الآن يمكننا الإمساك بخيوط اللعبة المتشابكة في اليمن ، فبعد انقشاع بعض الغبار، ماعاد سرٌ وراء الأكمة، التي سقطت هي أيضاً بفعل رياح التعرية في الأحداث الأخيرة. ظل الرئيس عبدربه منصور هادي يراهن حتى الرمق الأخير على اللجان الشعبية والاصطفاف الوطني والإشارة واضحة في أن الدولة ستتخلى عن واجبها، وأن هادي يريد أن ينجو بمفرده، تاركاً الحبل على الغارب وسط الجمر الملتهب. وظل الزميل أحمد الشرعبي يؤجج دعوة "مع هادي على الحق أو الباطل"، وهي دعوة اصطفافية لم تستثر حمية أحد، لسبيين واضحين، أولهما أنها جاءت في أجواء مشتتة وثانياً لأن هادي لم يكن على حق، البتة. وكنت ما قبل تسونامي صنعاء أبحث عن اسنادات منطقية لأعزز فكرة أن هادي رجل داهية وأنا أحاور صديقاً يكرهه، لدرجة أنه لم يترك في كراهيته للرئيس متسعاً ل(هوناً ما). هو واحد من ملايين اليمنيين تتعزز لديهم مشاعر ناقمة على الرئيس الذي يرون أنه خيب ظنهم ، وخانهم أيضاً. وبالدرجة ذاتها تولدت حالة من الطفح الجلدي المتأخر في إبهامات ناخبيه اليمنيين الذين يعانون الآن من انفلونزا الحبر الأزرق. وكنت كما "العصفور بلله القطرُ" والزميل خليل القاهري يقدِّم لكلمة الرئيس في مناسبة نسيتها فقد ألقى خليل رائعة المقنع الكندي وهزني المطلع "وإن الذي بيني وبين بني أبي". أمّا "وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا " فقد جعلتني أفخر كثيراً ب"رئيس القوم " في ذلك الحين. وأثبتت الأيام أن ذلك الاسقاط الشعري على ما فيه من تجسيد سياسي بارع يحسب للقاهري في انتقائه، لم يكن موفقاً في شخصية الرئيس هادي، الذي كشفت الرياح أنه يحمل ما هو أكثر من الحقد تجاه الجميع، بما في ذلك القوم ذاتهم. ذلك لأننا خسرنا نائباً ولم نكسب رئيساً ولم يحدث أن تصرف هادي يوماً ما بصفته رئيساً. أقول هذا مع تقديري لنبل اللواء علي محسن وهو يدعونا للتمسك بشرعية الرئيس هادي وكذلك موقف التجمع اليمني للاصلاح وفي هذا الموقف ما يشير إلى أن حسن الحظ لم يجانب بعد الرئيس هادي وأن هادي (الحيادي جداً )، هو وحده من يصنع حظوظه السيئة.