رئيسُ الدائرة السياسية بحزب رابطة أبناء اليَمَن «رأي»- أن السُّلْطَة تتجاهل مظالم النَّاس في البلد، بفعل التركيبة الخاطئة للدولة التي تدير البلد بنفس الأسلوب الذي كان قبل الوَحْدَة، رغم تغيُّر الظرف الزمني، والدولة سمحت لمراكز القوى بالفساد وزادت المظالم، وتصدر قرارات من رأس الدولة وحتى من الوزير ولا تُنَفذ.. وَقال في حوار صحفي نشرته الزميلة (البلاغ) الاسبوع الماضي العدد (840) تعيد (رأي) نشره: إن الدورَ الخارجي في إنجاح المبادرة أتمنى أن لا يحدُثُ، فهو ليس جمعية خيرية يريد أن ينصر أخاه، فهو لديه حسابات ومصالح خاصة. فإلى نص الحوار.. حاوره/ بسام قائد مؤخراً انطلقت دعوات من قيادات في الحراك الجَنُوْبي تطالب الشماليين بمغادرة الأراضي الجَنُوْبية بما في ذلك قوات الجيش.. كيف تقرأ ذلك؟. - في الأساس على المستويين السياسي والإنساني هذه الدعوات مرفوضة، لاعتبارات أخلاقية واجتماعية، وفي الوقت نفسه لا يجب رفضُها وإدانتُها، وإنما تجب معرفة لماذا ظهرت ولم تكن موجودة، وأؤكد لك أن هناك من الآباء الذين هُم من المحافظات الشمالية وعاشوا لسنوات عديدة، والأجيال الثاني عاش وتربى في الجَنُوْب، ولا يعرف شيئاً عن المحافظات التي ينتمي إليها، وجد نفسه مرفوضاً من زملاء الطفولة وأصدقاء الطفولة والشباب، ويشعر بالحرج إذا ذهب عنده جماعته، وبالتالي فهذه الدعوات مرفوضة بالبُعْد الإنساني وَالسياسي والأخلاقي والاجتماعي، ولكن هذا لا يكفي، وإنما يجب البحث عن أسباب هذه الدعوات، وليس التبرير للفعل ورد الفعل، ولكن لمنع أن يستشريَ ويستمر، ولكن هي المظالم التي واجهها الناس، وتجاهل السُّلْطَة لهذه المظالم، وبالتالي هذه السُّلْطَة تجاهلت هذه المظالم؛ لأنها مركبة في الأساس بشكل خاطئ، تريد أن تدير البلد بنفس الأسلوب الذي أدارت به البلد قبل التوحد، فالظرف الزمني تغير ومفاهيم الناس تغيرت، وآلام الناس زادت، هذا هو السبب، لا بد أن نعالج السبب الذي أدى إلى ذلك، وهو ينحصر في الدولة ونظام حكمها، دولة بسيطة ومركزية شديدة وسمحت بإنشاء مراكز قوى ومراكز نفوذ، سمحت بالفساد وزادت مظالم الناس، تصدر قرارات من رأس الدولة وحتى من وزير الدفاع ولا تنفذ، ولا يوجد هناك حسيب أو رقيب على من لا ينفذ، هذه كلها عيوب أدت في النهاية إلى هذا، وهناك في مراكز السُّلْطَة والنفوذ بصرف النظر من أي اتجاه هم مَن يغذي الصراعات ويسهمون في إذكاء هذه الحالة، السبب الآخر استخدام الدولة للجانب غير الإيجابي في التركيبة القبلية وعلى مدى عقود طويلة من أجل ترويض القبيلة ومن أجل كسب الكثير من القيم والعادات، هذه أيضاً انتقلت بعد الوَحْدَة إلى الوَحْدَة. لذلك اليوم إذا أتت الدولة لمعالجة مشكلات البطالة والتقاعد القسري فهي أعجز من أن تعالج ذلك، أعجز من أن تمنع أصحاب النفوذ من ظلم الناس، أعجز من أن تطبق القانون على كُلّ الناس، وأن لا أحد فوق القانون، حتى هذه المعالجات التي تتم لبعض المشاكل هي معالجات وقتية لا تُنهي أو تعالج هذه المشكلة، ولا بد من التركيز على الأسباب التي أدت إلى نشوء مثل هذه الدعوات. السُّلْطَة قامت ببعض المعالجات، مع هذا نلاحظ الجميع مهتماً بمعالجة المشاكل في الجَنُوْب فقط، رغم أن المظالم موجودة في كُلّ المحافظات؟. - نعالج مشكلة بصرف النظر عن قبول هذا الطرف ورفض ذلك، لكن اليوم إن جئت وتقول إن الحراك في الجنوب يدعو إلى الانفصال وخارجون عن القانون.. إذاً أنت لم تحل الإشكالية، وما يحدث في صعدة والقول بأن هؤلاء يريدون أن يُعيدوا الإمامة فهذا باعتقادي غير صحيح، عندما تظهر مثل هذه الدعوات والدولة عاجزة عن حلها، ويمكن أن تخلصَ منها بأن نأتي بأصحاب المشكلة ليكونوا جزءاً من الحل، دون ذلك سيكون كلاماً ليس له معنىً، وأنا هنا كحزب رابطة دائماً أقول إن الإشكالات قائمة وموجودة في كُلّ المحافظات، ولكن ما الذي حصل؟، تحرك الجَنُوْبيون فأوجدوا حراكاً لا يمكن أن نخرج من هذه الإشكالية التي وُجدت من ظهور الحراك والحوثي ويتم تجاهل المشكلات الأخرى في بقية المناطق، ستكون الحلول مبتورةً، وهؤلاء رموا حجراً في مياه راكدة، ودائماً القضايا المثارة هي التي تلفت الأنظار إليها؛ لأنها أصبحت مشكلةً. إذاً لماذا كُلُّ المعالجات التي قامت بها السُّلْطَة فشلت؟، أمَ هو إنكار لما قامت به؟. - فشلت معالجات السُّلْطَة بسبب أنها لم تكن قادرة وليس لديها رغبة في معالجة المشاكل، وقد يكون فشل معالجات السُّلْطَة لعدم وجود رغبة بالخروج أو القدرة على استخدام أدوات الخروج من هذه الإشكاليات، ونعتقد أن السُّلْطَة لم تستوعب مطلقاً في معالجات الإشكاليات الأدوات، فهي كما كانت في الماضي، اليوم عندما يحتج المواطن ويخرج بمظاهرة تواجهه السُّلْطَة بالقوة كما فعلت في مرحلة زمنية معينة، وتعتقد إذاً أنها بنفس الأسلوب الذي عالجت به المظاهرة قبل عشر سنوات ستعالج المظاهرة اليوم، دون أن تلتفت إلى أن هناك متغيرات على أرض الواقع، في 94م ثبتت الوَحْدَة كما يقولون بالدم، أوجدت واقعاً جديداً من دولتين إلى دولة واحدة، من مساحة كانت مجزأةً إلى مساحة أصبحت موحدةً، حصَل متغير جديد أوجد حالة متغيرة في الواقع المعاصر لم تدركه الدولة وبالتالي لم تستطع قراءات المستقبل. إذاً لماذا فشلت الدولة لأن الأدوات غير مناسبة هذه الأدوات أتت من مفهوم معنى الدولة، اليوم الدولة محتاجة إلى هيكلية جديدة تسمح بإخراج أدوات وآلات تتناسب مع المتغير الجديد الذي حدث، وهذا الشيء يصدق حتى إذا كان من يحكم اليوم جميعهم من المحافظات الجَنُوْبية، ومن هنا أتى عجز الدولة عن المعالجة، فالدولة البسيطة لم تعد صالحة لتكون هي الدولة بعد التوحد؛ لأنه حدث واقع ومتغير جديد يتطلب تعاملاً جديداً، الإنسان الموجود في المهرة بلا شك أنه يختلف مع الإنسان الموجود في صعدة، بمعنى أن الإنسان الموجود في المهرة ترتب لديه موروث ثقافي وموروث معين نتيجة للتأريخ الذي عاشه منعزلاً عن أخيه الذي في صعدة، وبالتالي الحقائق والخبرات هنا اختلفت وهم إخوة، إذاً لا بد من آلية تجعل من هذا الاختلاف بين الطرفين وسيلةً لجمع الطرفين والاستجابة لاحتياجات الطرفين والحقائق على أرض الواقع. هل المبادرة التي قدمها حزبُكم لحل مشاكل البلد قادرة على وضع حد لهذه المشاكل بأدوات جديدة؟. - المبادرة الرابطية وضعت آليةً، ونعتقد حتى اللحظة أنها الآلية الأنسب وليست الأمثل والأكمل، نحن كبشر تفكيرنا ينصب في إطار الممكن بحدود العقل البشري، ونحن نعتقد أنها الأنسب لإدارة التنوع في المجتمع اليَمَني، وَلن تُحل الإشكالية بين عشية وضحاها، ولكن سوف ترسي مفاهيم مختلفة عندما تعيد تركيب الدولة والمركزية السياسية للدولة، وتعيد مفهوم الدولة والعدالة بينها وبين المواطن، توجد الآليات التي تستطيع الدولة أن تفعّل بها الرقابة، والآليات لها مجموعة من الأسُس لا بد لها أن تكتمل من برلمان جيد يدير أمورَه بشكل جيد، يكون العضو البرلماني صوته لصوت الناخب وليس للنفوذ الذي يمتلكه في إطار منطقته ونفوذ شخص آخر أوصله إلى البرلمان، لماذا الانتخابات بالقائمة النسبية لا يمكن إطلاقاً أن تصل منفرداً إلى السُّلْطَة؛ لأن الآخر الذي أخذ أصواتاً تحسب له وبنسبة ما حصل عليها من الأصوات وبالنظر إلى ما حصل عليه من الأصوات يصبح كُلّ صوت محسوباً لهذا المتنفذ الذي كان يعيث بالأرض فساداً، حتى آليات التزوير سوف تتغير، هذه العملية تحتاج إلى مدى زمني، والشيء الجميل أن الآلية سوف تفتح باب الأمل، مع الزمن الحلول كافية لكن لا يوجد شيء يمكن أن تقول له أحدٌ: كن فيكون. إلاَّ الله. العملية التي نتكلم عنها محتاجة لزمن ولإمكانات مادية ضخمة وَمليارات من الدولارات لنعيد التقسيم الإداري للبلد، فهي ليست عملية سهلة، ففي مبادرتنا قلنا نريد مشاركة جامعة الدولة العربية ودول الخليج، وحددنا ذلك بوضوح، مساعدتنا فنياً ومادياً، وهي وسيلة نريد أن نتبناها وبها مخرج والمخارج لا تأتي بين عشية وضحاها، ولكن سوف تفتح بابَ أمل. هل تراهنون على دور خارجي في إنجاح المبادرة؟. - دورٌ خارجي في إنجاح المبادرة نتمنى أن لا يحدث ذلك، لماذا؟؛ لأن الدور الخارجي الذي يأتي ليس جمعية خيرية يريد أن ينصر أخاه الإنسان، سيأتي ولديه حسابات ومصالح، وقبل ما يكون الدور الخارجي مطلوباً يجب علينا كيمنيين أن نضع أجندةً ونسعى لها وبالتالي نحن من يضع الشروط وَنحن لا نريد أن نستعين بالخارج سواء أكان عربياً أم أجنبياً لكي أفرض على المنظومة الحاكمة القبول بإعادة الهيكلة، ولكن أريد أن يكون هناك ضغط من الداخل من الناس وخلق رأي عام ضاغط، والخارج سيأتي وهو مطلوبٌ لدعمك مادياً وفنياً بصرف النظر من هو، وسيأتي وأنا أحمل أجندة فرضتها على إطاري الداخلي ولن أقبل بالعامل الخارجي إلاَّ إذا كان يستخدم هذه الأجندة، إذا خرجنا بأجندة واتفقنا عليها وعلى الأهداف المحددة، فعلى الأقل العامل الخارجي سيأتي ولديك أجندته حينها لا يمكن أن يخترقنا؛ لأننا قد أجمعنا على أجندة خاصة بنا تحقق أهدافنا. في ظل خلافكم مع الحزب الحاكم وعدم قبول اللقاء المُشْتَرَك بمبادرتكم.. على ماذا تراهنون إذاً؟. - لم نكن في يوم من الأيام قد راهنا على قوى سياسية لا في الداخل ولا في الخارج، كنا وما زلنا نراهن على صدق أبناء البلد ونسعى لخلق رأي عام مؤيد، ونحن نريد الصلاحَ لهم، والصلاح هنا تحقيق أهدافهم وحل مشاكلهم، ولم نعمل خططاً أخرى للوصاية عليه، وقد يأتي المُشْتَرَك برؤية ومبادرة أنسب ويقبلها الناس والناس هم من سوف تتحمل تبعاتها، رُؤيتنا لا يمكن أن نفرضها على أحد، ونتمنى كأطراف سياسية أن نعمل ونسعى ونتعاون مع بعضنا البعض، ولكن هذه الناس تحكمها أهواء ولديها مصالح، وفي النهاية المواطن هذا الذي لو اقتنع برأينا هذا الخط هو الذي يحكمه وليس بالضرورة أن يكون هو لكن في النهاية هو سيد نفسه وعليه أن يعي ويمشي في الطريق الذي هو فيه، لكن عليَّ في النهاية تقديم حلول ومساعٍ لخدمته بخلق رأي عام داعم له بقدر ما أستطيع فإن أتى غيري وحمل هذه المشاكل بتغييرات وتعديلات فالسوق مفتوح إن جاز أن نسميه بهذا، وأستطيع إقناع الناس، فهذه هي الديمقراطية، بقدر ما تخلق لديه قناعة وما تقدم له من بضاعة هي الأنسب لإشباع حاجته، إن نجاحنا فيها ونتمنى ذلك وخلقنا رأياً عاماً داعماً فخير وبركة. لماذا لا تعملون على إيجاد مبادرة جماعية يتم الاتفاق عليها بينكم وبين أحزاب اللقاء المُشْتَرَك بدلاً عن المبادرات الانفرادية؟. - قدمنا مبادرة وقلنا: إنها مفتوحة للجميع، ولتصحيح أي نقص وتعديل أي شيء فيها، ولم نسمع منهم رفضاً لها، وَلم نقل هذه حقنا فقط فَلسنا أعضاءً في المُشْتَرَك، نحن قدمنا رؤيةً إن رأى المُشْتَرَك فيها جوانبَ تتفق مع رؤيته وأراد أن نتفق وننسق معه فلا مانع لدينا، وإذا رأى المُشْتَرَك ما يناسبُ رؤيته في أجزاء معينة من رؤيتنا فشيء طيب، وإن تقدم بما هو أنسب وأقنعنا بأنه الأنسب فلن نتردد في التعاون معه. يكتفي حزبكم بتقديم المبادرات دونَ تفعيلها؟. - ما نحن فيه هو تفعيل ونحن كأحزاب خارج إطار السُّلْطَة لا يمكن إلاّ َأن نقدم بدائل ونروج لها، ولن تكون الانتخابات سلمية إلاَّ إذا كانت الأسُس التي قامت عليها سلمية من الزاوية الديمقراطية ومن زاوية الحفاظ على الانتخابات فالمسألة ليست لجان انتخابات ودوائر، ولكن النظام الذي يؤسس الانتخابات هل هو فعلاً يعطي المواطن ويمنح صوته ويكون محسوباً لأنه لو تحصي عدد الأصوات التي أوصلت الأغلبية إلى البرلمان لوجدت أنها لا تتجاوز عشرة في المائة وفي أحسن الأحوال »15٪« من عدد الأصوات الصحيحة، معنى هذا أن هناك »85٪« التي دخلت الانتخابات وأبدت رأيها لم يحسب حسابها، هذه من عيوب الانتخابات بالقائمة الفردية، ما لم تكن »100٪« من الأصوات الصحيحة محسوبة كيف يستطيع النائب في البرلمان أن يشعر أنه مدين لمواطن في حجة مثل المواطن في المهرة وهم الذين أوصلوه إلى البرلمان، اليوم عضو البرلمان أصبح مراجعاً يذهب إلى الجوازات وإلى وزارة الداخلية لخدمة جماعات يعتمد عليها في جلب الأصوات في الأغلبية عن طريق 5 + 1 وأقل، ولهذا فالبرلمان لا يمثل أغلبية الشعب. تتحدثون عن فصل الدولة بمؤسساتها عن طريق المبادرة والسُّلْطَة لا تتقبل ذلك؟. - لا نقوم باستبدال، نريد أن نعيد الهيكلة، ونعيد مقومات الدولة الحديثة، فالآليات التي تستخدمها الدولة لا تتفق مع متطلبات المرحلة، وظروفها التي نشأت من اندماج دولتين، إن هذه العربة التي أنتم راكبون عليها عربة عفا عليها الزمن، ولا تصلح للمرحلة الحالية، وهي عربة الدولة البسيطة يجب أن ننتقل إلى عربة الدولة المركبة التي تجعل السُّلْطَة موزعة في شراكة ودولة واحدة ومواطنة واحدة والدولة المركزية تهتم بما يهم الجميع، السيادة الدفاعية، القوات المسلحة، وَالأمن، المشاريع المركزية التي تغطي الاحتياجات وهي أعجز من أن تقوم بالوَحْدَة، وأصحاب المناطق كلهم أصحاب الثروة وعليهم أن يدفعوا ضريبة للدولة المركزية والدولة المركزية عندما تأتي لتخطيط مشاريع لن تأتي من فوق إلى تحت ستعطي كُلَّ وحدة من الوحدات ما تحتاجه وَالمسؤولون في هذه الوحدات يستطيعون تنفيذ مشاريع الدولة المركزية التي يجب أن تنفذ حسب احتياجات كُلّ منطقة، وبالتالي أنت إذا أعطيت الدولة من ثرواتك المحلية »60٪« أنت شريك أيضاً فيها من خلال المشاريع المركزية، والقوات المسلحة يجب أن تكون مبنية على أسُس ليس لها علاقة بالسياسة، وبالتالي فلا المناطقية تتحكم فيها ولا المحسوبية تتحكم فيها، بل إنها ستكون قائمة على أسُس من القانون، وهناك قواعد موضوعية من اكتملت فيه هذه القواعد الموضوعية يتبوأ مكاناً بصرف النظر من هو وبعيداً عن السياسة. مبادرتكم غير مرحب بها من قبل قيادات الحراك الجَنُوْبي رغم عقلانية المبادرة؟. - لأن قيادات الحراك لديهم آلية أخرى، فهم يعتقدون أن الانفصال هدف والانفصال عمره ما كان هدفاً، مثلاً الوَحْدَة ليست هدفاً في ذاتها هي هدف عندما يتحقق لا بد أن يصبح وسيلةً وأداةً لتحقيق مجموعة من المصالح، هم ليسوا قادرين ويرون أن الانفصال الذي يريدونه كهدف إذا تحقق سيكون أعجز من أن يحقق لهم ما يشكون منه اليوم في ظل الوَحْدَة التي لم تصبح الآلية مناسبة لإدارة شأن ما يوحد؛ لأن الوَحْدَة التي قامت لم نستطع أن نجعلها أداةً لتحقيق أهداف الناس وبالتالي ذهبوا إلى الجهة الأخرى، يطالبون بالانفصال، والانفصال لا يمكن أن يصبح أداة ووسيلة على الإطلاق تصبح من أروع الأدوات والوسائل لتحقيق مصالح الناس، هذه الإشكالية التي عند أصحابنا في المحافظات الجَنُوْبية، وقد حاورنا مجموعة منهم، ووصلنا معهم إلى نتيجة لماذا تريدون الانفصال وأنتم عليكم أن تعرفوا لماذا نحن نصر على الوَحْدَة واستمرارها؟. لكن أن تكون قابلة لاستمرار وليست كما هي اليوم، ونبحث إذا كنا متفقين على الأهداف النهائية، أنا أريد وحدة يُسمح لها بالاستمرارية بأسلوب مختلف، وأنت عليك إذا كانت تهمك مصالح الناس تعالى ندرس الآليات أيها أنسب أو أقل كلفة الوَحْدَة أم الانفصال؟، ندرسها بتجرد، وهذا الانفصال مثل واحد يريد أن يمشي من هنا إلى عدن وأمامه وسيلتان دراجة عادية وحصان في النهاية أيهما أقدر على تحقيق المصلحة العامة بأقل التكاليف الممكنة وبأسرع وقت ممكن، فإن أقنعتمونا أن الانفصال أجدى سنعيد مفاهيمنا وإن أقناعكم عملياً وليس عطفياً أن الوَحْدَة هي الأنسب تنضمون إلينا. هُم يتحدثون عن فشل الوَحْدَة الاندماجية وعن فشل الوَحْدَة بالقوة؟. - ليست الوَحْدَة الاندماجية التي فشلت وإنما الوسيلة التي أدارت الشأن الوحدوي هي التي فشلت وبالتالي يجب أن نغيرها بوَحْدَة فيدرالية اندماجية وليست وحدة دولية، ولكن هذه تريد أن تعمل بوتقة وتصهرنا فيها دون أن تعرف أن هناك فروقات، هل أبناء الساحل مثل أبناء الجبل؟، هذا له صفات وذاك له سمات، وهذا له طلبات وذلك له طلبات، إذاً كيف تصهر الاثنين؟، فالوَحْدَة الفدرالية هي عبارة عن إيجاد أدوات تجعل التكامل صفة للتعامل وعندما يكون التكامل صفة للتعامل لماذا أرفضه وأنت تحقق لي ما هو غائب عندي وأنا أحقق لك ما هو غائب عندك؟. تعرفون أن النظامَ لا يمكن أن يقبل بهذا؟. - مالي وما للنظام؟، لماذا استسلم لهم؟، أنا وأنت نستطيع أن نغير هذا النظام، ولهذا نحن قلنا لهم اجعلوا النظام الذي ترفضونه يقودكم وإلاَّ أنتم تستطيعون أن تقودوا المجتمع لتغيير النظام. النظام له حساباته، أستسلم أم أنتظر لما يقول لي النظام؟، علينا الرفض وإجبار النظام ليعرف أننا أصحاب النضال، وأننا أصحاب المصالح، وأننا أصحاب السُّلْطَة، إذا لم يشعر النظام أننا قادرون على الوقوف أمامه فسيستمر على ما هو عليه. هل حدث تواصل بينكم والحزب الحاكم بعد إطلاق المبادرة؟. - لا لم يحدث، لكنا تواصلنا معهم وقبل ما نعود وبعيداً عن نظام الدولة المركبة، وكنا نتكلم عن الحكم المحلي واسع الصلاحيات، وأنت عندما تتحاور مع الآخر ليس بالضرورة أن تأتي بالمصطلح الذي تجعله يفر منك، حاول تقرب المسافة بينك وبينه، بدأنا نتكلم عن الدولة المركبة وعن نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات وهو الذي أعلنه الرئيس في ديسمبر 2006م وقال: لا يريد أن يأتي 2010م إلاَّ والحكم المحلي أصبح حكومات محلية ولا يبقى في السُّلْطَة المركزية إلاَّ السلطات السيادية والدفاعية والأمن.. ما قاله في 2006م نحن قدمناه في 2005م وقبلها في 1997م، كانت كُلّ أحزاب المعارضة في الماضي رافضة اليوم استوعبت، الحراك الجَنُوْبي أوجد متغيراً على الساحة جعل الناس قادرين على الاستماع، وأتينا بتقسيم البلد إلى مخاليف أو أقاليم؛ لأن الجو يسمح بذلك، استمر الحراك وبدأت مخاطره تزيد فأتينا بالفدرالية والدولة المركبة بوضوح، في 1997م لو طرحت الفيدرالية فلن تلقى استجابة، وفي 2008م لو قلنا فدرالية لتم لعننا من كُلّ باب، لكن اليوم بدأ قبول بهذا المصطلح وعندهم استعداد لسماع المصطلح، وهذا نفسه قاله الرئيس في 2006م وعجز عن تحقيقه؛ لأن مراكز القوى منعته لحسابات معنية، أيضاً المعارضة عجزت عن خلق مساحة من الثقة بينها وبين الرئيس على أساس أنه إذا دخلت مع من يقوم بالتغيير ومستعدة الوقوف معه لا تقول له روح ودربك أنت غير محمود أداءُك، والمسألة لا تأتي هكذا، آخذ عليه أخطاء وانتقد وبقوة لكن لا قطع الصلة معه، فما بالك بسلطة مضى عليها أكثر من ثلاثة عقود وهي متفردة بكل شيء وتأتي تقول له فك. هناك من يقول: إن مبادرتكم جاءت من باب رد الفعل على الأخ الرئيس الذي كان قد وعدكم أثناء حواركم معه بإعادة أموال الحزب وإعطائكم مناصب في الدولة؟. - إن أعطنا الرئيس مواقع سياسية فهو سيعطي أناساً عندهم الكفاءة لأن يقوموا بأعمالهم، لكن لم يعطنا الرئيس ولا نريد أن يعطينا؛ لأنه إذا قبلنا بها سيكون ديمة خلفنا بابها، لم نناقش مع الرئيس قضايا خاصة بنا وكنا نقول وما نزال نقول: إذا عالجنا الإشكالات الأساسية التي جعلت الإنسان يُحرم من حقه والإنسان يُنهب ملكه لو عالجناها لعادت حقوقنا التي نستحقها ولحافظنا على ممتلكاتنا التي يجب أن نحافظ عليها، لم نساوم الرئيس في شيء مطلقاً، وهذا لا يعنينا حتى إذا افترضنا أن الرئيس صرف لنا شيئاً وبالتالي لن يكون هناك سبب شخصي إلا أن انطلاق المبادرة وكأننا نقول للرئيس: لم تعطنا الحين بانرويك. لا لم نقل ذلك؛ لأنه لا يوجد في قاموسنا السياسي، ولكن في حقيقة الأمر تواصل الرئيس معنا في 2006م وكان واضحاً وقال: أنا اطلعت على مبادرتكم، وأنا عندي برنامج ومشروع الانتخابي وهناك الكثير من الأمور لسنا مختلفين حولها، لماذا لا نتحاور حولها؟. فتحاورنا ووصلنا مع الرئيس إلى اتفاقات محدودة، وخرجت بها مبادرته في رمضان قبل عامين، وطلب تغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي والحكم المحلي، ولكن مراكز القوى هي التي أجهضت مبادرة الرئيس في رمضان، وهذه الحقيقة وإلا لماذا قلنا: رئيس الجمهورية هو من يرأس الحوار ويتحمل مسؤولية فشله أو نجاحه، ولم تكن هناك مساومات بيننا وبين الرئيس ولا عداء على المستوى الشخصي، نكن له كُلَّ الحب والاحترام وإن كنا نختلف معه جملةً وتفصيلاً في أكثر الأمور. أكرر لك السؤال لماذا لا تضمون مبادرتكم إلى مبادرات اللقاء المُشْتَرَك؟. - الحقيقة نحن تحاورنا مع اللقاء المُشْتَرَك، وكان أساس الحوار معهم نحن كحزب قلنا علينا أن نتحاور معكم على أساس إن وجدنا أننا نتفق معكم وليس هناك خلاف أصبح دخولنا المُشْتَرَك يشكل إضافة، أما إذا حصل أن هناك قواسم مختلفة فلدينا استعداد أن ننسق بما نحن متفقون فيه ويتحرك كُلٌّ منا بما نحن متفقون عليه وسيتمر حوارُنا على ما نحن عليه. وأطلب منهم أن نتعهد أمام اللَّه وأمام أنفسنا أن نبتعد عن الصفقات الجانبية وأن يُدعى للحوارات الجميع بما فيهم الحزب الحاكم، ولا يمكن في وضع كهذا استثناء أحد، ولم نشترط حضورَ الحزب الحاكم، ولا يوجد لدينا أي مانع من الدخول في تحالف مع المُشْتَرَك إذا ما وجدنا هناك رؤيةً نشتركُ فيها.