الفرحة بالعيد تختلف من شخص لآخر ، وتتنوع سلوكيات الفرحة والسرور خاصة عند الأطفال في عيش أيام العيد وقد يصل مداها إلى حد الشعور بالتضايق من هذه السلوكيات بالنسبة لأولياء الأمور وكبار السن ، مثل التجمع في مجموعات قريبة من البيوت وتعالي أصواتهم والركض هنا وهناك واللعب والدخول والخروج وكثرة الطلبات ..الخ ، صحيح أن ذلك يعد إزعاجا ولكنه لايدعو إلى توبيخهم والتشديد عليهم وحصر نشاطهم الأمر الذي ترتفع نسبته كثيرا في العيد ، وإذا كان علينا إفهامهم المعنى الحقيقي للعيد ، فليكن بالتسامح والتساهل معهم وكسبهم بالكلمة الطيبة والابتسامة الجميلة والنشاطات التي تعمق فيهم أهمية النظام والترتيب . وقد جاء عن موقف الرسول من ذلك قول عائشة -رضي الله عنها-: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "دعهما"، فلما غفل غمزتهما فخرجتا. وفي رواية في المسند أنه صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: "لتَعْلَم اليهود أن في ديننا فسحة، إني أُرسلت بحنفية سمحة". العيد له آدابه ويعد العيد فرصة ذهبية لتعليم الأطفال ضرورة الالتزام بأوامر الشريعة الإسلامية من خلال التذكير بآداب العيد التي حرص رسولنا الكريم على بقائها وأهمية تعليمها للصغار قبل الكبار، ومنها : تعليم الأطفال معنى إخراج الزكاة وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين التذكير بترديد تكبيرات العيد . الحرص على حضورهم صلاة العيد والاجتماع مع المسلمين ، وفيه تنمية لروح التواصل الاجتماعي لدى الأطفال . تعليمهم المعنى الحقيقي لصلة الأرحام وتذكر الأهل والأصحاب في هذا اليوم العظيم . العيد لم يتغير هناك ظواهر عديدة طغت على المعنى الحقيقي للعيد في وقتنا الحالي وأصبحت المظاهر هي الهم الوحيد الذي يسيطر على تفكير معظم الناس ، بينما هناك صعوبة في توفير الأشياء ولو البسيطة عند اغلبهم ومنهم الأسر الفقيرة التي تنتظر قدوم العيد وهي مثقلة بهم توفير المأكل قبل الملبس ، كما أن الترابط والتواصل الاجتماعي ولو كنا نرى أن ملاحمه ظاهرة للأعين إلا انه في الحقيقة بعيد عما كان عليه في السابق فالبيوت تباعدت وأصبحت زيارات الأهل قليلة وبالتالي تجمع الأطفال تحت ظل شجرة العائلة قل، وأيضا لاننسى العيدية التي كانت تزرع معنى كبيرا في نفوس الأطفال بالرغم من قلتها ويفرحون بها كثيرا . وعن هذا تقول الداعية المعروفة خولة القصبي في حديثها عن العيد وتغيراته : أن العيد لم يتغير، ولكن نحن الذين تغيرنا وطغت الماديات على المجتمع ، ففي الماضي كانت الحالة المادية لعدد ليس بالقليل من الأسر المسلمة محدودة نوعا ما، والملابس الجديدة غالبا لا يقتنيها الأطفال إلا عند قدوم العيدين الفطر والأضحى، ثم كان الترابط الاجتماعي أقوى بقرب البيوت من بعضها، بل أحيانا كان البيت الواحد يسكن فيه الجد والجدة وبعض الأعمام وأطفالهم، وهذا الاجتماع يضفي البهجة على نفوس الأطفال، والعيدية (مبلغ مادي يحصل عليه الطفل صباح العيد) زهيدة جدا، ولكن كان الطفل يفرح بها كثيرًا، أما في الوقت الحاضر فقد أصبحت المادة أوفر بفضل الله ونعمته، وإن تفاوت الناس، ولكن حتى من كانت حالتهم متوسطة فالطفل على مدار العام لديه جديد ولديه مصروف شهري وإن قل فهو مكافأة مادية يحصل عليها لا تقتصر على العيد، والأمر ليس عاما ولا شك، فهناك من الأسر التي لا يعلم عن حالها إلا الله أطفالها ما زالوا ينتظرون العيد ليحصلوا على الجديد لهم ،القديم عند غيرهم، وهذه النعمة يجب أن نحرص على أن نغرسها في نفوس أطفالنا ليشكروا الله على ما هم فيه . كما أن اهتمامات الأطفال تغيرت بمتغيرات العصر التكنولوجية؛ فطفل اليوم ينتظر البلاي ستيشين/ الجيم بوي/ البي أس بي ... إلخ، وطفل الماضي كان يفرح برائحة الحلوى وكعك العيد الذي يعد تذوقه قمة السعادة له». العيد وحث الأطفال على التمسك بمبادئ الإسلام وعن كيف ننتهز العيد فرصة لحث أطفالنا وإعدادهم لنصر الأمة الإسلامية .. ترى باحاذق أن المسلم يعيش حياته منطلقا من محور المبادئ الإسلامية التي مهما بعد عنها فإنها تعيده إليها، ولو عدنا إلى هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في أيام العيد لأدركنا المشاعر السامية التي نحن في حاجة إليها ، فبين حثه على الصلاة في المصلى لا في المسجد ليجتمع أكبر قدر من المسلمين للإحساس بالموقف وعظمته، مع لبس الجديد، وبين أكله تمرات قبل خروجه واغتساله قبل كل ذلك، وما أروع التكبيرات من صلاة الفجر التي تهز أرجاء المكان لتعلي كلمة التوحيد في الآفاق، وبين زكاة الفطر وإدراك شعور نفوس الضعفاء ، إذن هي مشاركة في جميع الأمور ليكون المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، فلو عشنا تلك المعاني بحقيقتها لتم البناء بغير عناء. وعن ذلك أشارت القصبي إلى أن العيد بمعانيه السامية وأهدافه النبيلة، هو يوم للمسلمين أجمعين؛ وذلك بالتسامح والتزاور والتواصل؛ ففيه تجتمع النفوس وتتقارب القلوب وتتجدد روح المحبة والألفة والرحمة والأنس، ونحاول الإصلاح بين المتخاصمين ومن كان بينهم قطيعة، فقد أوصانا صلى الله عليه وسلم بأن نكون لبعضنا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، وهذا العيد فرصة لتحقيق ذلك. التشويق والإبداع في العيد وفي استغلال العيد لتنمية المهارات الإبداعية وتوسيع آفاق الأطفال في المشاركة لابد من إعطائهم الفرصة لتحضير أنفسهم وترتيب نشاطاتهم في اليوم السابق للعيد وهو ما نريده أن يكون منتشرا بين أولادنا فقد قال أ. عبدالله الهذلول «مستشار أسري سعودي» أننا كي نحقق معنى العيد في نفوس الأطفال لابد من التشويق والإبداع وجعلهم يسألون بعضهم عن ماذا يرغب أن يعمل في العيد؟ أو ماذا سيقدم من جديد للغير في العيد؟ كذلك فإن الأمر يحتاج إلى إبداعات طفولية محضة غير مدخولة من الغير، ويفضل أن يرتب الأمر بحوار ونقاش قبل العيد ليطرح الأطفال أفكارهم كعصف ذهني لعمل تلك الإبداعات، وللعصف الذهني قواعد مهمة إذا أغفلت قتل الإبداع وتحطم الطموح وتعقد الطفل في الغالب، ويفضل أن يكون هناك أكثر من مجموعة، ويتلون العيد بعدة أفكار، وتتوالى تلك الأفكار من حين إلى آخر مثل أن يبدأ الاحتفال بعد صلاة العيد بساعة، ثم يتنقل الأطفال في الحارة الكبيرة إلى 3 أو 4 نقاط تجمع ليشاهدوا العروض والعيديات المختلفة بين تلك المجموعات، ومن ثم حثهم على إبداعات أكثر من التي ذكروها.