أعود بمخيلتي إلى الستينيات من القرن الماضي، رغم أنني كنت صغيراً ألا أنني أتذكر كيف كنا نرمي جنود الاستعمار البريطاني بالحجارة، وكنت أعي في تلك الفترة أنه آن الأوان لرحيل الاستعمار البريطاني من عدن، كانت إذاعة عدن تبث الأغاني الوطنية والحماسية، ولعبت الأغنية الوطنية دوراً كبيراً في ترسيخ الفكر والفن والإيمان بأعماق كل إنسان، ولا أزال أتذكر صوت الفنان الكبير محمد محسن عطروش أطال الله في عمره وهو يغني: برع يا استعمار *** من أرض الأحرار ومن الأغاني الوطنية التي لعبت دوراً هاماً في الثورة اليمنية، أغنية الشاعر اليمني الراحل عبدالله هادي سبيت التي تقول: يا شاكي السلاح *** شوف الفجر لاح حط يدك علىالمدفع *** زمان الذل راح هذا الغير سيد *** وإحنا له عبيد يا من مات والله *** إنه من القهر استراح هذا الماء سال *** هذا الغصن مال هذا الزهر يتبسم *** على ضوء الصباح كما يؤكد الشاعر الكبير الراحل عبدالله هادي سبيت ضرورة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني ويقول: يدك يا أخي.. يدك يا سخي أرضك ملك لك والمغتصب حتماً يزاح بالله لا الأمام باتحمي السلاح بالله نشعل الثورة كفى من قول آح.. ومن كلماته التي لحنت وغنيت قبل الاستقلال هذه الأغنية التي خاطب بها أبناء وطنه، ودعاهم إلى النضال والكفاح المسلح، ضد الاستعمار البريطاني: يا ذى عشت في نارين *** تتغسل بدمع العين شوف الناس باليدين *** هدوا الظلم في يومين أوطانك *** لا ترضى لها بالذل من شانك *** كم ينفى وكم يقتل والأحرار *** ذا ما سألوا عنه وسط النار *** ربي سألتهم جنة كم لك على جسمي *** وجسمك من جراح إيمانك سلاح *** ضامن بالنجاح لا تحيا على الأيام *** مقصوص الجناح ويواصل الشاعر الراحل عبدالله هادي سبيت قصيدته الوطنية قائلاً: بالله يا شباب *** آن الاكتتاب أرضي والنبي *** ويل الأجنبي ديني ومذهبي *** يأمرني أن أحمل السلاح يدك يا أخي *** يدك يا سخي كم لك كم على *** جسمي وجسمك جراح إيمانك سلاح *** ضامن بالنجاح لا تحيا على الأيام *** مقصوص الجناح ويواصل الشاعر أبيات قصيدته ويختتمها بقوله: يا الله يا شباب *** آن الاكتتاب يا دي عشت في نارين *** تتغسل بدمع العين وهذه الأغنية قام بتلحينها وغنائها الفنان اليمني الكبير الراحل إسكندر ثابت. كما ساهم الفنان الكبير محمد سعد عبدالله في تقديم عدد من الأغاني الوطنية عند قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر والاستقلال الوطني في 30 نوفمبر ورحيل الاستعمار البريطاني من عدن منها: (قال بن سعد) و(يا يمني هذي بلادك) و(الذهب الأحمر) وأغان أخرى قدمها بواسطة الأسطوانات في عدن المستعمرة آنذاك وله المزيد من الأغاني الوطنية بعد جلاء الاستعمار البريطاني من عدن وأثناء الحصار الظالم على مدينة صنعاء لإجهاض الثورة الأم، مثل أنشودة (بلاد الثائرين) وأغنية (سعيدة) التي يقصد بها اليمن السعيد وأوبريت (زائر من الأرض). كما قدم أنشودة (مواكب الثورة) مع الفنان الكبير الراحل يوسف أحمد سالم ويقول الشاعر القمندان في أنشودة (بلادنا نحبها): بلادنا نحبها لحج وواديها تبن فيها الجناحين بيزج وفالج رب اسقها من عدن لحج الهنا تبن الرخاء لله درك من وطن بالروح نفديك وهل لك أيها الوادي ثمن أجري كما تهوى فإن الرعد فوق الحيد حن واسقي العبادل يا تبن إما عسل وإلا لبن يا لحج أنت عزة الدنيا ويعسوب اليمن.