بصعوبة شديدة استفاق ليجد نفسه في أحضان الإسمنت . ألم لا قبلَ لروحه بتحمله عضَّ على خلايا جسده، وبعيون أثقلها الثرى ...حاول تلمس أثر للضياء فلم يتحسس حتى أشباه نور تعد بانبلاج فجر وشيك أستجمع ما تبقى له من قوة استنزفت فتلاشت رويداً رويداً تحت وطأة الألم وحاول دفع أثقال تهاوت على جسده فقيدته بإحكام هيهات لم يتحرك الجاثوم عن صدره قيد أنملة..والأدهى تعالت وتيرة الأوجاع ..وبصوت أبتلع الجفاف معظمه حاول الاستغاثة...فلم ينبعث من حنجرته سوى أنين مخجل بالكاد وصل أسماعه أخذ ينهج بِقوة كي يستعيد روحاً كاد الفزع يخنقها متآمراً مع ضيق المكان حتى امتلأت مآقيه بأشباه دموع....كان أضعف من أن يعتريه جهد البكاء تراخت عزيمته تحت وطأة يأسه..حاول استشعار أي شئ .فلم تفلح أسماعه سوى بالتقاط أصوات ضبابية غيبها الردم...تنبه لصوت تكات رتيبة شاركته سكون المكان..ملأته الريبة .. ما لبثت أن امتزجت بهلوسة.. أهي نبضات قلب يعد بوداع أم هي إيقاعات عزفتها آخر قطرات من دمه بعد أن سكب احمراره على الركام يصبغها كيف يشاء أم تراها ساعته وهي تلفظ دقاتها الأخيرة حل به الرعب..وبكل ما تبقى له من جهد حاول دفع الركام بشتى الطرق فجأة ارتطمت يده بشئ طري.. ارتدت على إثرها يده بفزع.. مد يد احتواها التردد وتلمس مرة أخرى ( يداً ) سيل جارف من الذكريات اجتاح بقايا عقله المتهالك من الألم..تجمدت فيه باقي الأفكار إلا شيئ واحد ياإلهي..بلهفة خالطها حنو تحسس التعاريج الأليفة. أفلتت منه لفظة ألم ممزوجة بكلمة وما لبثت أن عانقت كفه تلك الأنامل يتحسس أثر لدبيب روح يعد ببقاء يسري في تلك الكف كل ما ظفر به هو ارتعاشة رقيقة تحكي قصة ارتحال..مالبثت أن تلاشت..وسكن الأديم برود الموت....حاول بيأس بعث الدفء فيها بأنامله.. في لحظات صهره اليأس أهكذا تكون لحظات الوداع ؟؟ احتواه حزن أحال ما تبقى من شتات نفسه إلى تلاشٍ عميق.. أخذ يناجي تلك الكف بربتات حنونة ..حاول إيداعها قلبه .ولكن صخرة حشرت رأسه إلى البعيد منها حاول البكاء ولكن أكداس الغبار تأمرت لتمتص دميعات جادت بها عيناه... تلاعب الحزن والوقت بعقله لا يعلم أمكث ساعات أم أياما أم شهورا تحت الركام ذهل عن كل شيئ أسلم جسده ونفسه للوقت يفعل به ما يشاء ما قيمة الحياة؟؟ فقد إحساسه بالوقت وهو مابين إغماء وشيئ يشبه اليقظة تدور روحه في برازخ أخرى. لم يهتم لخدر بدأ يتسلل لجميع خلاياه أهذا هو الموت ؟؟ جملة حاكها عقله ببلادة برود أحاط بنفسه حد تقبله لحظة يخشاها الآخرون. لفظ كلمة التوحيد وبهدوء غريب..تذوق لحظات الأفول مع تعالي أصوات وبزوغ فجر تأخر ميعاده.