دعت دراسة إلى وضع استراتيجية وطنية للاستثمار في رأس المال البشري تستهدف تحسين المستوى الصحي والتعليمي والمعيشي من خلال تحقيق نمو اقتصادي مضطرد. وأكدت الدراسة التي أعدها الدكتور جعفر حسين منيعم أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن على أهمية خفض معدل النمو السكاني إلى مستوى يتناسب مع الموارد الطبيعية للبلاد وخفض معدل البطالة إلى مستويات مقبولة وتنظيم سوق العمل والارتقاء بمستوى التعليم المهني والتقني وتطوير التعليم الجامعي. وأشارت إلى أن تحسين مستوى أداء الاقتصاد الوطني ورفع معدل النمو الاقتصادي وتقليص معدلات البطالة من خلال زيادة معدلات الاستثمار وإزالة المعوقات التي تقف أمام حركة الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي وتوسيع قاعدة الملكية من خلال تهيئة المقومات القانونية والاقتصادية للانتقال من المؤسسات الفردية ذات النمط العائلي إلى نظام الشركات المساهمة لخلق فرص أكبر للتوظيف وزيادة مداخيل الأفراد. وأوضحت الدراسة أن التوزيع العادل لثمار التنمية يتطلب إعادة النظر في سياسات الأجور والضرائب ومحاربة الفساد المالي والإداري لذلك من الضروري مراجعة هياكل الأجور والمرتبات تبعا لتغيرات الأسعار ومعدلات التضخم السائدة وتخفيض العبء الضريبي على شرائح الدخل الدنيا والمتوسطة ومكافحة التهرب الضريبي. وشددت على أهمية مراجعة هيكل الإنفاق العام في موازنة الدولة باتجاه زيادة الإنفاق على الخدمات الاجتماعية والتي يأتي في مقدمتها رفع نسب الإنفاق على الصحة للوصول بها إلى مستوى أعلى من 5% من إجمالي الإنفاق العام مع إعطاء اهتمام أكبر لتوفير الخدمات الصحية في المناطق الريفية. وعلى الرغم من أن نسبة الإنفاق على التعليم تعتبر جيدة إلا أن الدراسة شددت على زيادة الإنفاق الاستثماري المخصص للتعليم في الموازنة العامة بحيث تنعكس على زيادة عدد المدارس والتجهيزات المدرسية والمختبرات العامة وغيرها مما يسمح بالانتقال بنظام التعليم إلى الاهتمام بالنوعية إلى جانب التوسع الكمي. وأوصت الدراسة بضرورة قيام الحكومة بتقديم حوافز وتسهيلات للشباب حتى يقبلوا على المعاهد الفنية والتقنية من خلال تشكيل جمعيات لخريجي المهنة الواحدة وتقديم القروض الميسرة لهم والمزايا الأخرى للبدء في مشاريعهم الخاصة بالإضافة إلى التركيز على التخصصات الجديدة في الجامعات والتي تتطلبها حاجة السوق، كما ينبغي الاهتمام بالبحث العلمي من خلال رفع مخصصاته في موازنات الجامعات الحكومية. وأكدت على أهمية مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار في رأس المال البشري على أن تكون منظمة في إطار رقابة تامة من قبل الحكومة ومؤسساتها المعنية لأنها تمس أهم عنصر في التنمية وهو العنصر البشري، مشيرا إلى ضرورة توجيه الاستثمار الخاص نحو مجالات تنمية الموارد البشرية التي تلبي حاجات المجتمع ثم خلق حالة من التنافس بين الاستثمار العام والاستثمار الخاص في هذا الجانب لتقديم الأفضل في مجالي التعليم والصحة مع مراعاة كلفة هذه الخدمات التي يتحملها الأفراد بحيث تناسب قدراتهم المالية وتوفر للقطاع الخاص قدرا كافيا من الأرباح. ولفتت إلى أن زيادة الاستثمار في قطاعي التعليم والصحة ستكون ذات أثر عظيم في رقي مجتمعنا وقدراته على بناء وطن متقدم في جميع الجوانب رغم أن هذا الأثر سوف يظهر في الأجل الطويل. ويعتبر الاقتصاديون أن ضعف الاستثمار في رأس المال البشري يعد مسئولا عن تباطؤ النمو في البلدان النامية وبالتالي فإن تخلف مستوى التعليم والمعرفة ومستوى مهارة القوى العاملة من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض إنتاجية رأس المال المادي فالحاجة إلى الاستثمار في رأس المال البشري في هذه البلدان تعتبر مؤكدة إذ أنه على الرغم من الاستيراد الكبير لرأس المال المادي فإن هذه البلدان غير قادرة على تسريع معدلات نموها الاقتصادي بسبب تخلف مواردها البشرية وقد تحقق البلدان النامية بعض النمو إلا أنه يكون محدودا بسبب محدودية مستوى تطور مواردها البشرية.