أكدت دراسة علمية وبحثية حديثة أن مادة البوميس بخلطها مع مادة الجير المستخدمة في عملية البناء قد أسهمت بشكل كبير في الحفاظ على طابع العمارة اليمنية القديمة،وإبقاء معالم ومبان تاريخية وتراثية بمدينة عدن لمئات السنين. مادة البوميس عبارة عن زبد بركاني ذي تركيب حمضي مكون بشكل رئيس من سيليسكات الالومنيوم والكاليسوم والحديد والبوتاسيوم والصوديوم تخلط بمادة الجير/النورة/ وتشكل خلطة طبيعية تكتسب خاصية أسمنتية عالية وتتواجد هذه المادة في أرضية هضبة بركانعدن وكهوفها. وأثبتت الدراسة التي أعدها أستاذ العمارة اليمنية القديمة بجامعة عدن الدكتور أحمد حنشور،ورئيس الجمعية الجيولوجية اليمنية بعدن المهندس معروف إبراهيم عقبة استخدام مادة البوميس المحلية كمادة أساسية في البناء العمراني القديم بعدن،وتواجد شواهده في معالم ومبان تاريخية وأثرية،منها الاستحكامات الدفاعية كالأسوار والقلاع والبوابات الموجودة على قمم الجبال،والمساجد التاريخية والمنشآت والمباني السكنية والخدمية التي لا تزال العديد منها بحالة جيدة بالرغم من تقادمها. وأشارت الدراسة إلى أن المنشآت التاريخية لحصاد مياه الأمطار والسيطرة على السيول كصهاريج عدن وغيرها من السدود والقنوات التي يعود تاريخها إلى أكثر من/15/قرناً، لاتزال شاهدة على استخدام هذه المادة لمتانتها ومقاومتها للمياه.. ولفتت الدراسة إلى أن الفريق البحثي قد توصل إلى سر تركيبة الخلطة الأصلية لهذه المادة من خلال اتباع خطوات منهجية في مراحل التحضير لها كمادة خاصة وأولية ومعالجتها في مختبرات وبواسطة التكسير وعمل خلطات تجريبية باعتماد النسب المقترحة،وإجراء اختبارات لتحديد مدى صلاحيتها وملاءمتها لأعمال مزمعة في إعادة ترميم صهاريج عدن التاريخية وتأهيلها. وهدفت الدراسة إلى إبراز أهمية استخدام البوميس كمادة للبناء التقليدي في مدينة عدن لإنتاج عمارة محلية تلبي متطلبات الإنسان وتتماشى مع البيئة المحيطة به. وأكدت الدراسة ضرورة أحياء تقنيات البناء التقليدي باستخدام المواد المحلية،ووضع قوانين ملزمة بعدم استخدام مواد البناء الحديثة في المواقع والمباني التاريخية،ووفق معايير تضمن الحفاظ على طابع المدن التاريخية واتخاذ إجراءات فورية لإيقاف العبث بمناطق الكهوف والمحاجر وإيلاء أهمية لعملية الترميم والصيانة للمباني والمعالم الأثرية والتاريخية والحفاظ عليها من الاندثار والعمل على نشر الوعي بأهمية الحفاظ على التراث المعماري بين أوساط المواطنين.