المانبوتية أو البامبوتية بعامية أهل عدن تعني أولئك الذين يعرضون سلعهم المتنوعة من لعب للأطفال وأجهزة الراديو الصغيرة وأجهزة التسجيل وأدوات صيد الأسماك والملابس الخفيفة على قواربهم الصغيرة ليبيعوها للسياح وهم على أسطح سفنهم السياحية العملاقة الراسية في ميناء عدن بمراسي مدينة التواهي وكلمة ما نبوتية تحوير للكلمة الانجليزية MAN BOAT وتعني ( قارب برجل واحد) والحبل الطويل الرهيف الممتد بين سطح الباخرة وقوارب المانبوتية هو صلة البيع والشراء بين السائح على باخرته والبائع فوق قاربه - وكم كانت قوارب المانبوتية تلك الكثيرة العدد التي زخر بها ميناء عدن في وقت من الأوقات وهي تحمل كل أنواع السلع النفيسة والرخيصة المستوردة من كل بقاع الدنيا التي يحبها السياح ويرغبون في اقتنائها من مدينة عدن ، المنطقة الحرة الشهيرة وقتذاك على المستوى العالمي وبمينائها ثاني أهم الموانئ التجارية في العالم بعد نيويورك يشتريها السائح من المانبوتية أو كذلك من المتاجر التي كانت تزدحم بها شوارع التواهي والمعلا وكريتر ، فكلها كانت سوقاً حرة مفتوحة إلا أن الامتع عند السائح أن يشتري حاجته من المانبوتية وهو على سطح باخرته في الميناء يشدها إلى الأعلى داخل سلة مربوطة بالحبل يستعيدها ( المانبوتي) وفي داخلها ثمن سلعته . وهكذا تظل السلة تتنقل من سائح إلى آخر فالرزق كثير والسفن الراسية هي الأخرى كثيرة ، وقوارب المانبوتية وأصحابها لا تهدأ ولا تنام ليلاً ونهاراً. هذه الذكريات الجميلة كانت من فيض الأيام الخوالي استرجعتها الذاكرة وأنا استمع إلى حديث لأحد الذين بقوا من أولئك المانبوتية الذين صنعوا تجارة القوارب الصغيرة ذات يوم وكان يستعيد ذكرياته متبسماً لجمال تلك الأيام وبأسفه على ذلك الزمان الجميل الذي ولى. والأجمل انه ما زال يرى إمكانية عودة المانبوتية إلى قواربهم وأن السفن والمراكب ستعاود ابحارها لزيارة عدن من جديد وهي آتية غادية ما بين بلاد الله كلها عبر بحر الهند (المحيط الهندي). ومركب الهند هذا ليس مركباً بعينه بل هو رمز لكل المراكب القادمة إلى عدن وخاصة تلك التي كانت تأتي ببضائعها من الهند بتنوعاتها وببهاراتها وكذلك لمكانة الهند عند أهل جنوب اليمن سكان المناطق الساحلية ورحم الله فنان الشعب الكبير وشاعره الشيخ يحيى عمر وهو الذي تغنى بهذا المركب منذ ما يزيد على ثلاثمائة عام مردداً : يا مركب البحر أبو دقلين يا ريتني كنت ربانك با دخل بك الشام والبحرين واحمل المال في خانك ومنه تناقل تلك الكلمات شعراء وفنانو الجزيرة العربية والخليج حتى آخر مضارب مصر فصارت امتداداً لتراثهم الشعبي الغنائي خاصة في عمان والبحرين والكويت والسعودية ومصر ، وكلها تحكي قصة مركب الهند ، كما هو في حال الأغنية الاستعراضية الراقصة الشهيرة لدى الفرقة القومية للفنون الشعبية وتحت اسم ( المنبوطية) بالدارجة المصرية والتي عرفها أطفالنا بأغنية ( تعالي جنبي).. فيا مركب الهند عد لزيارتنا ولا تتأخر فقد طال انتظارك.