لم تكد أذهان الناس تبتعد تلك المناظر في مذبحة "الحولة" في حمص، التي قتل فيها ما يقارب 108 اشخاص قرابة نصفهم اطفال، والتي ارتكبتها قوات النظام في سوريا وميلشيات موالية له، إلا وجاءت مجزرة في حماة، مساء الأربعاء، حينما قامت الميليشيا الموالية للأسد وقوات الامن بقتل 78 شخصا على الاقل من بينهم اطفال في محافظة حماة في وسط سوريا وبعضهم قتلوا طعنا في قرية مزرعة القبير واحرقت 12جثة على الاقل. مجزرة حماة، ليست الثانية بعد الحولة، لكنها الأحدث في المجازر الملفتة، ضمن مجازر يومية يرتكبها أكبر الأنظمة العربية الديكتاتورية بحق شعبه الثائر منذ أكثر من عام، ويخوضها بنفس طائفي بدعم من إيران وميليشاتها في المنطقة، حيث قتل ما يزيد عن 16 ألف مواطن.. وتقول رواية المعارضة السورية إن قوات أمن وشبيحة تابعين للأسد قتلوا ما لا يقل عن 78 رجلًا وامرأة وطفلًا في قرية مزرعة القبير في منطقة ريفية على بعد 35 كيلومترًا شمالي غرب مدينة حماة يوم الأربعاء إن معظم ضحايا المجزرة التي ارتكبتها القوى النظامية في القبير قرب معرزاف هم من الأطفال والنساء، و24 منهم من عائلة واحدة. وذكرت اللجان أن الضحايا تم "إعدامهم بإطلاق الرصاص والسلاح الأبيض" مشيرة إلى أن القوى النظامية "أحرقت عددا كبيرا من المنازل" في البلدة. وأشار الناشطون إلى أن أربعة أشخاص فقط بقوا على قيد الحياة بعد المجزرة في القبير، مضيفاً أن جيش النظام اختطف عدداً من الشبان وجثث بعض الضحايا. وقال المسؤول الإعلامي في المجلس الوطني السوري محمد سرميني: "هناك حوالى 100 قتيل في قريتي القبير ومعزراف بعضهم قتلوا بالسكاكين، وبينهم 20 طفلاً و20 امرأة"، متهماً قوات النظام السوري وشبيحته بارتكاب هذه المجزرة. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن افاد وكالة فرانس برس عن مقتل 55 شخصا على الاقل الاربعاء في مجزرة القبير معظمهم من عائلة واحدة. وقال عبد الرحمن ان "العدد الموثق لدينا بالاسماء حتى الآن (لضحايا مجزرة القبير) هو 49 شخصا غالبيتهم من آل اليتيم"، مشيرا الى ان من بين القتلى "18 امراة وطفلا"، لافتا الى ان ستة قتلى سقطوا امس كذلك في قرية جريجس بالقرب من القبير. منع المراقبين وقال رئيس فريق المراقبين الدوليين بسوريا اليوم الخميس إنه تم منع فريق مراقبين من الأممالمتحدة من الوصول إلى قرية مزرعة القبير حيث ارتكب النظام أحدث المجازر. وأعلن الجنرال روبرت مود في بيان له أنه تم إيقافهم في نقاط تفتيش تابعة للجيش السوري، وتمت إعادتهم، كما أوقف مدنيون في المنطقة بعض الدوريات. وأضاف أنه تلقى معلومات من سكان بالمنطقة تفيد بأن أمن المراقبين مهدد إذا دخلوا قرية مزرعة القبير.. ردود فعل دولية وفي نيويورك اعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الخميس ان مراقبي الاممالمتحدة تعرضوا "لاطلاق نار من اسلحة خفيفة" اثناء توجههم لموقع المجزرة. ولم يشر بان كي مون الذي كان يتحدث امام الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، الى سقوط جرحى بين المراقبين. لكنه وصف من جهة اخرى المجزرة بانها "مروعة ومقززة"، مؤكدا ان الرئيس السوري بشار الاسد "فقد كل شرعية". بدوره عبر المبعوث الدولي الى سوريا كوفي انان عن "اشمئزازه وتنديده" بمجزرة القبير. وقال انان امام الجمعية العامة للامم المتحدة "يجب معاقبة المسؤولين (...) لا يمكن ان نسمح بان تصبح المجازر واقعا يوميا في سوريا"، مشيرا الى ان "العنف يتفاقم" في هذا البلد. ودعا المبعوث المجتمع الدولي الى "رفع مستوى" تدخله و"التحرك بسرعة" لانهاء هذا العنف وحل الازمة السورية. وقال "بكل صراحة، علي ان اؤكد ان الخطة (خطة انان للسلام) لم تطبق"، مضيفا انه "بديهي القول ان الوقت قد حان لتحديد ما يمكننا القيام به اكثر لضمان تطبيق هذه الخطة و (او) الخيارات الاخرى المتوفرة للتعامل مع هذه الازمة"، من دون ان يقدم مقترحات محددة بهذا الشأن. واذ اشار الى ان المطالبة بتطبيق خطته ليست كافية، اكد انه "يجب ان نعلن صراحة انه ستكون هناك عواقب اذا لم تطبق الخطة"، مضيفا "اذا تجمعنا حقا وتحدثنا بصوت واحد، اعتقد انه من الممكن تفادي الاسوأ وتمكين سوريا من الخروج من الازمة". وبحسب مصادر دبلوماسية فان انان سيطرح الخميس على مجلس الامن فكرة تشكيل مجموعة اتصال جديدة حول سوريا تجمع كلا من تركيا والسعودية وقطر وايران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن (الولاياتالمتحدة، روسيا، فرنسا، بريطانيا والصين). واثر مجزرة القبير، التي ارتكبت بعد اقل من اسبوعين على مجزرة الحولة (وسط)، اكدت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون من اسطنبول على ضرورة رحيل الرئيس السوري بشار الاسد، معتبرة ان "العنف المدعوم من قبل النظام الذي شهدناه بالامس في حماة امر غير مقبول". وفي اسطنبول، اعلنت وزيرة الخارجية الاميركيةالخميس غداة اجتماع في اسطنبول مع القوى الغربية ودول عربية لتحديد سبل تعزيز الضغط على دمشق واحداث تغيير سياسي في هذا البلد ان "على الاسد ان ينقل سلطته ويغادر سوريا". واضافت كلينتون في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها التركي احمد داوود اوغلو ان "العنف المدعوم من قبل النظام الذي شهدناه بالامس في حماة امر غير مقبول". من جهتها، نددت وزارة الخارجية الروسية الخميس بالمجزرة الجديدة "الهمجية" معتبرة انها "استفزاز" يهدف الى افشال خطة مبعوث الاممالمتحدة والجامعة العربية كوفي انان. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش "ندين باشد العبارات اعمال العنف الهمجية في منطقة حماة"، مشيرا الى انه "من الضروري ان تستخدم الاطراف الاجنبية الضالعة في حل القضية السورية نفوذها لدى مجموعات المعارضة المسلحة التي تتناقض انشطتها التي تجددت اخيرا ودعواتها الى تدخل اجنبي مع خطة انان". من ناحيتها اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان اجتماع مجموعة "اصدقاء سوريا" الذي اعلن الرئيس فرنسوا هولاند عن تنظيمه، سيعقد في السادس من تموز/يوليو في باريس. وبرر الناطق باسم الوزارة برنار فاليرو الدعوة الى الاجتماع "بالتفاقم المقلق للوضع في سوريا". من جهته، دعا رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني الى "انتقال سلمي للسلطة في سوريا"، وذلك اثناء محادثات مع هولاند في باريس الخميس. ثمن الحرية من جهته، قال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إنهم يواصلون جهودهم مع المعارضة من أجل توحيدهم وبلورة أفكارهم بشأن الانتقال السلمي للسلطة. وأكد أن المدنيين يدفعون ثمن مطالبتهم بالحرية في وجه نظام بلادهم الذي "لا يريد تطبيق معاهدة النقاط الست الملزمة بوقف أعمال العنف فورا"، موضحا أن سوريا تمر بنقطة تحول من شأنها أن تصبح نقطة انكسار، حيث إن "الحرب الأهلية باتت قريبة" بعد أن لجأت المعارضة لاستخدام السلاح. وطالب المجتمع الدولي بالقيام بمسؤولياته لوقف العنف وإغاثة السكان ودعم عمل المراقبين الدوليين. مشددا على أن المسؤولية السياسية لأعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة تحتم عليهم الضغط لوقف كافة أعمال العنف وعدم السكوت عنها لضمان استقرار سوريا. وأضاف أنه من غير المقبول خذلان الشعب السوري في محنته، خاصة أنه يتطلع لما تسفر عنه الجهود الدولية. وقال العربي -في الجلسة نفسها- إن النظام السوري لا يزال يعتمد على الحل الأمني وأعمال العنف وتنفيذ المجازر، مما يمثل خرقا صريحا وسافرا لتعهدات المبادرة الأممية. وأعلن الأمين العام للجامعة العربية عن سعي الجامعة لتوحيد جهود المعارضة السورية وبلورة أفكارها بشأن الانتقال السلمي للسلطة.