فى القفص ، وفى ثنايا القلب الف صرخة . * أ.د. يحيي داود عباس استاذ اللغة الفارسية بجامعة الأزهر