سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ارتفاع معدلات النمو السكاني والاستنزاف الجائر للمياه يضعنا على أعتاب موقف حرج لا يقبل التهاون افتتح المؤتمر الوطني لإدارة وتنمية الموارد المائية..رئيس الوزراء:
أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور أن الحكومة تولي دائماً قطاع المياه أهمية خاصة من خلال التطوير التشريعي والمؤسسي الذي شهده هذا القطاع . وأشار رئيس مجلس الوزراء خلال افتتاحه بصنعاء أمس أعمال المؤتمر الوطني لإدارة وتنمية الموارد المائية في اليمن إلى أنه تم إصدار قانون المياه وإعداد الإستراتيجية الوطنية للمياه وغيرها من الإصلاحات الجارية على أرض الواقع، فضلاً عن التركيز على التوسع في مشاريع حصاد المياه ، وتشجيع المزارعين على استخدام أساليب الري الحديثة..لافتاً إلى أن ذلك أسهم في الحد من استنزاف المياه ودعم وتغذية الاقتصاد الريفي في اليمن وساعد إلى حد ما على تفادي مأساة الفقر في الريف، وتقييد جموح الهجرة الداخلية. وقال " انه على الرغم من تلك الإجراءات فإن نمو السكان في اليمن الذي يعد من بين أعلى معدلات النمو في العالم والاستهلاك غير الرشيد للمياه، وكذا الاستنزاف الجائر لمخزونها الذي تراكم على امتداد ملايين السنين يضع اليمن على أعتاب موقف حرج لا يقبل التهاون أو التساهل". وأضاف الدكتور مجور " وفي هذا الإطار فإن صنعاء العاصمة تعد من أسرع ثلاث مدن نمواً في العالم من حيث عدد ساكنيها وهذا أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب على الخدمات المختلفة وفي المقدمة المياه"..مبيناً أن الدراسات الحالية تشير إلى أن تلبية هذا الطلب المتزايد لسكان العاصمة من المياه، سيتطلب في القريب العاجل اكبر من كل الموارد المتجددة في حوض صنعاء، في الوقت الذي تعاني فيه العديد من مدن اليمن اليوم من نقص حاد في إمدادات المياه لساكنيها. وتابع قائلاً " وإدراكاً من القيادة السياسية بحجم هذه المشكلة وآثارها السلبية فقد تم تضمينها الأولويات العشر التي وجه فيها فخامة الأخ رئيس الجمهورية الحكومة للعمل على تبنيها وتنفيذها والتي تولي من جانبها قضية المياه اهتماماً كبيراً بل وتنظر إليها كأولوية خاصة وقصوى تتصدر جميع الأولويات». وعبر رئيس مجلس الوزراء عن تطلعه إلى أن يناقش المؤتمر ابرز الإشكالات التي نواجهها في هذا القطاع، برؤية ناضجة ومسؤولية عالية،وفقاً لمبادئ وأهداف ثلاثة متمثلة في: الوصول العادل للمياه، الفعالية الاقتصادية، واستدامة الموارد المائية من اجل مستقبل أبنائنا والأجيال القادمة. وقال «ينبغي على مؤتمركم التركيز على أولويات علمية أربع نرى إنها أساسية للحد من مشكلة المياه ونفقاتها التشغيلية المتوقعة وتتمثل أولاً في تأكيد العمل الجماعي على المستوى المحلي، حيث يتعين على سكان الريف العمل سوياً بدعم من الحكومة للحفاظ على الموارد المائية واستدامتها». وثانياً تحديد الآليات الكفيلة بتعزيز الإدارة الجيدة،والتخطيط الدقيق والصائب على مستوى أحواض المياه باعتبارها سياسة لا حياد عنها في عمل الحكومة، على أن يؤخذ في الاعتبار توزيع المياه بصورة عادلة بين كل المواطنين وكذلك وقف عمليات الحفر والضخ الجائر بما في ذلك الحيلولة دون السماح للبعض بامتلاك حفارات خاصة يستنزفون بها المياه الجوفية ويستأثرون بواسطتها بثروة سيادية حيوية تشكل أهم مصادر الأمن القومي اليمني. وثالثاً: اتباع آليات حديثة ومتطورة ورشيدة.. لتوزيع المياه بين الريف والحضر ،وكذا نمط استخداماتها لأغراض الشرب والتنمية. رابعاً اعتبار الحفاظ على مواردنا المائية مسألة ينبغي أن تتربع على صدارة إستراتيجية الأمن القومي اليمني وهي مهمة واجبة على الجميع». وأشار الدكتور مجور إلى أن هذه الأولويات العملية سوف تزيد من فرصنا وقدرتنا على تحقيق استدامة الموارد المائية ونحافظ في الوقت نفسه على مستوى الدخل الريفي وضمان توفير المياه الكافية لتلبية احتياجات مدننا المتنامية. وقال " يعرف الجميع أن العالم اليوم على مفترق طرق، في ما يختص بمحدودية الموارد المائية في ظل التزايد المستمر لسكان العالم وان احتمال النزاعات القادمة، ستقام على هذا المورد الاستراتيجي الذي لا غنى عنه وفي واقعنا القومي والوطني فإن وطننا العربي يتصدر قائمة دول العالم معاناة في النقص الحاد في الموارد المائية. وأضاف " فيما تعد اليمن من بين قلائل الدول وأكثرها معاناة في شح وتناقص هذا المورد الاستراتيجي، وانطلاقاً من ذلك تدارست الحكومة هذا الأمر من كافة الجوانب في ظل المؤشرات المستقبلية لهذا القطاع المهم وقررت سرعة تنظيم مؤتمر وطني للمياه، خاص بالحفاظ على مواردنا المائية وحسن إدارتها يدعى إليه شركاؤنا الدوليون للوقوف على الوضع الحالي وتحديد الحلول العملية والمؤسسية وتحقيق المشاركة الجماعية في ترجمتها على ارض الواقع". ودعا رئيس مجلس الوزراء المشاركين في هذا المؤتمر الوطني بمختلف مستوياتهم إلى التفاعل الخلاق والمشاركة الايجابية في مداولاته بما يضمن نجاح هذا المؤتمر.. مؤكداً أن الحكومة ستقدم كافة أوجه الدعم لتنفيذ مخرجاته من توصيات ومقترحات وسياسات وإجراءات. وفي المؤتمر الذي حضره، رئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني والمستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور عبدالكريم الارياني، ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبد الكريم الأرحبي ، وعدد من الوزراء ومحافظي المحافظات أوضح وزير المياه والبيئة عبد الرحمن فضل الارياني أن اليمنيين منذ أقدم العصور، استطاعوا أن يقيموا حضارة عظيمة في منطقة شديدة الجفاف وشحيحة المياه من خلال تطوير نظام إدارة المياه ، وزرعوا آلاف الهكتارات من صحاري مأرب والجوف وحضرموت . وأشار إلى أن اليمن في الزمن الحاضر تعاني من خطر يهدد بقاءها بسبب قصر النظر في استخدام التكنولوجيا الحديثة المستوردة خلال ال40 عاما المنصرمة المتمثلة في الحفارات الدورانية والآبار الأنبوبية والمضخات الحديثة في الاستنزاف السريع لمخزوننا المائي الذي تكون في باطن الأرض عبر آلاف السنين . وحذر وزير المياه من كارثة محققة إن لم نتصد لها سريعا وهي نضوب المخزون المائي ، وبين أن 100 ألف بئر ضخت العام الماضي ما يزيد مرتين على ما تم إعادة تغذيته من الأمطار.. كما أن مستويات مياهنا الجوفية تهبط بمقدار يصل إلى ستة أمتار كل عام في الأحواض الحرجة التي يتوقع نضوبها تماما في السنوات القليلة القادمة . وأضاف أن هذه المشكلة تؤثر على السكان كثيرا ، وأصبح الحصول على مياه الشرب يشكل صعوبة كبيرة في كثير من المناطق الريفية .. حيث أن تكاليف الضخ في تزايد مستمر في ظل الاحتياج لتعميق الآبار ، وجفاف أعداد متزايدة من الآبار . وأوضح أن أعدادا متزايدة من السكان في بعض المدن يضطرون إلى الاعتماد على مياه الصهاريج المكلفة لتغطية النقص في خدمات المياه .. مشيرا إلى أن هناك دراسات تشير إلى أن الفقراء يدفعون أضعافا مضاعفة من المال لتغطية احتياجاتهم الأساسية من المياه . ولفت إلى أن الكثير من المزارع هجرت بسبب جفاف المياه الجوفية والعيون والتصحر ، كما أدى ذلك إلى المزيد من الصراعات والقتل على الموارد المائية، وتزاحم مزيد من السكان الريفيين على المدن لأنهم لم يعودوا قادرين على كسب معيشتهم في الريف . وكان رئيس مجلس إدارة مركز (سبأ ) للدراسات الإستراتيجية الدكتور حسين بن عبد الله العمري أكد أن إسهام المركز في عقد هذا المؤتمر الوطني هو استمرار لما سبق تناوله من قضايا اليمن المهمة مثل الطاقة والعمالة والأمن البحري. وأشار إلى أن قضية المياه من أهم قضايا الأمن القومي كون هذا المفهوم لم يعد مقتصرا على الذود عن حياض الوطن بل أيضا تأمين وضمان حاجات أبنائه من الغذاء والماء..لافتا إلى أن شح المياه ومحدودية الأمطار الموسمية مع استمرار الهدر والاستنزاف وضع اليمن على رأس قائمة البلدان المهددة بالجفاف وان اليمن صنفت مؤخرا كأحد أربع دول هي الأشد فقرا في الموارد المائية حيث لا يتجاوز نصيب الفرد من المياه 120 متراً مكعباً في السنة ما يعادل 2 بالمائة من المتوسط العالمي الذي يبلغ7500 متر مكعب في السنة. وأكد أن معدل الاستنزاف السنوي من المخزون الجوفي يصل إلى 900 مليون متر مكعب ما يمثل 3.60 بالمائة هي مقدار الحجز المائي السنوي فيما يبلغ معدل الاستنزاف من حوض صنعاء وحده 200 بالمائة من نسبة التغذية السنوية وأن معدل الهبوط في مستوى سطح المياه الجوفية يتزايد باستمرار . من جانبه أوضح رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر نائف أبو عصام أن المؤتمر ينعقد في ظل أزمة مائية حادة يشهدها العالم بشكل عام واليمن على وجه الخصوص وأنه إذا لم تتسارع الخطى وتتخذ المعالجات الفاعلة والصارمة فإن نذر كارثة بيئية كبيرة تلوح في الأفق ولن تستثني منها أحداً والجميع سيدفع ضريبة ذلك العبث والهدر الغير مبرر لهذا المورد المهم. وأهاب بالدولة الوقوف بشكل حاسم وصارم لفرض هيبة القانون وإلزام الجهات الحكومية والمحلية بتطبيق القوانين وإيقاف العبث بما تبقى من هذه الثروة المهمة التي تجمعت خلال ملايين السنين وتم إهدارها في فترة وجيزة لا تتعدى ال 40 عاما. هذا ويناقش المؤتمر الذي ينظمه مركز (سبأ) للدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع وزارتي الزراعة والري والمياه والبيئة، والصندوق الاجتماعي للتنمية، وعلى مدى ثلاثة أيام ثلاثة محاور رئيسية، تتعلق بالموارد المائية في اليمن، والتحديات والإدارة المتكاملة للموارد المائية، واستراتيجيات وسياسات وإجراءات إدارة الموارد المائية. ويشارك في المؤتمر عدد من الوزراء وممثلو الجهات الحكومية المعنية ونخبة من المختصين والباحثين اليمنيين والعرب والأجانب في مجال تطوير تقنيات استغلال الموارد المائية، وترشيد الاستهلاك وممثلون لهيئات ومنظمات وطنية، وإقليمية، ودولية.