لم يمنع اتفاق الهدنة بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين من إزالة المخاوف بشأن اندلاع حرب سابعة في اليمن، والتي بدأت تلوح مؤشراتها في الأفق نتيجة عدم التزام الحوثيين بالاتفاق المبرم مع الحكومة. آخر هذه الخروقات إطلاق بعض العناصر الحوثية النار على طائرة عسكرية كانت تحلق فوق مدينة صعدة وتقوم برحلات روتينية لنقل قادة عسكريين وإداريين إلى محافظة صعدة للقيام بعملهم، غير أنها لم تصب نتيجة إطلاق النار. لم يكن هذا الاختراق الوحيد للهدنة من قبل المتمردين الحوثيين وإنما سبقتها خروقات كثيرة دفعت بإحدى اللجان العاملة على إحلال السلام في مديرية "حرف سفيان" بمحافظة عمران شمال اليمن إلى التوقف عن عملها نتيجة الخروقات الحوثية للهدنة. وعلى الرغم من عودة اللجنة لمواصلة عملها فإن القلق ما زال قائما ويهدد حلم السلام الذي يسعى إليه الشعب اليمني بعد معاناة في حروب ست راح ضحاياها آلاف الأبرياء من المواطنين، كان آخرها الحرب السادسة التي انتهت منتصف ليلة الحادي عشر من فبراير / شباط الماضي، بقرار من رئيس الجمهورية، علي عبد الله صالح، الأمر الذي دفع اليمنيين إلى الاستبشار ببدء مرحلة جديدة يلتف فيها الجميع على مائدة حوار وطني لدراسة جدوى ما يريده اليمن، وماذا ينبغي عمله لإنقاذ هذا البلد من مآسيه المتتابعة، غير أن الأحلام اليمنية بدأت تتلاشى مع أول اختراق حوثي للاتفاق تمثل في اقتحام عناصر متمردة حوثية لمبنى الوحدة الصحية بمديرية الزاهر بمحافظة الجوف، وتحطيم أبوابها ونهب الأثاث والأدوية وتمركزت داخل المبنى مخالفةً إعلان قياداتها الالتزام بتنفيذ شروط الدولة الستة، إضافة إلى قيامهم في وقت سابق بنهب سيارة مديرة مشروع الصحة الإنجابية بمحافظة الجوف واختطاف 2 من مرافقي مديرة المشروع، فيما أصيب بمديرية الملاحيظ جندي يعمل في نزع الألغام بشظايا في أنحاء جسمه، جراء انفجار لغم أرضي، وأصيب 3 آخرون بانفجار لغم أرضي زرعه الحوثيون في منطقة تم مسحها بمديرية حرف سفيان. من جانبهم، نفى المتمردون الحوثيون هذه الاتهامات، واعتبروا أن اتهام السلطة لهم هو هروب من مسئوليتها الأمنية والأخلاقية. وسط هذه الأحداث يبرز الدور الذي تلعبه إيران بالتدخل في شئون اليمن، فإيران - بحسب محللين سياسيين - تأبى إيقاف الحرب في اليمن من خلال دعمها للمتمردين الحوثيين. هذا التدخل كشفت عنه أوراق القضية التي يحاكم فيها الآن أربعة من مؤيدي المتمردين الحوثيين، أمام المحكمة الابتدائية الجزئية المتخصصة بالعاصمة اليمنية صنعاء، بتهمة التخابر مع إيران، وتسليمها صورا لمنشآت أمنية وعسكرية وموانئ وجزر. زيد الشامي، نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح اليمني، لم يستبعد اشتعال حرب سابعة بين الحوثيين والحكومة اليمنية، مستندًا في ذلك على بعض الشواهد التي تشير إلى إمكانية العودة إلى الحرب مرة أخرى على حساب السلام الذي يسعى إليه الجميع، وأول هذه الشواهد تتمثل في أن الجميع سواء كان المتمردون الحوثيون أم الحكومة اليمنية ما زالوا مبرمجين على الحرب وليس على السلام، فما زال لدى المتمردين الحوثيين أسلحة لم يتم تسليمها للحكومة وفقًا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار والحرب، إضافة إلى رغبتهم في تحقيق الحكومة لمطلبهم الخاص بالإفراج عن كل المسجونين، وفي المقابل بدأت السلطات القضائية في اليمن بمحاكمة بعض العناصر المتمردة الحوثية المتهمة بالتخابر مع إيران وإمدادها بمعلومات عن جميع الأوضاع في اليمن، فهذه كلها شواهد تؤكد إمكانية نشوب حرب سابعة في اليمن، وإن كنا لا نأمل ذلك، نظرًا لأن الشعب اليمني تعب من الحروب ويسعى إلى الاستقرار والسلام ولفت الشامي النظر إلى وعد الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، بإطلاق سراح جميع المسجونين - الصادر بحقهم أحكام من القضاء - الذين كانت لهم علاقة بالحرب الأخيرة، وهو الأمر الذي يمكن أن يسهم في استمرار الهدنة بين الحكومة والمتمردين الحوثيين، إضافة إلى أن اللجان الحكومية المشكلة من أعضاء بالبرلمان للعمل على إحلال السلام ما زالت تمارس عملها، ولكن توقف القتال بشكل نهائي يحتاج إلى وقت ولا يمكن الجزم به الآن. اللواء منصور عبد الجليل، عضو مجلس الشورى اليمني، ورئيس اللجنة المشرفة على تنفيذ شروط وقف الحرب بين الحكومة والمتمردين الحوثيين في صعدة، أكد استمرار العمل في اللجنة على قدم وساق، بعد أن توقف لأيام بسبب انتهاك المتمردين الحوثيين للاتفاق، مشيرًا إلى استمرار الخروقات من جانب المتمردين الحوثيين للهدنة، لكن رغم هذا، اللجنة مستمرة في عملها، وإن كان ليس بالسرعة المطلوبة، فكل يوم نسعى إلى تلاشي أية مشاكل قد تظهر لنا. ورفض عبد الجليل الربط بين موضوع الإفراج عن المعتقلين الحوثيين، وبين تأخر التوصل إلى اتفاق نهائي معهم، وقال :" لا توجد علاقة بين الإفراج عن السجناء وبين تأخر التوصل إلى سلام شامل" لافتًا النظر إلى أن بعض النقاط الست التي تم الاتفاق عليها بين الحكومة والمتمردين الحوثيين لم يتم تنفيذها من جانب المتمردين- ويعد الإفراج عن السجناء آخر هذه النقاط - وهو ما تسعى إليه اللجنة من خلال استدعاء بعض العناصر المتمردة الحوثية ومطالبتها بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه لإنهاء الحرب في اليمن إلى الأبد.