تتقدم الاحتجاجات والمظاهرات التي تشهدها اليمن منذ فبراير الماضي جموع الأطفال الأبرياء التي تستخدمها الأحزاب السياسية كدروع بشرية لمواجهات دموية مؤسفة ، مع قوات الأمن أو بين المتظاهرين المؤيدين والمعارضين للنظام ، بهدف كسب تعاطف المجتمع المحلي والخارجي. وفيما يرى أكاديميون وحقوقيون ومختصون في منظمات المجتمع المدني، أن ما تقوم به تلك الأحزاب يؤكد منهجيتهم القائمة على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة ، فالأطفال أفضل وسيلة لجذب مناصرين ، وأسهل في الإقناع ، وأصعب عند المواجهة سواء لرجال الأمن، او لمتظاهرين من الطرف الآخر.. يؤكد المراقبون أن ما حدث في المسيرات التي جابت العاصمة صنعاء أمس الأول السبت المطالبة بإسقاط النظام، وقبلها في تعز والحديدة ، خير شاهد على ذلك ، فقد بينت الصور بما لايدع مجال للشك لمن يشاهد تلك المصادمات المؤسفة، بأم عينه أن أطفالا تتراوح أعمارهم بين 12و18 عاما يتقدمون صفوف تلك المواجهات ، بالإضافة إلى التعتيم المقصود من داخل المستشفيات الميدانية في ساحات الاعتصامات التي يرفض المسؤولون عنها ، دخول سيارات الإسعاف ووسائل الأعلام إليها لمعرفة حقيقة الوضع. سكوت الجهات الرسمية وعجزها عن القيام بدورها في منع هذه الجرائم ليست مبررا لها ، لكنه في نفس الوقت يعطي مؤشراً قوياً لتفاقم الفوضى التي يخشى دخول اليمن فيها. ففي تحرك بطيء وخجول لحماية الأطفال من هذا الاستغلال قالت الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة الدكتورة نفيسة الجائفي أنه تم إعداد خطط مستقبلية لعقد لقاء موسع مع عدد من الأحزاب السياسية ورجال الدين والأكاديميين والشباب والأطفال من اجل منع استغلال الأطفال في هذه الاعتصامات وتجنيبهم مخاطر النزاعات السياسية . في حين دعا ممثل منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة المعنية بحماية الأطفال جورج ابو زلف جميع الأحزاب السياسية الى عدم الزج بالأطفال في ساحات الاعتصام والذي تؤثر على نفسياتهم في المستقبل .. مشيرا إلى ان منظمة اليونيسيف تدعم المنظمات والمؤسسات التي تقوم بحماية ونشر الوعي في هذا الجانب. ويؤكد أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الدكتور عبد الحكيم الشرجبي أن الشرائع السماوية والمعاهدات والاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان تحرم الزج بالأطفال في أتون الصراعات بكافة أشكالها وأنواعها..وقال الشرجبي :" إن استخدام الأطفال كدروع بشرية أو أي شكل من أشكال الصراعات تجرمه كافة القوانين الوطنية الناظمة لحقوق الإنسان ويسيء إلى طفولتهم واستغلال براءتهم " . واعتبر أن من يقوم بهذا العمل ومن يحرض على زج الأطفال في المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات حتى وإن كان بصورة بسيطة يرتكب جريمة أخلاقية ويخالف قيم الدين الإسلامي الحنيف . بدوره دعا الملتقى الوطني لحقوق الإنسان إلى ضرورة تعاون الجميع من أجل تحقيق العدالة وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب..مؤكدا رفض كل أشكال العنف والانتهاكات التي تحدث في حق المعتصمين من أي طرف. تحذيرات المنظمات المحلية والدولية من الزج بالأطفال في المظاهرات وساحات الاعتصامات المؤيدة والمعارضة في أوقات سابقة ذيلت بسقوط 22 طفلا بالرصاص الحي ، وهو ما يؤكده حقوقيون بقولهم"أن حق التعبير يسقط عن الأطفال تجنبا للمخاطر التي ستترتب على حياتهم انطلاقا من مقولة « درء المفسدة أولى من جلب المصلحة».