قدمت سيدة في حالة وضع إلى استقبال مستشفى الولادة، حيث كان في استقبالها أحد الأطباء الأكفاء ، لم يكن لديها صور تلفزيونية قديمة من متابعات الحمل ، الصور الأقدم من الحمل هي الأدق دائماً كما يعرف أطباء النساء و التوليد ، بالسونار كانت حامل بتوأم ،قلبان ينبضان ، رأسان ، احدهما للأسفل ، جاهز تماماً للانطلاق ، و الآخر رأسه نحو الأعلى سيتوجب عليهم شده ليخرج ، ستكون الولادة الطبيعية ممكنة ، كان هذا رأي الأطباء ،أسرعوا بها إلى غرفة الولادة و بعد خروج رأس الأول من عنق الرحم لاحظ الطبيب الموّلد وجود مقاومة تمنع انزلاق باقي الجسد ، بخبرة و ذكاء اكتشف أنه أمام كارثة ، شيء لم يكن يتوقعه ، كانا توأمين متلاصقين ، الولادة عملية تتم بخط واحد ، لا يمكن عكس اي مرحلة منها ، خروج أي جزء من جسد الطفل لا يمكن إرجاعه في اي حركة عكسية ، الرأس الذي خرج لا يمكن إرجاعه ، كانت هذه المعضلة في حالتنا أعلاه ، كانت الأم بولديها أمام موت محتم ، مالم يتصرف هذا الطبيب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ،اخذ الموافقة من الأهل ، و قام بفتح الأم بعملية قيصرية ، قام بإخراج الجسدين الملتصقين و لكن بعد أن اتخذ قراراً صعباً و قاسياً ، قطع رأس الطفل الذي خرج أولاً ، نعم قطعه ! تمكن الأطباء من فصلهما ، حيث ذهب أحدهما إلى مثواه ، لم يكن ذنباً هذا الذي جعله يكون الأول ، لم يكن عدلاً هذا الذي جعله ينهي الحياة التي ابتدأها جسوراً و متعجلاً ، لم يكن خياراً هذا الذي جعل منه ضحية بدون قرار ، لكنها الحياة و مفاضلاتها، و طريقتها الصادمة في إرسال العبر و الدروس ، تقول لنا " لا تختاروا الموت مالم يختركم هو " ، " قدسوا الدقائق التي تتنفسون فيها بحرية ، برووس حرة ، و أجساد صحيحة أو حتى منقوصة ، كل دقيقة في مواجهتي تستحق الشكر " . هذا الطبيب الذي لم يكن يتخيل يوما انه سيتخذ قرار الموت لأحد و هو المصطفى لإنقاذ الحيوات ، لم يكن يعلم هو أيضاً انه سيتحتم عليه اختيار أبشع الطريق لإنهاء حياة أحدهم ، و أصعب الطرق لإحياء اثنين غيره ، الطب الذي يقبع بجبروته و حكمته خارج الكتب و المجلدات هو الأصعب !. هذا ما تعلمته ، الشجاعة هي أن اندفع بكل قوتي نحو الحياة ، الشجاعة هي أن أغزل كل الممكنات حبلاً يقودني إليها ، الشجاعة أن اتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب ، قرار العيش و الإعاشة ، الشجاعة و إن كان ظاهرها البشاعة أحياناً ، إلا إنها الفكرة المقدسة عن الرحمة ، عن الحياة ، و الحياة فقط !.