الشعراء الحزانى، الغامضون، الناطقون بالإشارة، الذين لم يبارحهم الحياءُ، ولم يمطوا الكلمات أبعد ممّا تصل إليه أصابعُهم: ناهبو الشعلة، العُراة، ومخمنو الفرح، الذين بدمعة يغسلون الغفرانَ، ويمسحون الزلة. الناجون من الانحناء إلا لالتقاط شمس، أو رفع حسرة: مصحّحو الأرق، مفخّخوا السهاد، قاضمو الضجر، والذين لم يترددوا عن المشي فوق المياه، لأنهم مُوكلون بمهمة الغرق. أولئك ستلاطفهم العثرات ُ وتبطش بهم المدنُ : ستأمرهم الفنادق بالنزوح إلى الساحات، ومن ساحة إلى ساحة سيطاردهم نباحُ القناديل في الأماسي: سيعودون صارخين من الألم إلى حبيباتهم، فلا يشمّون في أحضانهن رائحة امرأة، وكما أكلتْ الساعاتُ المفتوحة على الرمل هواجس طفولتهم، سيأكل الإسفلتُ أحشائهم المبللة بحنو البراري. القادمون من أقاصي اليقظة، من الخرائب، من قِصر الخيط ومن انقطاعه، والنازحون إلى أقاصي العزلة: لن يصلوا، لن يأمروا، ولن يطاعوا، وأنا واحد منهم.