ضمن الرهانات المستقبلية للحكومة اليمنية في تنمية مواردها الاقتصادية والمالية، يتصدر القطاع السمكي قائمة حسابات الخطة الخمسية (2006 – 2010م)، وينضم كلاً من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي إلى صف الحكومة اليمنية في رهانها الوطني على الأسماك التي تعد من أهم الموارد التي لم تخضع بعد لخطط الاستثمار المثل. طبقاً لتقرير وزارة الثروة السمكية فإن الاستعدادات جارية على قدم وساق للبدء بتنفيذ مشروع إدارة المصائد السمكية والحفاظ عليها ( مشروع الأسماك الخامس ) الذي يعد اكبر مشروع من نوعه تنفذه الوزارة بالتعاون مع البنك الدولي والاتحاد الأوربي في إطار البرامج الاستثمارية لتنمية القطاع السمكي في اليمن ضمن الخطة الخمسية الثالثة 2006/ 2010 م والتي رصدت للقطاع السمكي 120 مليون دولار.
ويمثل مشروع إدارة المصائد السمكية والحفاظ عليها أحد مجالات الاستثمار الحكومي في القطاع السمكي خلال الخطة الخمسية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمتوقع البدء فيه مطلع العام الحالي 2007م، بتكلفة إجمالية تصل إلى (35) مليون دولار بدعم من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والحكومة، ومدته أربع سنوات من تاريخ التنفيذ.
ويعد مشروع الأسماك الخامس من المشاريع السمكية الإستراتيجية التي تهدف إلى تطوير وتحسين البنية التحتية السمكية وتمكينها من القيام بمهامها في عملية ترشيد عمليات الاصطياد ومراقبة جودة المنتجات السمكية عند عمليات الاصطياد والتداول والعرض والبيع للمنتجات السمكية. وبحسب البرنامج التنفيذي للمشروع سيتم إعادة تأهيل الموانئ السمكية في كل من "الحديدة" و"الخوبة" بمحافظة الحديدة و"نشطون" بمحافظة المهرة. وقد تسلمت الوزارة نحو (31) طلباً من الشركات العالمية الاستثمارية للدخول في المناقصة والمنافسة لتأهيل الموانئ السمكية من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وجمهورية مصر العربية ودول أخرى. ويعتبر هذا العدد الكبير من المتقدمين من ذوي الخبرات والمؤهلات العالمية بمثابة إعادة الثقة الكبيرة من قبل الشركات العالمية لوزارة الثروة السمكية من خلال الإجراءات المتبعة والمتفقة عليها مع المانحين في تنفيذ مثل هذه الأعمال وبشفافية كاملة.
ويأتي مشروع الأسماك الخامس في إطار البرامج الاستثمارية لتنمية القطاع السمكي في اليمن ضمن الخطة الخمسية الجديدة، والذي رصدت له الحكومة (120) مليون دولا ، ليشكل رافداً كبيراً للقطاع السمكي، كونه واحدا من القطاعات الواعدة في الاقتصاد الوطني .. كما أن المشروع السمكي الخامس سيركز بشكل أساسي على تطوير البنية التحتية للثروة السمكية الهائلة في اليمن، وتدعيم عملية مراقبة الجودة بما يرقى إلى المستوى المطلوب، إلى جانب انه سيعمل على إنشاء محطات بحثية وشبكة معلومات سمكية وربط الوزارة بمؤسساتها السمكية والبحثية ومواقع الإنزال الساحلية على طول الشريط الساحلي لليمن، الممتد من ميدي على البحر الأحمر مرورا بخليج عدن وانتهاء بمنطقة شحن المحاذية لسلطنة عمان على بحر العرب بمنظومة متكاملة لشبكة المعلومات لضمان وجودة تدفق المعلومات والإحصائيات ومعرفة الكميات المصطادة من الأسماك والأحياء الأخرى وعدم تجاوز السقف المحدد للاصطياد.. لافتاً إلى ان الوزارة قد تلقت موافقة منظمة الأغذية والزراعة العالمية " الفاو " بتمويل هذا المركز للمعلومات السمكية ، وسيتم بدء الأعمال التجهيزية له في فبراير المقبل. وسيتم العمل أيضا على بناء موانئ سمكية، وكواسر أمواج، وساحات حراج جديدة في مدن المحافظات الساحلية، وكذا إعادة تأهيل وتوسعة العديد من موانئ الاصطياد السمكي ، إلى جانب انه سيعمل على خلق مراكز لتربية الأحياء المائية بحيث تكون نواه للاستزراع السمكي في الجمهورية اليمنية. ويتضمن هذا المشروع دعم مكونات إعادة هيكلة وزارة الثروة السمكية في اتجاه اللامركزية على مستوى أنشطتها وتفعيل النظام الإحصائي وشبكة المعلومات، وكذا دعم الجمعيات والتعاونيات السمكية، وتفعيل دور الرقابة والتفتيش البحري. كما تعتزم شركة تركية متخصصة خلال العام 2007م استثمار نحو (100) مليون دولار لإقامة مشاريع في قطاع الأسماك في اليمن. وسيبدأ فريق فني تابع لشركة "أجرو" التركية للاستثمار خلال الأيام القادمة بالنزول الميداني إلى عدد من المناطق الساحلية لدراسة تنفيذ الإجراءات الأولية للمشاريع السمكية التي تعتزم الشركة تنفيذها. وتنوي شركة "أجرو" تنفيذ عدداً من المشاريع السمكية، تشمل إقامة مركز للصادرات السمكية المجهزة بأحدث التقنيات والمواصفات للتصدير، ومشاريع للاستزراع السمكي. وكانت الشركة التركية وقعت في منتصف مايو الماضي 2006 اتفاقية مع وزارة الثروة السمكية اليمنية تقوم بموجبها الشركة بإنشاء مركز أو مركزين لإعداد وتنمية الصادرات السمكية مجهزة بأحدث التقنيات والمواصفات للتصدير، وإنشاء مزارع متطورة لتربية واستزراع الأسماك والأحياء البحرية، وتقديم عشر منح كحد أدنى سنويا لتدريب الفنيين على مدى ثلاثة سنوات. وقد قدمت شركة "أجرو" مؤخراً لوزارة الثروة السمكية بموجب الاتفاقية الموقعة خطة العمل للمشروع ومكوناته وإعداد التصاميم الهندسية، والمواصفات الفنية ودراسة الجدوى الاقتصادية، تنفيذا لبنود الاتفاقية التي نصت على موعد أقصاه ستة أشهر من تاريخ التوقيع. كما وافقت الشركة بأن تؤول كافة ممتلكات وأصول المشروع الثابتة لليمن بعد عشرين عاما من بدء التشغيل الفعلي للمشروع. ويأتي تنفيذ هذا المشروع في الوقت الذي تعمل الحكومة على تنفيذ مشروع ترويجي لاستقطاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للاستثمارات في مشروع الاستزراع السمكي الذي يضم (35) موقعاً صالحاً للاستزراع على الشريط الساحلي لليمن. وعليه استكملت الوزارة إعداد دراسات كاملة حول المشاريع السمكية لتقديمها إلى مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار في اليمن المقرر عقده بصنعاء في فبراير القادم ، حيث إن القطاع السمكي في اليمن يعد قطاعاً مغرياً وواعداً بالاستثمارات المربحة، وستعمل الوزارة على عرض كافة الفرص الاستثمارية في القطاع السمكي خلال أعمال المؤتمر. أما من حيث الفرص الاستثمارية المتاحة فهي تشمل على استزراع الأحياء البحرية والبيئة والمناطق الملائمة لإقامة مثل تلك المشاريع، بالإضافة إلى فرص استثمارية في مجال الاصطياد في المناطق الاقتصادية والإقليمية، وفي مجال التصدير ومخازن التبريد ومصانع التعليب والأسماك والتونة، وكذا صناعة معدات الصيد والقوارب. وستطرح الوزارة أيضا المواقع الصالحة للاستزراع السمكي على طول الساحل اليمني وعلى أن يتم البدء مطلع العام 2007 تنفيذ برنامج ترويجي على نطاق واسع محليا وخارجيا وفق خطة تمتد للفترة من 2007 إلى 2008 م . وعلى نفس الصعيد فإن الحكومة ستبدأ العام 2007م بإنشاء مزرعة نموذجية في منطقة اللحية على البحر الأحمر بطاقة إنتاجية تصل إلى (1000) طن من الجمبري، في الوقت الذي ستبدأ فيه شركة ألمانية في يناير الحالي الأعمال الإنشائية لأول مشروع من نوعه لمزرعة مغلقة لتربية الأسماك على مستوى البلاد العربية في منطقة "شحير" الساحلية المطلة على بحر العرب بمحافظة حضرموت شرقي اليمن بتكلفة تبلغ (15) مليون يورو، وبطاقة إنتاجية (500) طن سنوياً من سمك الجمبري وغيره من الأسماك المرغوبة خارجياً. وتدرس الوزارة طلبات أجنبية للاستثمار في مزارع "حرية" لتسمين التونة وإنشاء مزارع بحرية مغلقة. وتشير أخر الدراسات والبحوث السمكية العلمية ونتائج المسوحات التي نفذت من قبل البعثات والمنظمات الدولية، ومركز أبحاث علوم البحار، بالتعاون مع المعاهد العلمية البحثية والسمكية الروسية: أن المياه الإقليمية اليمنية غنية بأكثر من (450) نوعاً من الأسماك والأحياء البحرية، يتم استغلال واصطياد ما بين (60) إلى (70) نوعاً من هذه الأنواع، إلى جانب إن أكثر من (500) ألف فرد في الجمهورية اليمنية يستفيدون مباشرة من القطاع السمكي، إذ يوفر أكثر من (100) ألف فرصة عمل بينها، (70) ألف فرصة عمل في الاصطياد، و(30) ألف في الصناعات السمكية والأنشطة الأخرى المرتبطة بها في القطاع والتي بلغت أكثر من (40) منشأة سمكية، منتشرة في المدن الساحلية الرئيسية الثلاث "الحديدة، عدن، حضرموت" بشكل رئيسي، بينها (23) منشأة صناعية حاصلة على الرقم الأوروبي. وتؤكد الدراسات أن إنتاجية منطقة خليج عدن وسقطرى والجزء الجنوبي من البحر الأحمر تفوق إنتاجية العديد من المصائد السمكية الأخرى لتميزها بإنتاجية بيولوجية عالية، وتنوع بيولوجي وحيوي، إضافة إلى ظاهرة التقلبات المائية نتيجة هبوب الرياح الموسمية الصيفية الجنوبية الغربية التي ينتج عنها صعود الكتل المائية الباردة، وهبوط التيارات المائية السطحية الحارة. كما تشير الدراسات والبيانات الإحصائية السمكية إلى أن مستوى إنتاجية البحر الأحمر تتراوح سنويا ما بين (18 ألف طن - 20 ألف طن)، بينما إنتاجية خليج عدن والبحر العربي تتراوح في العام ما بين (90) ألف طن إلى (120) ألف طن ويمكن زيادتها إلى أكثر من (300) ألف طن في حالة استغلالها بطريقة جيدة. ويعد قطاع الأسماك أحد القطاعات الاستثمارية الواعدة في اليمن، إذ تملك الجمهورية اليمنية شريطاً ساحلياً يصل طوله إلى أكثر من (2200) كيلو متر، كما تمتلك أكثر من (130) جزيرة بحرية ذات أهمية كبيرة للحياة البحرية والثروة السمكية، إضافة إلى تنوع الشواطئ اليمنية على البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، وكذا شطآن الجزر والذي جعل الثروة السمكية اليمنية متنوعة في بيئتها ومعيشتها من اسماك سطحية وقاعية، حيث تصل مساحة المسطحات المائية في اليمن إلى أكثر من (700) ألف كيلو متر مربع الأمر الذي يعزز من أهمية الثروة السمكية الهائلة التي تتمتع بها اليمن.