أكد مثقفون وشعراء ونقاد يمنيون وعرب على أهمية ومكانة الروائي والأديب اليمني / وجدي الأهدل (صاحب رواية قوارب جبلية ) والتي أثارت في العام 2003 م جدلاً كبيراً على مستوى اليمن والوطن العربي بوصفه من أبرز الروائيين اليمنيين الذين استطاعوا أن يحفروا لنفسهم مساحة كبيرة وملفتة للنظر في المشهد الروائي الأدبي اليمني والعربي. وغدى رمزاً للإبداع السردي اليمني في العصر الحديث كواحد من الراويين الشباب الذين واكبوا كتابة السرد الروائي اليمني و أنظموا إلى قافلة الرواد الراويين اليمنيين أمثال الراحلان / زيد مطيع دماج ومحمد عبد الولي بوصفهما من أشهر الأدباء على مستوى العالم. وأكدوا أن وجدي الأهدل سيظل علامة مضيئة في تاريخ السرد الروائي ورائد لجيل الشباب المبدعين بامتياز،مبدعاً وروائياً يشبه نفساً مثقل بالأحزان مثلما أعماله مثقلة بالإبداع. جاء ذلك خلال فعالية أقامتها مؤسسة الإبداع مساء اليوم السبت خصصتها للاحتفاء بالعمل الروائي الأخير لوجدي الأهدل (السقوط من أعلى شرفات العالم) الصادر مؤخراً عن مركز عبادي للدراسات والنشر – بصنعاء، وفي الأمسية الاحتفائية التي حضرها مجموعة من الأدباء والشعراء والمثقفين والنقاد وكتاب القصة والسرد الروائي اليمني،وفي مقدمتهم جماعة "العراطيط الأدبية "التي قدمت من محافظة تعز بقيادة عز الدين العامري وريان الشيباني. وأستهل الناقد والشاعر/ عبد الرقيب الوصابي في معرض تقديمه الأديب الأهدل مبيناً أن إبداع وجدي الأهدل يشبه نفسه تماماً، وقال: ومثلما سيظل يشبه نفسه سيظل كذلك مثقل بالأحزان وأعماله مثقله بالإبداع ..محتفظاً بالكلام الأنيق وكل هموم الفلاسفة المعجبين ، وله أن يكتب ما شاء، وأعتبر الوصابي أن الاحتفاء بهذا المبدع الشبيه المختلف يعد احتفاءً استثنائياً- فنصوصه العظيمة هي تلك التي تنزعنا من أعماقنا لتعيدنا إلينا – لنلقي حينها و ذاتنا نظرة من الخارج وأخرى من الداخل. بدوره الأستاذ عبد السلام عثمان- مدير عام المؤسسة جدد تأكيده أن مؤسسة الإبداع ستظل دائماً وأبداً مستمرة في تكريس منتداها الأسبوعي لكل الإبداعات الشبابية وغيرها ولن تألوا جهداً في التواصل مع المثقف والأديب على حد سوى، مبيناً أنه لولا الإعداد والتحضير لموسوعة أعلام اليمن ومثقفيه عبر التأريخ والتي أخذت الكثير من الوقت لدى القائمين في المؤسسة ومنتدى المثقف العربي –بالقاهرة لكان دور منتدى الإبداع الأسبوعي مكرساً بشكل أشمل وأكبر وواسع لنشاطاته وأمسياته الثقافية والفكرية الشاملة. وعبر عن اعتزاز مؤسسة الإبداع لتكريس أمسية هذا السبت للأديب الروائي / وجدي الأهدل مؤكداً على أن المؤسسة تفخر طيلة مشوارها الإبداعي بما قدمته من خلال استضافتها للعديد من المبدعين وخصوصاً الشباب بعيداً عن أي "اتيكيت " وترتيبات مسبقة على غرار الأمسيات التي تقام في المؤسسات الثقافية اليمنية الأخرى، مشيرا إلى أن منتدى الإبداع قد كرس كل فعالياته من باب إعداد وتشجيع المبدعين على الظهور بالشكل البسيط والمتواضع. وكانت قد قدمت خلال الأمسية العديد من المقاربات و الدراسات النقدية والانطباعية حول (السقوط من شرفات العالم) للمحتفى به قدمها عدد من النقاد والأدباء والمهتمين ، فقد أعتبر الناقد والأديب صبري الحيقي الروائي(السقوط من شرفات العالم) لوجدي الأهدل غنية "بتجربة ثرية من الخيال، معرجاً إلى أن تقنية التغريب التي أستخدمها الأهدل في كتابة السرد قد جعلته يتنبه إلى رصد التقريب في الأماكن والأحداث بداية من خلال وجود شخصية الجوكر، كتكتيك بصري لوجود شخصية "الجوكر" كرمز ودلالة لسقوط الخطيئة. وقال الحيقي"إن العمل يقدم رؤية تذكر بالأعمال الروائية الكبيرة من خلال الحبكة في مستوى التناص والتناغم في السرد. كما تحدث كل من الناقد صدام الشيباني مسترسلاً بمداخلة مطولة عن(السقوط من شرفات العالم) تلاه مقبل نصر غالب، و سيف رسام، وآخرون- حول انطباعاتهم، وقال: الأديب والشاعر إبراهيم طلحة : إن السقوط من شرفة العالم ليس عملاً مسرحياً فحسب.. بل إنه إطلاله من شاهق الرؤيا..وترميمٌ للشروخ بين الشمال والجنوب ، شمال الأغنياء وجنوب الفقراء، وتعبئة للمساحات الهامشية الواقعة إلى أسفل المجتمع المنقسم إلى طبقات. وأشار طلحة إلى أن الأهدل من خلال عمله الروائي يحاول النهوض بكاهل الكائنات النامية ونقلها إلى مصاف كائنات اكتمالية بحسب المقتضيات الضرورية والكمالية المتعارف عليها، آخذاً باعتبارات المثيولوجيا لترسيخ بعض القناعات الواقعية وإن كان لم يحاول ترسيخ قناعات اليقين بها، منوها إلى أن السقوط من شرفة العالم معادِلٌ موضوعي وإنساني لتقديم التنازلات الفكرية والدينية والسياسية أحياناً. وفي مداخلة للأديب والكاتب صادق غانم أشار معقباً إلى أن العمل الروائي للأهدل أتسم بالضبابية، من خلال حضور (سارتر) في المسرحية كمناهض للاستعمار الفرنسي للجزائر وأن سارتر لا يأتي ضمن فلسفته الوجودية، بل كان موقفه هذا نابعاً من تحوله من الوجودية إلى اعتناق الشيوعية، ومن جهة أخرى فإن الولع بتثبيت الزمن صفة غلبت لدى المدرسة الرومانسية، وأضاف غانم: أما العلاقة بين الوجود – الزمن -الميثافيزي بقياس فهي فعلاً فلسفة وجودية ،لكنها لا تخص (سارتر) بقياس وأكد غانم على أن القراءة النقدية الغالبة للعمل الفني هي تلك التي تعتمد على الانطلاق من افتراض إيديولوجيا تقف خلف كتابة النص ومحاولة إسقاط ذلك على السياق والرمز والأدوات الفنية، بينما أزعم على حد تعبير صادق غانم ن في حال الحديث عن ضرورة التسليم بهكذا قراءة فإن الناقد ربما يكون منصفاً أكثر إذا ما أنطلق من قراءة أدوات الفنان ومن ثم- في حالة على قراءة هذه الأدوات لعبرن الايدولوجيا المفترضة لموقف هذه الأدوات. وأوضح الشاعر أحمد السلامي بدوره في معرض مداخلة له أنه إذا كان الاحتفاء بالمسرحية فإنه يعبر عن الاحتفاء في المشهد السردي اليمني، في وقت تحولت الرواية إلى اصطفاف واسع، ووجدي الأهدل أستطاع أن يوحد الاصطفاف في السرد اليمني والولوج به إلى المتلقي العربي لنقل ما يعانيه الأديب اليمني، ولهذا فقد عزز وجدي الثقة إلى الوصول إلى ما نرجوه لنغادر الأسوار والاحتفاء به وبعمله الإبداعي المسرحي الروائي المتميز والمدهش أيضاً لغة وإبداعاً وسرداً. يشار إلى أن العمل الأخير لوجدي (السقوط من شرفة العالم) يأتي رابع عمل إبداعي أصدره بعد أن سبق وأصدر" قوارب جبلية "والتي أثارت في عام 2003 م جدلاً وصودرت آنذاك من الأسواق، و"فيلسوف الكرتينة"و"زهرة العابر"(نصوص)،و"حمار بين الأغاني" و"رطانة الزمان المقماق". من جهة أخرى تحتفي مؤسسة الإبداع مساء السبت القادم بكتاب" قضايا معاصرة في القرآن الكريم " الذي صدر مؤخراً لمؤلفه الأديب والشاعر والتربوي القدير / مقبل نصر غالب، وسيتم خلال الأمسية والتي سيحضرها العديد من الأدباء والمهتمين تسليط الضوء على كتاب مقبل.