جولة الرئيس الصيني هو جينتاو في أفريقيا, والتي شملت ثماني دول, بدت كمتابعة لقرارات منتدى التعاون الصيني الأفريقي الذي انعقد في بكين قبل ثلاثة أشهر على مستوى القمة وشارك فيه 47 دولة أفريقية وكان أكبر حدث دبلوماسي تستضيفه بكين منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية. بعض المحللين الغربيين ووسائل الإعلام نظروا إلى هذه التحركات بين الصين والقارة السوداء على أنه استعمار من النوع الجديد, تحاول الصين من خلاله بسط سيطرتها على منطقة تعتبر الأغنى بمواردها الطبيعية في العالم. حاجة الصين المستمرّة إلى النفط في تدوير عجلة اقتصادها المطرد النمو, جعلتها دائمة البحث عن مصادر للطاقة, ولعدم تلبية النفط الآسيوي لحاجاتها منه وتربع الولاياتالمتحدة على آبار النفط في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى, جعلت الصين تتطلع الى ينابيع القارة السوداء حيث تشير الأرقام الى أن 25% من واردات الصين النفطية تأتي حاليا من أفريقيا, وهو ما يعادل 6% من حجم تجارة النفط في العالم. مازالت الصين تعتبر نفسها في صفوف الدول النامية رغم التطور الأقتصادي الذي شهدته وما زالت تشهده, وتصر على أن العلاقات بينها وبين الدول الأفريقية مبنية على المنفعة المتبادلة وليس هيمنة على القارة السوداء كما يروّج له العديد من المراقبين الغربيين. فبينما أعلنت الصين عن أنها ستزيد من مساعداتها لأفريقيا, قامت بضخ مليارات الدولارات خلال بضع سنوات مضت واستخدمت العديد من الإمكانات الهندسية والإنشائية لتطوير البنى التحتية المتعلقة بمشاريع الغاز والنفط وغيرهما من المصادر الطبيعية في العديد من البلدان الأفريقية التي في النهاية تصب في دعم وتطوير مصادرها من الطاقة. وتتضمن المساعدات الصينية لأفريقيا تقديم ثلاثة مليارات دولار من القروض التفضيلية وإلغاء ديون 31 دولة أفريقية فقيرة, وإعفاء 190 نوعا من السلع المستوردة من أفريقيا من الرسوم الجمركية. وقال المستشار الأقتصادي خه جوين إن تعاون الصين مع الدول الأفريقية يكتسب أهمية اقتصادية بالدرجة الأولى, موضحا أنه في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كانت العلاقات بين الصين وغالبية الدول الأفريقية علاقات جيدة. ففي عهد ماوتسي تونغ أقيمت هذه العلاقات لأهداف سياسية لمقاومة هيمنة الغرب. وكان هناك تعاون كبير على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وفي عهد دينغ شياو بينغ وحتى الآن انتهجت الصين موقفا أكثر واقعية في تعاونها مع الدول الأفريقية والشرق الأوسط. وقال إن بكين "تريد تطوير اقتصادها ونسج علاقات مستقبلية لتطوير الاقتصاد على قدم المساواة والمصلحة المتبادلة, فالأفارقة يمتلكون الموارد الطبيعية والطاقة، والصين تقدم الخبرة والعمالة المدربة والبضائع التجارية بالمقابل". واردات الصين من النفط تزداد باستمرار وبسرعة كبيرة. وتسعى دائما إلى تنويع مصادرها من الطاقة. على الرغم من ارتفاع وارداتها نسبيا من الشرق الأوسط في الأعوام الماضية, فإن وجود الولاياتالمتحدة وما يعتري المنطقة من توترات سياسية قد يعيق تدفق النفط اليها وبالتالي يؤثر على وتيرة نموها الأقتصادي. هذه الأسباب دفعت الصين للتوجه إلى مناطق أخرى مثل أفريقيا ودول أميركا اللاتينية كفنزويلا التي قال رئيسها هوغو شافيز أثناء زيارته الأخيرة للصين إنه سيجعل نصف إنتاج النفط الفينزويلي تحت تصرف الصينيين. على مدى عقود مضت, عرٍِِف عن السياسة الصينية بأنها اقتصاديةً دائما, ولكن الأقتصاد أجبر الصين مؤخرا على فرض وجودها سياسيا كمشاركتها في قوات حفظ السلام الدولي في مناطق مختلفة من العالم والتعامل مع بعض الأزمات السياسية في دول أفريقية يوجد للصين فيها مشاريع ومصالح, كأزمة دارفور مثلا, حيث تعارض الصين كعضو دائم في مجلس الأمن أي تدخل أجنبي في السودان من شأنه أن يزعزع إستقرارها وبالتالي يؤثر على مصالح الصين هناك. يشار إن الرئيس الصيني هو جين تاو اختتم يوم الجمعة جولة شملت ثماني دول افريقية بزيارة سيشل حيث كان من المتوقع أن يعرض تقديم مساعدات تزيد قيمتها على 16 مليون دولار. في نهاية جولة شملت أيضا الكاميرونوليبيريا والسودان وناميبيا وجنوب افريقيا وزامبيا موزامبيق. وفيما يلي بعض تفاصيل الاتفاقات التي أبرمتها الصين خلال جولة هو الافريقية.. في الكاميرون.. - وقع هو مع الكاميرون ثمانية اتفاقات وألغى الديون المستحقة للصين على الكاميرون وتعهد بتقديم مساعدات تقارب 100 مليون دولار. وشملت المساعدات منحة قدرها 40 مليون يوان (5.15 مليون دولار) وقرضا بدون فائدة قدره 30 مليون يوان (3.86 مليون دولار) مخصص للتعاون الاقتصادي والفني الى جانب قرضين اخرين بشروط ميسرة قيمة كل منهما 350 مليون يوان (45.02 مليون دولار) أحدهما مخصص لمشروعات متعلقة بالاتصالات. في ليبيريا.. - وقع الرئيس الصيني اتفاقات للتبرع بعقاقير مضادة للملاريا وألغى ديونا مستحقة لبكين تتجاوز عشرة ملايين دولار كما ألغى الرسوم على الصادرات الليبيرية الى الصين. وأبرم اتفاقات بقيمة 25 مليون دولار على مدى عامين للمساعدة في اعادة اعمار ليبيريا بعد الحرب الاهلية بين عامي 1989 و2003. في السودان.. - تعهد هو بتقديم مساعدات انسانية لاقليم دارفور بقيمة 40 مليون يوان (4.8 مليون دولار). كما ألغى ديونا مستحقة على السودان تصل الى 70 مليون دولار ووقع اتفاقات اقتصادية شملت تقديم قرض بدون فائدة بقيمة 100 مليون يوان لبناء قصر رئاسي جديد. في زامبيا.. - ستمنح الصينزامبيا قروضا بقيمة 396 مليون دولار لتجديد محطة للكهرباء وتحسين البنية التحتية للاتصالات في الريف. كما تعهدت الصين باستثمار 800 مليون دولار في زامبيا خلال السنوات الثلاث القادمة. في ناميبيا.. - وقع هو اتفاقات لتعزيز العلاقات الاقتصادية وتقديم التمويل والخبرة للمدارس والسياحة. في جنوب افريقيا.. - وقع الرئيس الصيني اتفاقات اقتصادية وزراعية وتعهد بتقليص العجز في الميزان التجاري مع جنوب أفريقيا. في موزامبيق.. - أجرى هو في مابوتو محادثات مع الرئيس ارماندو جيوبوزا وأعلن عن تقديم مجموعة من القروض بدون فائدة بقيمة 1.2 مليار يوان (154.9 مليون دولار) لقطاعات الزراعة والصحة والتعليم في موزامبيق. كما ألغت الصين ديونا مستحقة على مابوتو قيمتها 20 مليون دولار. في سيشل.. - قال وزير الخارجية ألين باتلر بايتي ان من المتوقع أن توقع الصين خمسة اتفاقات تتعلق بتقديم منح تبلغ اجمالا 100 مليون روبية سيشل (16.5 مليون دولار) .