يجمع اليمنيون على أن "ثورة الشباب السلمية" التي انطلقت يوم 11 فبراير/ شباط 2011، قد أنجزت أول وأهم أهدافها وهو رحيل الرئيس علي عبد الله صالح من السلطة بعد حكمه البلاد 33 عاما. ويؤكد محللون سياسيون ونشطاء شبابيون بساحة التغيير في صنعاء أن انتخابات الرئاسة المبكرة بعد غد الثلاثاء، لانتخاب المرشح التوافقي عبد ربه هادي رئيسا جديدا بمثابة استفتاء شعبي على إنهاء حقبة حكم صالح. ويرى الناشط بساحة التغيير فهد المنيفي، في حديث للجزيرة نت، أن الثورة جاءت لإسقاط نظام الرئيس صالح، واستعادة الشعب للسلطة المغتصبة، موضحا أن عبد ربه هادي سيكون أول رئيس يجئ إلى السلطة برضا واختيار شعبي. وأشار إلى أن الثورة استطاعت أن تشكل قناعات لدى أبناء الشعب بضرورة التغيير ورفض الاستبداد واستئثار عائلة أو حزب بالسلطة، وإنهاء مشروع التوريث للحكم، والقبول بالشراكة بالحكم والثروة، واعتماد الحوار لحل الخلافات دون اللجوء للقوة. واعتبر أن شباب الثورة ما زالوا هم القوة المحركة لكل الأحداث بالمشهد السياسي، وحذر الرئيس المرتقب من الوقوف حجر عثرة أمام تحقيق أهداف الثورة، وقال إن الثوار أيدوا انتخابه رئيسا انتقاليا لإنهاء حكم الرئيس صالح وطي صفحته، واستكمال بقية أهداف الثورة. الحسم الثوري من جانبه قال رئيس مركز دراسات المستقبل فارس السقاف للجزيرة نت إن الثورة حققت هدفها الأساسي وهو إزاحة رأس النظام من السلطة، وجاء ذلك بفعل العمل الثوري السلمي وبالتسوية السياسية، وبقرار دولي من مجلس الأمن، وفقا للمبادرة الخليجية. وأشار إلى أن الثورة التي بدأت بفعل ثوري بالشوارع، لم تحقق الحسم الثوري لأن بعض الأطراف التي التحقت بالثورة كانت جزءا من النظام الذي يراد إسقاطه. كما لفت إلى أن الثورة جرت عسكرتها من خلال دخول الجيش المؤيد للثورة والقبائل المسلحة في حرب مع الحرس الجمهوري الموالي لنظام الرئيس صالح بالعاصمة صنعاء وبمنطقة أرحب شمال العاصمة، وبمدينة تعز و"لعل هذا ما أخر الحسم الثوري". ووفق السقاف فإن ثورة اليمن نجحت بأمر متفرد دون الثورات العربية، وهو إشعال "ثورة المؤسسات" التي أطاحت بكبار رموز ومعاوني الرئيس صالح بمؤسسات ومرافق عسكرية وأمنية وحكومية، وما زالت مشتعلة بعدد من أهم المؤسسات العسكرية. لكنه حذر من عدم السرعة بإعادة هيكلة الجيش والأمن، وإزاحة أبناء وأقارب الرئيس صالح من مناصبهم العسكرية والأمنية، مؤكدا أن ذلك يعتبر أكبر تحد سيواجه الرئيس الجديد. وبشأن توقعاته لما سيحدث عقب انتخابات الرئاسة، قال إن ثمة خيارا قد يلجأ إليه بقايا النظام من أبناء صالح وأقاربه كأن يتمسكوا بمواقعهم بالجيش والأمن، مما يعني عرقلة تنفيذ المبادرة الخليجية، والوقوف أمام استكمال أهداف الثورة "وهنا ربما تنشب حرب بين قوات الحرس الجمهوري التي يقودها نجل صالح وقوات الجيش المؤيد للثورة". لكنه أشار إلى أن الثورة نجحت في تسليط الضوء على اليمن، وهو ما دفع الدول الكبرى وعلى رأسها أميركا لترعى التسوية السياسية، وتشرف على تطبيق بنود المبادرة الخليجية، وتهدد بعقاب من يعرقل إجراء انتخابات الرئاسة أو يقف حجر عثرة أمام التسوية السياسية. إعادة الأمل بدوره رأى الكاتب الصحفي عادل الأحمدي أن "الثورة أعادت الأمل لليمنيين بأن الأهداف التي ناضل لأجلها السابقون يمكن أن تتحقق، ووأدت محاولات تحويل النظام الجمهوري إلى حكم عائلي". واعتبر أن "الثورة جعلت اليمن مشروع دولة قابلة للتطوير والتحديث، وأثبتت زيف الادعاءات التي كانت تنظر إلى اليمن كشعب مسلح ومنقسم، فلو كانت لغة العنف أقوى بالمجتمع لكانت هي من يحسم بهذا المنعطف الحساس، بل إن المجتمع عاش معظم الشهور الماضية بلا دولة ولا مرافق أمن، مع ذلك لم تحدث جرائم جنائية نتيجة هذا الغياب". كما لفت إلى أن الثورة السلمية بآلامها وآمالها ومجرياتها عمقت الرابط الوجداني بين اليمن وجواره الخليجي، حيث شعر اليمنيون بحميمية أشقائهم بالخليج وحرصهم على اليمن ومستقبله. لكن الأحمدي يقول إن "من سلبيات الثورة التي كانت شعبية بكل معنى الكلمة أنها احتوت ببداياتها تيارات غير وطنية - في إشارة إلى الحوثيين والحراك الجنوبي-وهذه التيارات كانت بمثابة الألغام المؤقتة التي انفجرت بحضن الثورة، لكنها بتوفيق الله لم تحدث إصابات بليغة".