لليلة القدر هي ليلة العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر( ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر). قال الله تعالى فيها: (ليلة القدر خير من ألف شهر) أما سبب تسمية هذه الليلة بليلة القدر، فيقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم، أي ذو شرف. وأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه. وقيل لأن للعبادة فيها قدرا عظيما لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من قام ليلة القدر إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه. وينبغي تحري ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وفي أوتاره آكد، وهي متنقلة بين الليالي، فقد تكون في سنة ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون في سنة ليلة سبع وعشرين، وهكذا. وقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر". والحكمة من إخفائها: ليجتهد العباد في طلبها، ويجدوا في العبادة طمعاً في إدراكها، فتكون هذه الليالي، كلها ليالي اجتهاد وطاعة. والأجر المرتب على قيامها حاصل لمن علم بها ومن لم يعلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط العلم بها في حصول هذا الأجر. ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات مقارنة، و علامات لاحقة. العلامات المقارنة:- قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار، والشعور بالطمأنينة، أي طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر مما يجده في بقية الليالي. وتكون الرياح فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو مناسباً. وقد يري الله الإنسان الليلة في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم. وأيضاً أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي. أما العلامات اللاحقة:- أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها) رواه مسلم.. يستحب في هذه الليلة الإكثار من الطاعات خاصة الدعاء, لأن الدعاء فيها مستجاب، ويقول فيها ما ورد: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" ويذكر حاجته فيما يدعو به، ويكثر المسلم فيها من الاستغفار والتوبة وقيام الليل. وليلة القدر لها فضائل كثيرة وعظيمة وهي: أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن، قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر). وأنها ليلة مباركة، لقوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة). وفيها يكتب الله تعالى الآجال والأرزاق خلال العام، قال تعالى: (فيها يفرق كل أمر حكيم). وفضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي، لقوله تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر). وفيها تنزل الملائكة إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، قال تعالى: (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر). وهي ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها، لقوله تعالى: (سلام هي حتى مطلع الفجر). وفيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه. بلغنا الله وإياكم ليلة القدر، وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.