لتركيا الخلافة تاريخ مضيء لدى العرب، ولتركيا الجديدة (أردوغان – جول) مكانة خاصة في كل الشعوب العربية.. تلك القيادة التي صعدت في زمن الدويلات العربية الواقعة بين مطرقة الصهاينة وسنديان الفرس.. في حين ما من صدر عربي قادر ولا ظهر إقليمي مدافع.. في اليمن، لتركيا وضع أكثر خصوصية، حيث لم يهتم باليمن أي من دول الخلافة مثل ما فعل العثمانيون، وقد جاءت تركيا واليمن يتعرض للنزيف المستمر، بسبب تقاسمه بين القوى الطائفية.. كما واجهت الخلافة في اليمن أبرز تجليات المشروع الصفوي المتمثل بالإمامة الهادوية التي غررت على الشعب.. وعندما قامت الثورة اليمنية لم يكن هناك من بنية تحية حضارية لدولة في اليمن، (على العكس العراق والشام ومصر التي شهدت الحضارات الإسلامية المختلفة).. باستثاء ما شيده الأتراك في مختلف المجالات.. حتى أن جميع المباني والجوامع الحضارية الى ما قبل عهد الثورة كلها من إنجازات الخلافة العثمانية.. ولقد عادت الإمامة الهادوية للحكم في عام 1918، وكانت في اليمن مشاريع عثمانية ومؤسسات عملاقة، كمدرسة الصنائع، والتي كانت ثاني مصنع أسلحة في الشرق الأوسط، وثاني مطبعة في الشرق الأوسط كانت في اليمن، وسكة حديد بزرت أثارها الباقية في الحديدة، ودار للمعلمين والأخير حولته الإمامة إلى "سجن"، كما كان هناك كلية للبنات ونادي رياضي، ".. كما أن المعلم التاريخي في صنعاء والمتمثل في "باب اليمن" هو من المنجرات التركية.. وقد حافظت على وحدة الأراضي اليمنية وهي منجزات لا تحصى، إنما هذه أمثلة، إلى أي مدى ارتقت صنعاء في ذلك العهد.. بينما استلم اليمنيون بلدهم من الإمامة بعد الثورة اليمنية 26 سبتمبر1962، وكأنها عادت قرون إلى الوراء.. واليمن ممزق الأوصال.. وقد حولت الإمامة أحد تلك المباني إلى مصنع ل"الشمة".. وكم تعرض التاريخ العثماني للتشويه في مختلف الوطن العربي من التيارات القومية العربية التي أنكرت العصر العثماني.. ويومذاك كان العرب لا يزالون حالمين بالوحدة وبأكثر بكثير مما هو الآن، لكن الوقت تكفل بأظهار الحقيقة. أما اليمن فقد تعرض التاريخ التركي لهجوم مضاعف، من بقايا العهد الإمامي أولاً.. زيارة الرئيس التركي عبدالله غل إلى اليمن هي زيارة هامة جداً في تاريخ العلاقات، والاستقبال اليمني الكبير، يظهر كم أن لتركيا مكانة خاصة، وكم أن اليمن متعطش للتعاون مع تركيا وفاتح صدره لتركيا.. والنصب التذكاري الذي سيفتتح في صنعاء جوار منطقة "العرضي"، للشهداء الأتراك هو تكريم له دلالته الخاصة، يعيد التاريخ لمكانه الصحيح، ويبشر بعهد جديد من العلاقات .. والمطلوب أن تتقدم هذه الزيارة بالعلاقات اليمنية التركية إلى الأمام أضعاف الأضعاف، فنحن أحوج ما نكون لإعادة العلاقات وفتح المجال أمام تواصل مستمر في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والعلمية والثقافية والاجتماعية..