انتابت حالة من الرعب سكان مدينة عدن ، منذ ليلة أمس، جراء أصوات الانفجارات المتتالية، في عدد من البلدات والأحياء التي تشهد منذ يومين معارك طاحنة مع جماعة الحوثي، في وقت حذرت منظمات طبية من كارثة إنسانية وشيكة نتيجة استفحال القتال هناك. وتشتد ضراوة المواجهات المسلحة، بين قوات عسكرية ولجان شعبية، موالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وبين القوات العسكرية الموالية للحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، والتي تحاول اقتحام المدينة من جهتي الشرق والشمال. وقال سكان في المدينة إن أصوات الانفجارات نتجت عن قصف عنيف استهدف مناطق وأحياء في بلدتي خور مكسر، ودار سعد، من قبل قوات موالية للحوثيين، التي ترابط على المدخل الشرقي والشمالي لمدينة عدن، وذلك بعد يوم من استهداف تلك القوات حافلة ركاب في المدينة ومنازل ما أسفر عن سقوط 13 قتيلاً من المدنيين. ضحايا ووفق بيانات المؤسسة الطبية الميدانية في عدن، سقط أكثر من سبعين قتيلا وخمسمائة جريح، أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن، منذ بداية المواجهات المسلحة بين الطرفين قبل أسبوع. وقال رئيس المؤسسة مهيب عوض عباد للجزيرة نت إن عدن "تعيش كارثة إنسانية حقيقية، بسبب تصاعد أعداد الضحايا، ونقص المستلزمات الطبية، التي شارفت على الانتهاء، بالإضافة إلى خروج معظم المستشفيات الحكومية في المدينة عن الجاهزية وافتقارها للإمكانيات والطواقم الإسعافية". وأوضح أن عدد الضحايا "تجاوز الحد الأقصى للقدرة الاستيعابية لجميع المستشفيات في المدينة، خلال اليومين الماضيين ، ولم يعد بإمكانها استقبال حالات جديدة" محذراً من أن استمرار هذا الحال "سيؤدي إلى كارثة إنسانية خطيرة ما لم تتدخل المنظمات الدولية والبلدان المجاورة لتجنب ذلك". وقال عباد إن هناك "صعوبات كبيرة تواجه طواقم الإسعاف في إجلاء الجرحى من مناطق الاشتباكات، نتيجة انقطاع الطرقات في المدينة ونقص الإمكانيات، بالإضافة إلى استهداف سيارات الإسعاف وتمركز بعض المسلحين قرب المرافق الصحية". قصف عشوائي وكانت المقاومة الشعبية واللجنة العسكرية، الموالية للرئيس هادي، في عدن، أدانت أمس في بيان لها ما تقوم به قوات الحوثي والرئيس المخلوع، من قصف عشوائي على مساكن المواطنين، في أحياء مدينة خورمكسر، ودعت المجتمع الدولى لإدانتها. وأعلنت أنها تمكنت من ضبط خلية تابعة للحوثيين في إحدى الشقق السكنية، بمديرية الشيخ عثمان، مكونة من خمسة أشخاص وبحوزتهم قذائف هاون وأسلحة خفيفة، وقالت إن هذه الخلية التي يرجح قيامها بعمليات تستهدف مدنيين يخضع جميع أفرادها حاليا للتحقيق مهم. واعتبر مراقبون عملية القصف العشوائي من قبل قوات موالية للحوثيين وصالح، والتي أودت في غضون أسبوع من المواجهات بمئات القتلى والجرحى من المدنيين، في محافظاتعدن والضالع ولحج وشبوة "محاولة انتقامية لكسر شوكة المقاومة التي تحظى بشعبية كبيرة في الجنوب". غياب المرافق وقال المحلل السياسي عبد الرقيب الهدياني إن الأزمة الإنسانية في عدن "بدأت تشتد مع قيام قوات صالح والحوثي بقطع المياه ومنع وصول المواد الغذائية والخضار إلى المدينة، وزادت أكثر بفعل النزوح الجماعي لمئات الأسر والقصف العشوائي الذي أودى بكل هؤلاء الضحايا". وأضاف "المواطن اليمني دخله محدود ولا يستطيع الصمود في الحروب أكثر من بضعة أيام كونه يعتمد على الأجر اليومي والأشغال والمهن البسيطة في السوق، وامتداد الحرب سيكون كارثيا بكل المقاييس، ومن لم يمت بالسلاح الحوثي فسيفتك به الجوع". ويرى الهدياني أن الأمر "يستدعي عدم إطالة الحرب لتجنب تفاقم المعاناة والمأساة الإنسانية، وبالتالي فإن الغارات الجوية لقوات التحالف العربي لن تحل المشكلة ما لم يعقبها وبسرعة تدخل بري يستأصل هذا الخطر الحوثي الذي يحاول التمدد كالسرطان في طول وعرض اليمن".