تظاهر أكثر من ألفين من أنصار المعارضة في العاصمة التونسية ضد «العنف السياسي» والائتلاف الحاكم بعد أيام من وفاة سياسي محلي في مواجهات جنوبي البلاد. واستجاب نحو ألفي شخص لدعوة للتظاهر أطلقتها الجبهة الشعبية (ائتلاف يغلب عليه اليساريون)، والحزب الجمهوري، والمسار الديمقراطي الاجتماعي، في حين تجمع مئات من أنصار حركة نداء تونس التي يقودها رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي في مظاهرة منفصلة في شارع الحبيب بورقيبة، وهو الشارع الرئيس في العاصمة. وردد المتظاهرون وبينهم قياديون ونواب عن تلك الأحزاب في المجلس الوطني التأسيسي هتافات ضد الحكومة -المؤلفة من أحزاب النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل من أجل العمل والحريات- وضد العنف السياسي. كما رددوا هتافات تنادي بإسقاط الحكومة وتغيير وزير الداخلية علي العريض واستبدال آخر به «محايد»، بينما دعا بعضهم إلى «ثورة جديدة» وفي مقابل معارضي الحكومة، ردد بضع عشرات شعارات مؤيدة للائتلاف الحاكم، وحالت قوات الأمن دون حدوث احتكاك بين الطرفين. وجاءت الاحتجاجات قبل ساعات من ذكرى مرور عام على انتخابات 23 أكتوبر 2011، التي ستشهد جلسة استثنائية للمجلس التأسيسي تناقش فيها مسودة الدستور. وتحسبا لمظاهرات قد تنحرف إلى أعمال عنف في ذكرى الانتخابات، انتشرت وحدات من الجيش التونسي حول مرافق عامة وخاصة حيوية في العاصمة وفي مدن أخرى في إجراء وقائي وفقا للمتحدث باسم وزارة الدفاع العميد مختار بن نصر. وكانت بعض أطراف المعارضة وفي مقدمتها حركة نداء تونس دعت إلى «انتهاء الشرعية» أمس الثلاثاء، وتشكيل حكومة «توافق» تعوض الحكومة الحالية برئاسة حمادي الجبالي، وهو ما رفضه الائتلاف الحاكم الذي يؤكد أن المؤسسات المنتخبة القائمة مستمرة حتى إجراء قيام مؤسسات دائمة بعد الانتخابات القادمة. واتفقت أحزاب الترويكا قبل أيام على اعتماد نظام سياسي مزدوج ينتخب فيه رئيس الجمهورية من الشعب، ويكون فيه توازن داخل السلطة التنفيذية وبين السلطات الثلاث. واقترحت تلك الأحزاب إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية يوم 23 يونيو القادم, بيد أن معارضين تحفظوا على التاريخ المقترح، واقترح بعضهم الفصل بين الانتخابات التشريعية والرئاسية. على صعيد آخر, اشتبك مئات المتظاهرين أول من أمس الاثنين مع قوات الأمن في مدينة قابس جنوبي شرقي تونس في سياق احتجاج بدأ قبل أيام بعد صدور نتائج امتحان لتوظيف عمال في المجمع الكيميائي بالمدينة. ووقعت الاشتباكات بعد ساعات من سريان قرار منع التجول الذي فرضته وزارة الداخلية بعد أعمال شغب في أنحاء من المدينة. واستخدمت قوات الأمن قنابل الغاز لتفريق المتظاهرين بعد اقترابهم من مركزين للشرطة والحرس الوطني. وكان عدد من عناصر الأمن أصيبوا في مواجهات سابقة في هذه المدينة الساحلية. وتزامنت المواجهات مع إضراب نفذه سكان ضاحية «بوشمّة» بقابس احتجاجا على ما يقولون إنه ظلم لهم ترجمته نتائج امتحان التوظيف في المجمع الكيميائي. ويشتكي سكان قابس من التلوث الذي لحق بمدينتهم من المصانع التي تحول المواد الكيميائية, كما يشتكون على غرار جهات أخرى داخل البلاد من البطالة التي تحاول الحكومة معالجتها على مستويات مختلفة.