الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أثار موجات من الدهشة بإعلانه عن عدم ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة, وقوبل الإعلان المفاجئ بالكثير من الشك وبالقليل من التصديق. والسر أن الشعوب العربية تدرك مدي صعوبة بل استحالة اتخاذ معظم الرؤساء العرب لمثل هذا القرار الخطير, إلا باستثناءات قليلة. فالذاكرة العربية تحمل ذكريات جميله للرئيس السوداني سوار الذهب الذي ترك المنصب مختارا, في حين يعلم الجميع الآن أن الشاذلي بن جديد اجبر علي ترك المنصب عندما ساءت الأمور كي تدخل الجزائر فتره طويلة من الاحتقان السياسي. وفي المقابل فان كثيرين رحلوا إما بالانقلاب عليهم أو بالموت أو بالاغتيال, ولم تكن تجربه التنحي للرئيس عبد الناصر خالصة تماما, فقد خرجت الجماهير أو أخرجت كي يبقي عبد الناصر. وفي الحالة اليمنية الراهنة فان الرئيس علي عبد الله صالح فجر هذه المفاجأة بعد27 عاما قضاها في منصبه, وبعد اقل من24 ساعة عاد نائبه عبد ربه منصور هادي ليعلن أن الحزب الحاكم متمسك بقياده صالح للبلاد لما اكتسبه من تجربه وما أحرزه من إنجازات. ولكن في المقابل فتح النقاش حول الأهمية الاستثنائية لأحداث عمليه النقلة التاريخية, وإقرار السوابق السلمية لعمليه الانتقال الهادئ والسلمي للسلطة، وأهميه وجود قيادات كبيرة اختارت بملء إرادتها أن تترك المقعد الأول بضغوطه الكبيرة ومسئولياته الصعبة. وبالقدر ذاته فان قرار عبد الله صالح أثار التساؤل المشروع حول سر الرغبة في الاستمرار, فقد أكدت صحيفة الثورة اليمنية أن قرار صالح برهن علي أن السلطة في اليمن مغرم وليس مغنما.. وربما لا يتفق الكثيرون مع الصحيفة, إلا أن الأمر يحتاج لتعريف مغانم السلطة قبل الخوض في مسألة التكلفة والعائد. ويبقي أن الشارع العربي تسيطر عليه حاله من القلق والغليان وفقدان الأمل في الإصلاح والتغيير, وتسيطر عليه حاله من الشكوك العميقة بشان مايراه علي المسرح السياسي, وهو ماحدث مع اضطرابات اليمن الأخيرة. .. ويبقي السؤال الأهم الآن: تري هل يفعلها علي عبد الله صالح ويرحل؟!. علينا أن ننتظر لنري؟ نقلاً عن صحيفة الأهرام.. القاهرة