أخطار خفض الإنفاق العسكري بأميركا قال الكاتب روبرت صامويلسون إن السؤال المركزي في مناقشات ميزانية الولاياتالمتحدة هو: كم يجب أن نسمح به من الإنفاق المتزايد على البرامج الاجتماعية التي تزاحم الجيش؟ لأن هذا في الواقع يؤدي إلى نزع سلاح الولاياتالمتحدة بشكل بطيء لكنه خطير. وأوضح الكاتب في مقال بصحيفة واشنطن بوست أن الذين يرون في خفض الإنفاق العسكري وسيلة لتقليص العجز في الميزانية عليهم أن يدركوا أن هذا حدث بالفعل، فمن أواخر الثمانينيات انخفض عدد القوات الأميركية من 2.1 مليون عسكري إلى 1.4 مليون، ومع حربي أفغانستان والعراق لم يتم تعويض القوات التي تم خفضها منذ نهاية الحرب الباردة، ففي عام 1990 كان للجيش الأميركي 172 فرقة وكان للبحرية 546 سفينة وللجوية 4355 طائرة، أما اليوم فتلك الأرقام هي 100 فرقة و288 سفينة و1990 طائرة. واعترف الكاتب بأن حربي أفغانستان والعراق رفعتا الإنفاق العسكري الأميركي، لكنه أكد أن انتهاءهما سيمكن الإنفاق القليل من خفض العجز العام، لكن التوفير سيكون أقل مما توقعه كثيرون، لأن التكاليف رغم أنها معتبرة أقل من التوقعات، فلجنة الميزانية بالكونغرس تقول إن كلفة حربي أفغانستان والعراق كانت 1.3 تريليون دولار في السنوات المالية من 2001 حتى 2011، وهذا يعني 4.4 % من 29.7 تريليون دولار وهي قيمة الإنفاق الفدرالي في هذه السنوات، وفي السنة المالية 2011 تبلغ الكلفة 159 مليار دولار، أي 12 % من العجز الذي هو 1.3 تريليون دولار، و4 % من قيمة الإنفاق الإجمالي (3.6 تريليونات دولار). وذكر الكاتب مجموعة أفكار عادة ما تستخدم لتبرير الإنفاق العسكري، وهي أنه «لا يمكن تحمل النفقات العسكرية اليوم»، و»نحن ننفق أكثر من الآخرين وخفض الإنفاق لن يؤثر كثيرا»، و«البنتاغون يعاني من عدم كفاءة والتخفيضات الكبيرة لن تهدد قدرتنا القتالية»، ثم سرد تفنيدها فقال إن تحديد قيمة الإنفاق قرار سياسي، ففي الخمسينيات والستينيات كانت أميركا أقل غنى ومع ذلك كانت نسبة 40 % إلى 50 % من الميزانية الفدرالية تذهب بشكل روتيني إلى الدفاع، وتمثل 8 إلى 10 % من الدخل الوطني. وبحلول عام 2010 خصصت أميركا الثرية 20% من الإنفاق الفدرالي ونسبة 4.8 % من الدخل القومي للعسكريين، فتم الإنفاق على البرامج الاجتماعية بدل الإنفاق العسكري، ولكنهم تمادوا كثيرا في هذا التحول. وفيما يتعلق بمقارنة الإنفاق مع الآخرين قال الكاتب إن أميركا أنفقت ستة أضعاف ما أنفقته الصين و13 ضعفا مقارنة بروسيا، لكن الصين مثلا تملك قوة بشرية أكبر من الولاياتالمتحدة بنحو 50 %، أما أسطولها الجوي فهو أكبر بنحو 80 % لكن هذا لا يعني أن التكنولوجيا العسكرية الصينية تماثل نظيرتها الأميركية، لهذا تكون مقارنة الإنفاق مضللة. أما مسألة وجود عدم كفاءة في البنتاغون فقال إنه تم استهدافها في الخفض الإضافي المقدر ب450 تريليون دولار على مدى عشر سنوات والذي وافق عليه الرئيس باراك أوباما هذه السنة. وقال الكاتب إن الإنفاق العسكري ليس مثل غيره من أنواع الإنفاق، لأن حماية الوطن هي الوظيفة الأولى للحكومة، فهي منصوص عليها في الدستور، في حين أن الطرق السريعة ووجبات الغداء المدرسية والضمان الاجتماعي ليست كذلك، إذ ينبغي أن ننفق بقدر الحاجة، ولكن المبالغ غير واضحة أبدا، حتى في فترة الحرب الباردة، وعند إجراء تحليل مكثف لقدرات الاتحاد السوفياتي السابق لم يكن هناك رقم دقيق. وختم الكاتب بالقول إن تفوق أميركا العسكري ينبع من التكنولوجيا المتقدمة والتدريب المكثف. كما أن أوباما يكرر تعهداته بالحفاظ على قوة أميركا، ولكن التخفيضات الحالية قد تؤدي إلى عكس ذلك. لأنه حتى قبل هذه التخفيضات كان الإنفاق العسكري يتجه إلى أقل من 3 % من الدخل القومي، وهو أدنى مستوى له منذ عام 1940، لذا فالحاجة إلى الحفاظ على القوة العسكرية الكافية سبب آخر لتقليص الإنفاق على البرامج الاجتماعية وضرورة زيادة الضرائب. هل يقضي اليورو على الاتحاد الأوروبي؟ قالت أنجيلا ميركل ذات مرة: إنه حينما يسقط اليورو تسقط أوروبا معه. لقد كانت المستشارة الألمانية محقة في ما ذهبت إليه، لكنني أود أن أصوغ تلك العبارة بطريقة محرفة فأقول: حتى إذا نجح اليورو، فأغلب الظن أن أوروبا ستسقط أيضا. أما السبب فهو أن السياسات التي تهدف إلى حل أزمة اليورو ستقضي على الاتحاد الأوروبي كما نعرفه. وسيكون لتلك السياسات على وجه الخصوص تداعيات على دول مثل بريطانيا والسويد والدانمارك. بتلك المقدمة ابتدر الصحفي وولفغانغ مونتشو مقاله بجريدة فايننشال تايمز البريطانية تعليقا على الأزمة التي تعصف بمنطقة اليورو. يقول الكاتب إن اليورو كعملة استحدثت استنادا إلى أكذوبتين، الأولى أن الاتحاد النقدي يمكن أن يتم بمعزل عن التكامل السياسي، وها هي قد انكشفت الآن. والثانية قائمة على استنتاج مفاده أن دول الاتحاد الأوروبي المنضوية للعملة الموحدة (اليورو) وتلك غير المنضوية يمكنها التعايش معا على الدوام. تلك هي الفكرة وراء قيام الاتحاد الأوروبي باعتباره «نادي الأندية». إن حل أزمة منطقة اليورو بدأ يكشف عن ديناميكية لا تتسق مع تلك النظرة. فالقرار الذي اتخذه أعضاء منطقة اليورو الأسبوع المنصرم بمضاعفة حجم صندوق الاستقرار المالي سيدفع منطقة اليورو في مسار بعيد عن بقية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وهو إجراء غير كاف، تماما مثل «الخطط الشاملة» السابقة، للتصدي للأزمة. غير أن رد الفعل المرتاب به من جانب المستثمرين العالميين سيجبر الاتحاد الأوروبي على اتخاذ مزيد من الإجراءات، وستكون الدول الأعضاء في منطقة اليورو بحاجة للاستعانة بالبنك المركزي الأوروبي كمقرِض أخير. ولحل المشاكل الهيكلية الأساسية، فإن على تلك الدول أن توفق بين قطاعاتها المالية، وتحسن من منتجاتها وأسواق خدماتها، وتنسق قوانين أسواق العمل. كما يتحتم عليها الشروع في تنسيق سياساتها الضريبية وربما الأخذ بنظام منطقة اليورو الضريبي في نهاية المطاف.