يعيش أبناء الطائفة اليهودية باليمن في سلام وأمان إلى جانب جيرانهم المسلمين، تجمعهم عادات وتقاليد متشابهة إلى درجة كبيرة، ويحترم كل منهم طقوس الآخر الدينية، وحين تزور الحي الذي يقيمون فيه لا تشعر بالفرق بين حارات اليهود وحارات المسلمين. وفي شهر رمضان الكريم يحرص يهود اليمن على احترام عادات وتقاليد المسلمين، فلا يأكلون أو يشربون أمام جيرانهم المسلمين، بل يتأقلمون معهم ويتأثرون بحالتهم خلال هذا الشهر الفضيل.. فتشاهد اليهودي خارج بيته وكأنه صائم وفي المساء يؤخرون سمراتهم ومقايل القات كما يفعل المسلمون. احترام متبادل وللتعرف أكثر على عادات وتقاليد يهود اليمن وتعايشهم مع المسلمين خلال شهر رمضان الكريم التقينا ب»يحيى يوسف» -حاخام الطائفة اليهودية- الذي قال: «أحب في البداية أن أهنئ باسمي واسم جميع أبناء الطائفة اليهودية القيادة السياسية ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية، وجميع أبناء الشعب في الداخل والخارج بشهر رمضان الكريم أعاده الله بالخير والبركة على بلانا اليمن. ويضيف الحاخام يحيى يسوف قائلاً: «نحن نحترم رمضان ونمارس فيه أعمالنا بشكل طبيعي، ولكننا نحرص على عدم تناول الطعام والشراب أمام المسلمين الصائمين أو تناول القات خارج بيوتنا نهار رمضان احتراماً لمشاعر المسلمين».. ويؤكد حاخام اليهود أن احترام أبناء طائفته لطقوس المسلمين الدينية خلال شهر رمضان نابع من شعور اليهود بأهمية هذا الشهر ومكانته العظيمة عند المسلمين، وكون المسلمين يحترمون شعائر اليهود الدينية. استقبال رمضان يستعد اليهود لاستقبال شهر رمضان منذ الأيام الأواخر من شعبان كما يحدث مع المسلمين، فيقومون بشراء مستلزمات واحتياجات رمضان وكأنهم في صيام. ويقول الحاخام يحيى يوسف: «نبدأ بالتحضير والإعداد لاستقبال هذا الشهر بشراء احتياجات رمضان مثل (التمر) والشربة وبعض الوجبات الأخرى التي تعدها الأسر اليمنية في رمضان، وكذلك الحلويات بأنواعها المختلفة ونتبادل المنافع والوجبات ونتعاون خلال المناسبات في أعمال المنزل والمطبخ مثلا». ويؤكد العديد من المسلمين الذين جاوروا اليهود أن بعض منازل اليهود تعد للصائمين المسلمين في رمضان وجبات الإفطار والبعض تقدم لهم اللحوح واللبن. ويجتمع بعض الشباب من المسلمين واليهود مساء في جلسات سمر يتناولون خلالها القات مع الاحتفاظ بخصوصية كل منهم، وتقام هذه الجلسات أحيانا في منازل يهود وأحيانا في منازل مسلمين. عادات وتقاليد ويقول الحاخام يحيى يوسف: «نحن متعايشون مع المسلمين منذ قديم الزمان.. عاداتنا وتقاليدنا واحدة نابعة من الوطن اليمني الأصيل، ولا فرق بيننا سوى في الطقوس الدينية.. فتجدنا نتبادل الزيارات مع المسلمين نزورهم ويزوروننا ونأكل من أكلاتهم ويأكلون من أكلاتنا، والأطفال يلعبون مع بعضهم.. يعني احترام بيننا وبينهم». ويؤكد حاخام الطائفة اليهودية يحيى يوسف على أنه يحرص على توجيه اليهود وخصوصاً الأطفال بالامتناع عن أي شيء قد يؤذي الصائم من المسلمين كالأكل أو الشرب أو التدخين أو تناول القات في نهار رمضان.. ويقول: «في النهار لا نتناول القات بل نتناوله في المساء ونؤخر السمرة حتى وقت السحر».. ويشير الحاخام يحيى يوسف إلى أنهم كثيرا ما يشاركون المسلمين في صوم أيام من رمضان وخصوصاً العشر الأواخر منه التي تتزامن مع شهر الول وهي كلمة عبرية تعني شهر سبتمبر الميلادي، وهي عشرة أيام مفروض على اليهود صيامها.. أو يشاركون المسلمين صوم أيام من رمضان من باب صوم النوافل «التطوع» وهو ما يقوم به جميع اليهود الذين بلغوا سن الرشد وامتلكوا القدرة على الصوم تقربا إلى الله. تقارب وتشابه هناك تقارب وتشابه بين صوم المسلمين واليهود، ففي «التوراة» اليهودية من أفطر متعمداً فلن يكفره صوم الدهر كله إلا من كان مريضاً أو مسافراً ففي هذه الحالة يتوجب على اليهودي القضاء أو الكفارة بالمال، وهو ما جاء في القرآن عند المسلمين. ويشير الحاخام يحيى يوسف إلى أن الصوم عند اليهود لا يقتصر على الامتناع عن الأكل والشرب والجماع فحسب، بل يستلزم الصمت عن كل كلام بذيء وكل سلوك غير أخلاقي ويقول: «إن صوم النوافل متاح لليهودي في أي يوم أو شهر من السنة عدا يوم السبت فإنه محرم الصوم فيه حسب ما جاء في توراة موسى.. ويحبب صوم النوافل في رمضان لأنه شهر كريم». صوم اليهود والصوم المفروض على اليهودي عبارة عن أيام متفرقة وموزعة على ستة أشهر ومجموعها يقارب الشهر كرمضان في الدين الإسلامي. وبحسب الحاخام يوسف فإن طقوس الصوم اليومي عند اليهود مشابهة لطقوس الصوم عند المسلمين، فتبدأ بتناول وجبة السحور في نفس التوقيت الذي يتناول فيه المسلمون السحور إلا أن الاختلاف يكون في موعد الإفطار الذي يتأخر عند اليهود حتى ظهور النجوم في السماء. ويبدأ صيام اليهودي بصوم ثلاثة أيام تسمى صيام «التعنيت» ومعناها صيام التذكير بالتوبة، وهو صوم مفروض على جميع اليهود في عمر 13 سنة وما فوق.. يلي صوم التعنيت سبعة أيام صيام ثم صوم يوم واحد هو «يوم الكبور» ومعناه يوم الصوم الكبير.. ويكثف اليهود في صيامهم من العبادات وقراءة التوراة وزيادة الصلوات وخصوصا في الليل.. والتي توازي صلوات التراويح والقيام عند المسلمين.