في السادس من شهرنا الجاري 2012م انتقل الأخ/ علي الزريقي إلى جوار ربه (رحمه الله) بأبوظبي بعد طول صراع مع الأمراض التي تكالبت عليه بعد خروجه للتقاعد وتجاوزه السبعين من عمره الذي أفناه مناضلاً عروبياً بفكره القومي الوحدوي التحرري ضد الاستعمار البريطاني وركائزه العميلة في جنوب وطننا اليمني وضد الإمامة الكهنوتية وأدواتها المختلفة في الشطر الشمالي من وطننا اليمني، وضد نشوء وبقاء حالة تشطير الوطن نهجاً سياسياً وسلوكاً ثقافياً وعنفاً دموياً وإرهاباً نفسياً. لقد كان طيلة حياته مناضلاً، وعرف بالتزامه الفكري والتنظيمي للبعث العربي الاشتراكي القومي الإنساني الوحدوي التحرري في بداية تأسيسه في خمسينيات القرن الماضي بعدن كحزب مناضل، وكان مثقفاً أديباً وشاعراً له كتابات سياسية وأدبية وأشعار وطنية وعاطفية، وكان نقابياً صادقاً وصلباً، وكان تربوياً نموذجياً وعلماً، ويعتبره الكثيرون من أهله ورفاق دربه وزملائه وأصدقائه وغيرهم ممن عرفوه وتعاملوا معه صاحب شخصية محبوبة وجذابة، ورجل بهذه المكانة اضطرته الظروف السياسية القهرية للانتقال من جنوب الوطن بعد الاستقلال إلى شمال الوطن ليعيش فيه ويواصل نضاله التنظيمي والسياسي والتربوي من أجل ترسيخ أفكار البعث وتوسيع قاعدته وعلاقاته الوطنية، وكذا المحافظة على مناضليه، وتعزيز ثقافتهم بفكر البعث وبعدالة قضاياهم النضالية الإنسانية الوطنية والقومية والدولية، وأيضاً اهتمامه المخلص بالرسالة التعليمية كتربوي، ومشاركته الفاعلة في الحراك الثقافي كأديب وشاعر وكاتب صحافي، ولهذا فقد كان قائداً في موقعه وقدوة في تعامله، ومشهوداً له بالتواضع والعطاء والصدق والأخلاق والتصدي الشجاع الواعي والعادل للخارجين عن الأخلاق الإنسانية والقيم النضالية والنظم والأعراف والقوانين العادلة. وعندما صارت الظروف المعيشية صعبة والسياسية أصعب أضطر إلى السفر والاغتراب في أبوظبي للعمل تربوياً فدرس وأدار بعض إدارات المدارس وجمد وضعه التنظيمي بالبعث، ولكنه كمثقف وسياسي ظل يطلع ويتابع ويحلل وتواصل مع الجميع هاتفياً وكلما أتيحت له فرصة العودة إلى وطنه اليمن زار أهله ويسأل عن رفاق دربه وأصدقائه وبعض من زملائه وطلابه الذين أصبح عدد منهم مثقفين وسياسيين ورجال أعمال ومسؤولين و...إلخ، ليطمئن على صحتهم وأخبارهم، وليشاركهم الرأي في كثير من الأمور التي تهم قضايانا العادلة وتطلعاتنا المشروعة والأوضاع الخاصة والعامة لما لتجربته في الحياة من دروس وعبر وتأريخ، وهكذا استمر حتى بعد خروجه للتقاعد في أبوظبي وإقامته فيها وعودته إلى اليمن في زيارات قصيرة على الرغم من الأمراض التي اشتدت عليه وألزمته البقاء للعلاج في أبوظبي حتى وافاه الأجل فيها، وحالياً هو مدفون فيها رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم كل محبيه الصبر والسلوان. لقد عاش الأخ المناضل علي الزريقي رجلاً ومات رجلاً كما كان يريد أن يعيش ويموت حراً كريماً شامخاً.. ومناضلاً مدى الحياة. ((إنا لله وإنا إليه راجعون))