الشؤون الاجتماعية تدين انتهاكات المليشيا وتدعو المنظمات لنقل مقراتها إلى عدن    خلال ترأسه اجتماعا للجنة الأمنية.. وزير الدفاع يشيد بالنجاحات التي حققتها شرطة تعز    الأحزاب والمكونات السياسية في عدن تطالب بتحرك عاجل لإنهاء معاناة السكان    احتجاجات غاضبة في عدن عقب انهيار كامل للكهرباء وتفاقم معاناة السكان    فريق تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم الشباب السعودي في كأس الخليج للأندية    بن بريك: مغامرة إصلاح إقتصادي في ظل أزمة وفساد    البيت الأبيض يحاول منع نتنياهو من الانسحاب من اتفاق غزة    القانون يطبق على الجميع    أربعة شهداء و13 جريحاً من القوات الجنوبية بهجوم إرهابي في أبين    سام تدين استمرار اختطاف المحامي صبرة وتدعو لتحرك عاجل للضغط على المليشيا لإطلاقه    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة    الكرسي والوطن    عدن تغرق في الظلام لليوم الثاني.. خطر وشيك على المياه والصرف الصحي    خبير في الطقس: منخفض مداري عميق في بحر العرب وصقيع خفيف في بعض المرتفعات    خبير اقتصادي يكشف عن حجم خسائر الكيان من الحصار اليمني    إيران تفرض معادلات جديدة في الملف النووي والصاروخي    مقتل أكثر من 10 مرتزقة كولومبيين في مقاطعة خاركوف    عدن.. الإفراج عن طيار في الخطوط الجوية اليمنية    أقوى 6 مباريات في الجولة الثالثة من دوري أبطال أوروبا    حادث مروري مروّع في مأرب يودي بحياة أكثر من 10 ركاب (أسماء)    ارتفاع ضحايا انفجار مأرب إلى 18 قتيلاً وجريحاً على طريق الموت بالعبر    دورة أوساكا.. ليلى تقصي تيريزا وتتوج باللقب    رباعية تمنح الأهلي أكبر فوز على الفرق القطرية    برشلونة يمنح ألفاريز السعادة في أتلتيكو    عرض أزياء يمني في ماليزيا    الإعلام الإخواني... صوت الفتنة ضد الجنوب    يدعم مؤسسة المياه ب20 ألف لتر ديزل لضمان استمرار إمدادات المياه    الجنوب بين العتمة والحق.. معركة البقاء من أجل الدولة والحياة    الجنوب العربي يمثل بوابة مصر نحو المستقبل، والبحر هو طريقها إلى السيادة.    صاحب الفخامة.. وأتباعه بدون تحية    هم لدينا وديعة فقط.. وتهمتهم التواصل مع منزل    قراءة تحليلية لنص "هاشم" اسم أثقل كاهلي ل"أحمد سيف حاشد"    وفاة 15 شخصًا بينهم نساء في حادث مروري مروع بمحافظة مأرب    المغرب يتوج بلقب كأس العالم للشباب تحت 20 عاما    "تنمية المهارات" يؤهل 20 كادر من مؤسسة الشهيد زيد مصلح في المونتاج والجرافيك    مرض الفشل الكلوي (24)    مليشيا الحوثي تحتجز جثمان مختل عقلياً في قسم شرطة بإب    ثوار 14أكتوبر وعدوا شعب الجنوب بأكل التفاح من الطاقة    الأحزاب والمكونات السياسية في عدن تطالب بتحرك عاجل لإنهاء معاناة السكان    رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية الأستاذ عبدالوهاب المهدي ل"26 سبتمبر": نطالب بتدخل أممي عاجل لوقف استهداف العدوان المباشر أو غير المباشر للمناطق الأثرية    انقطاع الكهرباء في عدن يهدد بتوقف خدمات المياه والصرف الصحي    الراية الثقيلة... عام على رحيل صالح الناخبي الحاضر في الغياب    الونسو: مبابي لاعب حاسم يمنحنا النقاط، وهذا ما نحتاجه    خلال 7 دقائق.. عملية سرقة "لا تقدّر بثمن" في متحف اللوفر    ريال مدريد يستعيد صدارة الليجا على أنقاض خيتافي    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    فيما تم تدمير 300 لغم من مخلفات العدوان .. المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام يبحث توسيع الشراكة والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر    قراءة تحليلية لنص "رغبة في التحليق" ل"أحمد سيف حاشد"    رئيس تنفيذية انتقالي لحج الحالمي يُعزي الشيخ نائف العكيمي في وفاة والده    وزارة الإعلام تُكرم الفائزين بمسابقة أجمل صورة للعلم اليمني    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    لو فيها خير ما تركها يهودي    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمات الدولية تقرع جرس الإنذار: نقل البنك المركزي يهدد بمجاعة في اليمن
نشر في نشوان نيوز يوم 04 - 10 - 2016

قالت مجموعة الأزمات الدولية الجهود الرامية إلى نقل البنك المركزي اليمني من المرجح أن تقضي إلى مخاطر حدوث إفلاس ومجاعة في البلاد، وأن تسهم في الوقت نفسه في تعقيد وتعميق انقسامات الحرب الأهلية.

وأكدت المجموعة في تقرير حديث لها، أنه ينبغي على القوى الإقليمية والدولية أن تلتف حول هذه المؤسسة الحيوية وأن تساعد على إنعاش محادثات السلام التي تجري بوساطة من الأمم المتحدة.

وأضافت أنه "لا يستطيع اليمن تحمل انهيار فرصة أخرى لإنهاء الحرب. لقد أصبح دولة فاشلة ومقسمة كما يمكن أن يصبح قريباً دولة جائعة. إن إحدى آخر مؤسساته التي لا تزال تعمل وبإدارة تكنوقراطية، والمتمثلة في المصرف المركزي، باتت في خطر. إن التراجع عما يهدد بأن يكون انقساماً أكثر حدة ويتسبب بمعاناة كبيرة يتطلب اتخاذ خطوات عاجلة.

وأوضحت الخطوات أنها تبدأ بخطة برعاية الأمم المتحدة لضمان العمل الفعال للبنك المركزي والتوصل إلى وقف إطلاق للنار يسمح بالاستئناف الفوري للمحادثات.

وكجزء من هذه الخطة، تلتزم حكومة هادي باستئناف دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في سائر أنحاء البلاد، وتعليق خطط نقل البنك إلى عدن والاستمرار بالاعتماد على البنية التحتية للبنك وعلى موظفيه في صنعاء. يوافق الطرفان على خطة للتعاون بين فرع البنك في عدن ومقره في صنعاء إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق سلام.

وأضافت أنه: لضمان استمرار دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في سائر أنحاء البلاد ومعالجة مشكلة السيولة، يتفق الطرفان على دعم طباعة مبالغ إضافية من الريالات بشكل فوري، وهو أمر جوهري لاستئناف دفع الرواتب، وينبغي أن يستمر تسليمها لمكاتب البنك المركزي في صنعاء، وعدن ومناطق أخرى، طبقاً لخطة تستند إلى بنود الرواتب في موازنة عام 2014. مثالياً، تُدفع رواتب وزارة الدفاع في سائر أنحاء البلاد طبقاً لموازنة عام 2014 وبموجب قوائم الموظفين، التي تضم مقاتلين من كل الأطراف لكن تستثني مقاتلي الحوثيين الذين تمت إضافتهم منذ عام 2015.

وتتضمن المقترحات: بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار مباشرة، استئناف المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة بالاستناد إلى خارطة طريق جديدة تنسجم مع مبادرة الرباعية.

على مبعوث الأمم المتحدة أن يقدم خارطة طريق معدّلة للأطراف المتقاتلة، ويفضل أن تكون مكتوبة ، بما في ذلك إطار للتسويات السياسية والأمنية تتحرك بشكل موازٍ وينتج عنه انسحابات على مراحل ونزع السلاح والتشكيل الفوري لحكومة وحدة وطنية.

وتتابع رداً على ذلك، على وفد الحوثيين/صالح أن يقترح خطة انسحاب وأن يصبح جزءاً من الاتفاق الشامل. ويكون التوصل إلى اتفاق مشروطاً بالتفاوض على تفاصيل الخطة. ومن أجل إكمال التسوية، على مبعوث الأمم المتحدة أن يضيف آلية لرزمة التسوية تهدف إلى معالجة المطالب الإقليمية بالحكم الذاتي، بما في ذلك احتمال استقلال الجنوب.

وتضيف: لا يزال بالإمكان تجنب حرب استنزاف اقتصادية، لكن فقط إذا وافق الطرفان على وقف إطلاق نار فوري والعودة إلى محادثات السلام. إذا لم يكن بالإمكان التوصل إلى تسوية تستند إلى مبادرة الرباعية، فإن وقف إطلاق النار سيعطي على الأقل الوكالات الإنسانية والحكومات وقتاً لفرض آليات لتخفيف الأثر على المواطنين العاديين خلال المرحلة القادمة من الصراع.

وفيما يلي نشوان نيوز ينشر نص التقرير :
من المرجح أن تفضي الجهود الرامية إلى نقل البنك المركزي اليمني إلى مخاطر حدوث إفلاس ومجاعة في البلاد، وأن تسهم في الوقت نفسه في تعقيد وتعميق انقسامات الحرب الأهلية. ينبغي على القوى الإقليمية والدولية أن تلتف حول هذه المؤسسة الحيوية وأن تساعد على إنعاش محادثات السلام التي تجري بوساطة من الأمم المتحدة.
إن انهيار محادثات السلام التي جرت بوساطة من الأمم المتحدة في آب/أغسطس يأخذ الحرب اليمنية إلى مرحلة جديدة يمكن أن يكون لها تبعات أكثر تدميراً. خلال الثمانية عشر شهراً من القتال بين التحالف الذي تقوده السعودية دعماً لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي التي تحظى بالاعتراف الدولي والمتمردين الحوثيين (الشيعة/الزيديين) المتحالفين مع قوى يقودها الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، كان السكان المدنيون هم الضحايا الرئيسيين، الذي عانوا من عمليات القصف الجوي، والهجمات الصاروخية، والحصار الاقتصادي. قُتل في هذا الصراع أكثر من 10,000 شخص، حوالي 4,000 منهم من المدنيين، وقد قتلت أغلبيتهم في الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية. يُتَّهم الطرفان بانتهاكات متكررة للقانون الإنساني الدولي، وهي أفعال تزيد من صعوبة تسوية الصراع. أكثر من 3.2 مليون يمني باتوا مهجّرين داخلياً. ويعاني 14 مليون من أصل 26 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي، كما يتعرض 370,000 طفل تحت سن الخامسة لمخاطر سوء التغذية الشديد والحاد. توشك الأوضاع الآن على أن تزداد سوءاً.
في 19 أيلول/سبتمبر، أقال الرئيس هادي حاكم البنك المركزي وأعلن أنه سينقل البنك من العاصمة التي تسيطر عليها قوات الحوثيين/صالح، صنعاء، إلى المقر المؤقت للحكومة في مدينة عدن الساحلية. يمكن لهذا القرار أن يشكل تحولاً نحو حرب اقتصادية تهدف إلى خنق تحالف صالح/الحوثيين مالياً في معاقله الشمالية. غير أن اليمنيين العاديين هم الذين سيتلقون النصيب الأكبر من المعاناة.
يبدو أنه تم وضع خطة تنفيذية مُحكمة لهذا التحرك، كما أنه سيفتح الباب على جملة من حالات انعدام اليقين، بما في ذلك انهيار النظام المصرفي واستمرار عدم القدرة على دفع الرواتب، وهو ما من شأنه أن يسرّع الانهيار الاقتصادي وأن يدفع أجزاء كبيرة من البلاد إلى المجاعة. كما أنه سيعقد بشكل كبير احتمالات التوصل إلى تسوية تفاوضية ومن شبه المؤكد أنه سيشجع قوات الحوثيين/صالح على التصعيد، بما في ذلك شن هجمات داخل الأراضي السعودية. ليس أقل تبعات هذا التحرك أنه سيعمق الانقسام السياسي بين الشمال والجنوب، وسيصعّب الجهود المستقبلية للتفاوض على حل سلمي للعلاقة الإشكالية بين هذه المناطق.
منذ أمد طويل والاقتصاد يُستخدَم سلاحاً في هذه الحرب. تفرض قوات الحوثيين/صالح حصاراً خانقاً، تخففه أحياناً، على ثاني أكبر المدن اليمنية، تعز، التي يدور القتال عليها منذ أكثر من عام، مع تبعات إنسانية كارثية. كما فرض التحالف الذي تقوده السعودية حصاراً جوياً/بحرياً على المناطق التي تسيطر عليها قوات الحوثيين/صالح منذ بداية الحرب، ظاهرياً لمنع الأسلحة الإيرانية من الوصول إليهم. في حين تحسّن هذا الوضع تدريجياً منذ أيار/مايو في ظل آلية التحقق التي تطبقها الأمم المتحدة، فإن الأثر الإنساني التراكمي كان كارثياً.
كان هناك اتفاق ضمني بين الطرفين على السماح للبنك المركزي، الذي يديره التكنوقراطي المخضرم محمد عوض بن هُمام، أن يؤدي وظائفه بشكل يخلو نسبياً من التدخلات. يتفق الدبلوماسيون والاقتصاديون الدوليون على أنه، وفي ظروف تزداد سوءاً، فإن البنك ظل حيادياً إلى حد كبير، بشكل يضمن استيراد السلع الأساسية، وحماية قيمة الريال ودفع رواتب موظفي القطاع العام على مستوى البلاد. لكن ودون عائدات من صادرات النفط والغاز التي تعرضت للانقطاع، والتي كانت تشكل في الماضي 70% من موازنة الحكومة، أو دعم الجهات المانحة، فإن البنك يقترب بسرعة من الإفلاس. تؤثر حالات النقص الحاد في توافر الريال في قدرة البنك على دفع الرواتب، كما أن حكومة هادي منعت بن هُمام من طبع عملة جديدة إضافية عن طريق شركة روسية.
يتزامن اقتراب البنك من حافة الإفلاس مع مأزق عسكري وانهيار محادثات السلام. في الأشهر الثلاثة من المفاوضات في الكويت، اقترب الطرفان من التوصل إلى تسوية تفاوضية أكثر من أي وقت مضى. أدرك الطرفان أنهما عالقان في حرب استنزاف مكلفة أخفق فيها التحالف الذي تقوده السعودية بشكل متكرر في إخراج قوات الحوثيين/صالح من مواقعها في الشمال، في الوقت الذي دافعت فيه هذه القوات عن مناطقها بكلفة بشرية مرتفعة دون تحقيق تقدم في تعز والجنوب. مارس الطرفان التعقل ودخلا في نقاشات حول سحب القوات، ونزع السلاح بشكل عام وتشكيل حكومة وحدة وطنية، رغم أن الحوثيين لم يكونوا مستعدين للدخول في تفاصيل حول عمليات الانسحاب. إلاّ أن المحادثات ترنحت عند مناقشة التسلسل الزمني للخطوات الأمنية والسياسية، وضاعف الطرفان جهودهما لتحقيق مكاسب قتالية حاسمة على الأرض.
حتى قبل انتهاء محادثات السلام، كان تحالف الحوثيين/صالح قد بدأ بتعزيز سيطرته السياسية على الشمال بتشكيل مجلس سياسي أعلى كخطوة أولى نحو تشكيل حكومة منافسة، ما أبرز افتقار حكومة هادي للنفوذ هناك. كما أنه صعّد الهجمات داخل السعودية ويحاول الاستيلاء على أراضٍ فيها. لقد وجه التحالف الذي تقوده السعودية الضربات الجوية إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الحوثيين/صالح، وحاول حلفاؤه اليمنيون، وفشلوا مجدداً، دخول صنعاء من الشمال الشرقي. عندما أدركت السعودية، وشريكتها الرئيسية، الإمارات العربية المتحدة، ربما، أنها لا تمتلك سوى خيارات عسكرية محدودة في المرتفعات الشمالية، يبدو أنها تنقل المعركة الآن إلى الجبهة الاقتصادية، حيث تتمتع هي وشريكتها بنفوذ كبير.
خلال محادثات الكويت، وجهت حكومة هادي وداعميها في مجلس التعاون الخليجي انتقادات متزايدة للبنك المركزي، متهمة حاكم البنك بالسماح لقوات الحوثيين/صالح باستخدام أموال الدولة لتمويل مجهودها الحربي. يتمثل جوهر القضية في صرف مبالغ شهرية بقيمة 25 بليون ريال (حوالي 100 مليون دولار) لوزارة الدفاع التي يسيطر عليها الحوثيون. هذا البند الذي اشتهر سلبياً بغموضه في موازنة عام 2014، والذي استمر بن هُمام بتنفيذه في غياب موازنة جديدة، يفيد الحوثيين بشكل غير متناسب، حيث إنهم، كأي مجموعة في اليمن من قبلهم، ملؤوا جداول رواتب الوزارة بأنصارهم.
رغم أن السعودية تدخلت في الماضي لدعم الاقتصاد (ولا تزال تحتفظ بوديعة بقيمة 1 بليون دولار في البنك المركزي)، فإنها لم تعد مستعدة لوضع السيولة في مصرف تعتبر أنه يستخدم لتمويل الحرب ضدها ولا تبدو مهتمة بأن إفلاس البنك في صنعاء من شأنه أن يسرّع بحدوث انهيار اقتصادي كامل يمكن ألاّ يكون في مصلحتها على المدى البعيد. لم يكن تحالف الحوثيين/صالح مستعداً للتفاوض على المخاوف السعودية، في حين أن هادي وأنصاره يتوقعون أن تقوم السعودية والإمارات العربية المتحدة بتعزيز الملاءة النقدية للبنك حالما يصبح في عدن. في مواجهة احتمال انهيار البنك في صنعاء ونقله إلى عدن، وهو ما من شأنه أن يضخ سيولة حتى في الوقت الذي يطرح فيه ذلك احتمال قيام حرب اقتصادية، فإن الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والأمم المتحدة واللاعبين الدوليين الآخرين لم يعارضوا هذا النقل.
المفارقة هي أن هادي أصدر قراره في أعقاب اندفاعة قام بها داعموه الدوليون لإحياء محادثات السلام. ففي 25 آب/أغسطس، أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن "الرباعية" (الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة) كانت قد اتفقت مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، اسماعيل ولد الشيخ أحمد، على تجديد التفاوض على تسوية شاملة ستتحرك بالتوازي على المسارين السياسي والأمني لتحقيق انسحاب الحوثيين/صالح من صنعاء، وتسليمهم لأسلحتهم الثقيلة إلى طرف ثالث وتشكيل حكومة وحدة وطنية. تجمع الخطة العديد من العناصر التي اقترحها مبعوث الأمم المتحدة في محادثات الكويت، بينما تلبي مطلب الحوثيين/صالح بأن يتم التوقيع على تسويات سياسية وأمنية كجزء من رزمة متكاملة. كما أنها ترتب تلك التسويات بطريقة تمنح المكاسب – والتصورات بتحقيق المكاسب – لكلا الطرفين.
يمكن للمقترح أن يُجبر الحوثيين، بشكل خاص، على كشف أوراقهم، ما يتطلب منهم إما أن يقبلوا بخطة تلبي مطالبهم أو أن يرفضوها، ما يشير إلى عدم استعدادهم لتقديم تنازلات كانوا قد التزموا بها سابقاً من حيث المبدأ. إلا أن هذه المبادرة الواعدة قد تولد ميتة. لا أحد من داعميها المفترضين، باستثناء كيري، تبناها ودافع عنها. الأمم المتحدة لم تقدم رسمياً حتى الآن خارطة طريق معدلة للطرفين تتضمن أفكارها. والآن، فإن إعلان البنك يقوّض ويعقد احتمالات التوصل إلى حل دبلوماسي.
لا يستطيع اليمن تحمل انهيار فرصة أخرى لإنهاء الحرب. لقد أصبح دولة فاشلة ومقسمة كما يمكن أن يصبح قريباً دولة جائعة. إن إحدى آخر مؤسساته التي لا تزال تعمل وبإدارة تكنوقراطية، والمتمثلة في المصرف المركزي، باتت في خطر. إن التراجع عما يهدد بأن يكون انقساماً أكثر حدة ويتسبب بمعاناة كبيرة يتطلب اتخاذ خطوات عاجلة:
خطة برعاية الأمم المتحدة لضمان العمل الفعال للبنك المركزي والتوصل إلى وقف إطلاق للنار يسمح بالاستئناف الفوري للمحادثات.
كجزء من هذه الخطة، تلتزم حكومة هادي باستئناف دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في سائر أنحاء البلاد، وتعليق خطط نقل البنك إلى عدن والاستمرار بالاعتماد على البنية التحتية للبنك وعلى موظفيه في صنعاء. يوافق الطرفان على خطة للتعاون بين فرع البنك في عدن ومقره في صنعاء إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق سلام.
لضمان استمرار دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في سائر أنحاء البلاد ومعالجة مشكلة السيولة، يتفق الطرفان على دعم طباعة مبالغ إضافية من الريالات بشكل فوري، وهو أمر جوهري لاستئناف دفع الرواتب، وينبغي أن يستمر تسليمها لمكاتب البنك المركزي في صنعاء، وعدن ومناطق أخرى، طبقاً لخطة تستند إلى بنود الرواتب في موازنة عام 2014. مثالياً، تُدفع رواتب وزارة الدفاع في سائر أنحاء البلاد طبقاً لموازنة عام 2014 وبموجب قوائم الموظفين، التي تضم مقاتلين من كل الأطراف لكن تستثني مقاتلي الحوثيين الذين تمت إضافتهم منذ عام 2015.
بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار مباشرة، استئناف المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة بالاستناد إلى خارطة طريق جديدة تنسجم مع مبادرة الرباعية.
على مبعوث الأمم المتحدة أن يقدم خارطة طريق معدّلة للأطراف المتقاتلة، ويفضل أن تكون مكتوبة، بما في ذلك إطار للتسويات السياسية والأمنية تتحرك بشكل موازٍ وينتج عنه انسحابات على مراحل ونزع السلاح والتشكيل الفوري لحكومة وحدة وطنية.
رداً على ذلك، على وفد الحوثيين/صالح أن يقترح خطة انسحاب وأن يصبح جزءاً من الاتفاق الشامل. ويكون التوصل إلى اتفاق مشروطاً بالتفاوض على تفاصيل الخطة.
ومن أجل إكمال التسوية، على مبعوث الأمم المتحدة أن يضيف آلية لرزمة التسوية تهدف إلى معالجة المطالب الإقليمية بالحكم الذاتي، بما في ذلك احتمال استقلال الجنوب.
لا يزال بالإمكان تجنب حرب استنزاف اقتصادية، لكن فقط إذا وافق الطرفان على وقف إطلاق نار فوري والعودة إلى محادثات السلام. إذا لم يكن بالإمكان التوصل إلى تسوية تستند إلى مبادرة الرباعية، فإن وقف إطلاق النار سيعطي على الأقل الوكالات الإنسانية والحكومات وقتاً لفرض آليات لتخفيف الأثر على المواطنين العاديين خلال المرحلة القادمة من الصراع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.