سمعنا عن الحسم الثوري والزحف الثوري والتصعيد الثوري، وربما الزواج الثوري الذي يعقبه طلاق ثوري على شاكلته ولونه، وصار كل شيء مضافاً إلى (الثوري) ولم أكن أتصور أننا سنسمع بالفقه الثوري الذي خرج به الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي! وذلك في معرض رده على علماء اليمن عقب بيانهم الذي أصدروه في ختام مؤتمرهم العلمي الذي انعقد بصنعاء للفترة من 27 - 29 سبتمبر الجاري، وبغض النظر عن رد سماحته إلا أن مفردة الفقه الثوري الذي يجب أن يقضي على الفقه الرجعي، اعتقد أنها جاءت متوافقة مع المد الثوري (للربيع العربي) الذي جاء به الصهيوني (برنارد ليفني) الذي تواجد في كل العواصم التي شهدت الفقه الثوري - معذرة الزحف الثوري، وبهذا يكون سماحته قد اتفق مع هذا الصهيوني في معطيات هذه المفردة الثورية المتعلقة بفقه الشريعة الإسلامية، وربما هذا من برنامج التقارب بين الأديان الذي يقوده فضيلته. طبعاً بيان علماء اليمن من وجهة نظر سماحته يجب أن يرمى به في البحر أو يضرب به عرض الحائط، أو يضرب به وجه من أصدروه لا سمح الله، وكأنهم جاؤوا بالآيات والأحاديث من بيوت آبائهم وأمهاتهم وليس من كتاب الله وأمهات الكتب التي حوت سنته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، لأنهم وبكل بساطة ليسوا من الجهاديين الذين يجب أن يطبقوا الفقه الثوري، وهذا الفقه سيتم تعميمه بطبيعة الحال لان الداعي له رئيس اتحاد علماء المسلمين، وما على الحجر والشجر في بلاد المسلمين إلا السمع والطاعة. لا أخفيكم أني كنت انظر للشيخ القرضاوي على أنه مجدد هذا القرن، طبعا لأني لست مطلعا على الفقه، ولكن غرتني طلعته البهية على الجزيرة كل احد، ولست ادري من اختار له يوم النصارى ليطل على المسلمين، أما كان الأحرى به أن يختار الجمعة كونها من أفضل أيام الأسبوع، أم لأن الغرب هو حامي الفقه الثوري، فأصبح الأحد يوما مقدسا لدى المسلمين. سبحان الله! أصبح البعض يحتكر الفقه على نفسه والفتوى على ذاته، بل ويبيح لنفسه ما يحرمه على الحكام، فإذا كان الشيخ الجليل يقول إن الحكام يحكمون بغير إرادة شعوبهم، مع انه يرأس مؤسسة الاتحاد العالمي للمسلمين في وجود من هم أفضل منه علما، ثم أليس الشيخ على دراية تامة بأن علماء أجلاء في مشرق الأرض ومغربها لا يرضون به رئيسا لهذا الاتحاد، ومع هذا هو متمسك بكرسيه متشبت به كبعض الحكام الذين ينتقدهم، أما بعض الحكام الذين يساعدونه على البقاء رئيسا للاتحاد مدى الحياة، فلا ضير في أن يستمروا حكاما لان المصالح قد اجتمعت. أقول لشيخي الجليل والله لولا الجزيرة ما كان عرف بشخصكم الكريم احد وأنا احدهم، ولا اطلع على فتاواكم عالم أو جاهل، لقد أعطاك منبر الشريعة والحياة أكثر مما أعطتك منابر الجوامع، لان العصر هو عصر الإعلام الذي تعد الفضائيات إحدى أدواته. معكم الحق شيخي الفاضل في أن تقف إلى جانب أصحابك من شيوخ اليمن القبليين قبل العلماء منهم، لأنك لا تنسى العشرة، ولكن كيف تنكر وقوف العلماء مع الحاكم، ولا تنكر انك وقفت مع أشخاص ضد ذلك الحاكم، فلا تغتر سيدي بالجزيرة فربما هو استدراج من الله لك، فمن العجيب أن رئيس اتحاد المسلمين يطل عليهم من منبر اقل ما يقال عنه أن فيه شبه الصهيونية التي تديره، ولو باسم العروبة عبر القوميين من جهة، وباسم الإسلام عبر شخصكم الكريم من جهة أخرى. لسنا علماء ولكني أتعجب كيف ينشب الخلاف بين العلماء على ما قال الله وقال رسوله والأعجب أن يظن بعض العلماء أن تفسير القرآن حكر لهم وفق الفقه الثوري، بينما الذين يستندون إلى الفقه المرتكز على مرجعية السلف على خطأ وضلال. الأعجب أن الشيخ القرضاوي ذاته كان إلى وقت قريب يحتج بتلك الأدلة الشرعية على الخروج على الحاكم، وسطرها في غير كتاب من كتبه القيمة، وربما يعود إليها إن احتاج لها مؤيدوه يوماً ما، فهل التفسير تغير، أم أن فقه الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه وما سار عليه الصحابة رضوان الله عليهم والتابعون والمجددون لا يمكن أن يصمد أمام حسم ومد وزحف الفقه الثوري؟!. باحث دكتوراه بالجزائر [email protected]