ما فيش فايدة..لا حياة لمن تنادي..أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي..تحياتي إلى جدتك، كلها عبارات تعبر عن حالة الإحباط واليأس التي يعيشها الشاب المسلم في عصرنا الحالي..الإحباط واليأس الذي يلف به من كل ناحية بالضبط كما كان الحماس والسذاجة تلف الشاب المسلم في القرن الماضي..إحباط ويأس منبعه رغبة بسيطة مشروعة في البحث عن شيء "أي شيء" يفتخر به فلا يجد ..منبعه رغبة بسيطة ومشروعة في البحث عن قشة يتعلق بها قبل أن يغرق فلا يجد حتى تلك القشة.. منبعه انه بدلا عن القشة يجد على الشاطئ الكثيرين يقنعونه بان الغرق أسهل و"ألذ" ويجد من يدعون عليه بالغرق ويجد من يصرخ فيهم "انجدوني..أنقذوني" فيردون عليه بعد تفكير عميق وإعمال للعقل الحل كل الحل.. في بول الرسول. الإحباط واليأس للأسف هي مشاعر طبيعية في هذا العصر، عصر أصبح فيه العقلاء منبوذين وأصبح الحكماء "قليلين عقل" وأصبح العلماء يفتون في كل شيء من رضاعة الصغير إلى رضاعة الكبير" ولو أنها بالتأكيد ليست رضاعة " ومن تحريم الخمر إلى تحليل البول دون أن يفتوا أو حتى يتحدثوا عن أي شيء يهمك فعلا..تلك الفتاوى التي صدرت مؤخرا تنظم إلى الطابور الطويل من الفتاوى الجنسية التي توصف أنها "فري لألله "كما يقول أهل الشام أو الفتاوى المالية التي توصف بأنها "تدحرج المسائل" كما يقول أهل مصر.. تلك الفتاوى تقنعنا بل وتفحمنا بأنه بلا شك عصر اليأس والإحباط بامتياز. ففي الأيام الأخيرة خرجت فتاوى أثارت استياء كل العالم الإسلامي معبرة عن امتداد لتيار ديني تفرغ لحل مشاكل لا تهم احد والرد على أسئلة لم يسألها احد والاهتمام بقضايا لا تهم احد تاركة قضايا الأمة الهامة متفرغة للبول والرضاعة حتى انطبق عليها القول الشهير للفنان عادل إمام"ترك الجيوش والمماليك وقعد يمضي في أطباق" وفوق هذا أنها تصب ماء النارعلى وجه الدين السمح في محاولة من ضمن ملايين المحاولات لتشويه وجهه الجميل.. هذه الفتاوى شوهت الإسلام في عيون غير المسلمين وجرحت المسلمين أمام غيرهم. ضع نفسك في مكان أي شاب مسلم يناقش شاب أوروبي حول الإسلام ويحدثه في حماس عن روعة هذا الدين ألن يقول له الأوروبي وهو يداري ابتسامة خبيثة "ألستم انتم من تمنعون مصافحة المرأة للأجانب ولكنكم تحللون رضاعة الأجانب منها؟؟؟ ألستم انتم من تحرمون الاختلاط للمرأة في العمل إلا بشرط أن يرضع من ثديها زملائها؟؟؟ ألستم من عبث الأمريكيون ببغداد وقتلوا إخوانكم فيها واغتصب اليهود أخواتكم في فلسطين وأصبح امن إخوانكم في لبنان لعبة يتسلى بها "أي شخص فاضي" ؟؟؟..ألستم انتم من يعاني من كل هذا فيجلس علمائكم ليتناقشوا في جدية واستفاضة هل كان بول الرسول مقدسا أم لا؟؟؟؟" لو كنت مكان الشاب المسلم ألن تشعر بالإحباط واليأس؟؟؟ألن تشعر أن هناك من يقول لك.. تحياتي إلى جدتك؟؟؟ مثلي مثل كل مسلم احترم واجل علماء الإسلام ولكن للأسف أن بعض علمائنا أحبطونا فلو بقوا هم عند فضلات الرسول الأعظم من سيصل إلى فكره العظيم ولو ضلوا عند مشكلة رضاع الكبير"فيما يبدوا انه حالة فطام فاشلة" فمن سيبحث ويدرس المشاكل الرهيبة التي نعاني منها.. إن ضلوا يشرحوا لنا بأي قدم ندخل الحمام وبأي قدم نخرج منه فمن سيشرح للمسلين بأي قدم يدخلوا إلى فلسطين وبأي قدم يخرجوا من البار؟؟؟؟؟؟؟ من هنا ينبع الإحباط واليأس لجيل بأكمله لست أبالغ بل إني اصف واقع يقف ويرقص و"يتبنع" أمامنا ونكون أغبياء إن لم نراه.. واقع سكران مسطول يحكي لنا أشياء غريبة ولكنه يضل واقع.. واقع يقول لنا في استفزاز أن بيلوسي حريصة على تحرير العراق أكثر من المالكي وان جنبلاط حريص على هزيمة لبنان أكثر من اولمرت وان بعض شيوخ الإسلام حريصين على الفاتيكان أكثر من البابا. صحيح أن هناك دائما ضوء في آخر النفق ..علينا أن نتحسس الظلام فيه ونتحدث عنه ونفهمه كي نصل إلى الضوء وعلينا أن نقوم ونقف ونعترض ونصيح ونقول لعلمائنا وكتابانا وصحافتنا وشيوخنا احترموا عقولنا والتفتوا إلى مشاكلنا قليلا فالمسلمين اليوم تهمهم قضايا احتلال الأراضي وتشويه سمعة الإسلام والحرب الشرسة التي تشن على أبنائه أكثر بكثير من أهمية زواج المسيار والمسفار. ما أردت أن أقوله انه لو ضل علمائنا يحشروننا في هذا الإطار الضيق الذي يهتم بكل شيء لا يهمنا في الحياة فتلك مشكلة ولو أصبح علمائنا احد العناصر في تشويه هذا الدين فتلك كارثة ولو لم يظهر لعلمائنا أي اهتمام في مناقشة المشاكل الحقيقية لهذه الأمة فهذا ما يستوجب أن نقول.. تحياتي إلى جدتك. وفي الأخير لا يسعني إلا أن اذكر بأغنية للسيدة فيروز أغنية قد تحب أن تسمعها عقب أي فتوى دينيه تهين عقلك أو أي تصريح سياسي يستفز كرامتك..قد ربما تحب أن تسمعها وأنت تتذكر بعض القصص عن ابن رشد و ابن سينا وعن أيام كان الإسلام يعني علما ونورا يضيء الكون..أغنية تقول في حنين جميل.. "سنرجع يوما..."