تحل علينا اليوم 16 /8 /2011م الذكرى الخامسة والثلاثون لرحيل القائد الوطني الكبير عبدالله عبدالرزاق باذيب الذي بوفاته فقد الوطن قامة وطنية كبيرة لعبت دوراً قيادياً مؤثراً في التكوين النضالي للحركة الوطنية اليمنية حيث كان الفقيد علماً بارزاً في ساحة النضال الوطني من اجل الحرية والاستقلال والعدالة والمساواة الاجتماعية وبصماته ثابتة وشاهدة على ذلك الدور البطولي وقد كتبت بأحرف من نور في صفحات التاريخ اليمني المعاصر، وكان مثقفاً ومناضلاً وطنياً من الطراز الأول ورائداً ثورياً في مواقفه الصلبة التي لا تلين ضد سياسات الاحتلال الاستعماري البريطاني في الجزء الجنوبي من الوطن اليمني الكبير وسياسات الاضطهاد والظلم للنظام الكهنوتي الإمامي الجاثم على أنفاس أبناء الشعب في الجزء الشمالي من الوطن. واستطاع الفقيد عبدالله باذيب أن يسجل أعظم وأكبر المواقف النضالية في مواجهة قوية مباشرة مع قوى الاستعمار وعملائها بالاعتماد على قوة الكلمة النابعة من الوعي الثقافي الوطني المتجذر في البيئة الفكرية والقاعدة السياسية والإيديولوجية الصلبة لهذا القائد الفذ الذي حول الكلمة إلى نار تحرق عرش الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية التي كانت لا تغيب عنها الشمس. لقد استطاع القائد الفقيد عبدالله باذيب بأسلوبه الراقي تعرية السياسة الاستعمارية ومحاكمة القيادة العسكرية للمستعمرة البريطانية عندما تمكن بما يمتلكه من فنون ومهارات العمل السياسي من تحويل جلسة محاكمته إلى جلسة لمحاكمة السياسة البريطانية الاستعمارية وحظي على إثرها باحترام وتقدير الغالبية العظمى من أبناء الشعب وفي المقدمة النخب السياسية والمثقفة على امتداد ساحة الوطن وبشكل خاص في المدينة الباسلة عدن الثائرة الرافضة للاستبداد من الهيمنة الاستعمارية. وكانت إسهاماته كبيرة وعديدة من دون كلل أو ملل لأجل ترسيخ ونشر الثقافة الوطنية وتعزيز الوحدة الوطنية والعيش المشترك بين أبناء الوطن اليمني الواحد حيث يعتبر الفقيد عبدالله عبدالرزاق باذيب من الرواد الأوائل الذين دعوا إلى إعادة تحقيق وحدة الوطن على طريق بناء اليمن الحر الديمقراطي الموحد برفض سياسة التميز والتفريق بين أبناء الشعب على أساس الهوية المناطقية وعمل على وحدة الصفوف وحشد الجهود والطاقات الإيجابية في أطر نقابية عمالية وشعبية موحدة تناضل بدون هوادة لمواجهة كافة صنوف سياسات القهر والاستبداد الاستعماري ووقف بشجاعة وإقدام من أجل إسقاط المشروع الاستعماري الراعي لإقامة اتحاد الجنوب العربي وضم المستعمرة عدن ولعب دوراً بارزاً في توجيه الطاقات الشعبية للمشاركة الفاعلة في المظاهرات والأضرابات التي تبنتها النقابات العمالية في المواجهات البطولية الرائعة التي شكلت ملاحم للتصدي لكل المخططات الاستعمارية. المشهد السياسي الحالي والأزمة الخانقة التي تمر بها بلادنا يجعلاننا نستحضر في الأذهان تلك الأرقام الوطنية الصعبة من هامات وقامات الوطن منها على سبيل المثال وليس الحصر- الفقيد القائد السياسي عبدالله عبد الرزاق باذيب ونحن في ذكرى رحيله كم نتمنى أن يبرز من بين صفوف القوى السياسة الحالية العقلاء والشركاء في العملية السياسية أناس لهم من الحنكة وفنون القيادة ومهارات التعامل مع فن الممكن في هذا الظرف الصعب لإثبات القدرات الشخصية في هذا الزمن الرديء الذي نخر فيه الفساد كل شيء واختلطت الأوراق بالتشويه والتضليل على الحقائق ومع ذلك يبقى الأصل ثابتة جذوره في أعماق الأرض وفروعها تمتد إلى السماء بكونه منارة إشعاع لمسيرة الأجيال وانتصار القيم الإنسانية النبيلة ونيل الحرية والعدالة والمساواة الاجتماعية. وستظل الكلمات التي كتبتها أنامل الرعيل الأول من رواد الحركة الوطنية اليمنية وفي مقدمتهم استأذنا الكبير القائد الوطني الفقيد عبدالله عبدالرزاق باذيب تحتل مساحات في قلوب ووجدان الأمة المتطلعة للنهوض الحضاري الحديث للتغيير نحو الأفضل. إنما دروس وعبر الماضي المشرقة حاجات ومتطلبات الحاضر والمستقبل إنها خلاصات عهود القهر والظلم والاستبداد الذي انتهى إلى غير رجعة ترسم آمال الأمة وتفتح ثغراً للنور في نهاية النفق المظلم في هذا الزمن الصعب والمكان الذي ضاقت فيه القلوب من قسوة الحياة والكيد والمؤمرات وتأتي الذكرى لتعيد فينا الأمل بما فيها من جماليات ومهارات العمل السياسي وفنون التعامل مع الممكن وفيها إشراقات نضالية وطنية تمدنا بقدر كاف من ثوابت ثقافتنا الوطنية التي يمكن أن تشكل ملامح الإجماع نحو رسم خارطة طريق للخروج من المحنة الراهنة والوصول إلى بر الأمان بسلام حيث يبقى الأمل موجوداً فينا ومن ذكرى الفقيد القائد نستفيد.