منذ حرب صعدة الأولى عام2004م وحتى مطلع هذا الأسبوع تواصل وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية اهتمامها بالوضع هناك، وهذه المرة انحازت بصورة مكشوفة إلى جانب المتمردين وتستخدم شائعات مثل مشاركة طائرات سعودية وأمريكية في الحرب ضد الحوثيين، وشائعات أخرى من قبيل استخدام طيارين عراقيين وأسلحة محظورة، وتبني على تلك الشائعات برامج حوارية واستضاءات موجهة يقتصر فيها الحديث على من يرسخ تلك الشائعات، ويحولها إلى قصص تبدو كأنها واقعية.. ومنذ ذلك الوقت أيضاً لم ينقطع الحديث عن تلقي المتمردين دعماً من إيران.. أموال.. أسلحة خبراء..إلخ. ويقال إن إيران لديها مشروع لنشر التشيّع في اليمن، وتعتبر المتمردين أدواتها لتحقيق ذلك المشروع، كما أن هذا المشروع هو حلقة من حلقات حماية المشروع الكبير في المناطق السعودية المجاورة وفي المنطقة العربية عموماً.. وإن صح ذلك فإن من حق إيران أن تفعل ما تراه يحقق مصالحها، وبالمقابل من حقنا أن نفشل مشاريع أي دولة تضر بمصالحنا، ومن حقنا حماية هذه المصالح ولكن بالفعل وليس بالصياح والإكتفاء باتهام الآخرين والانجرار إلى دعوى التشيع وضده.. والأهم من ذلك أن نقاوم المحاولات الرامية لإضفاء صبغة دينية أو مذهبية على الصراع الدائر بين الدولة والمتمردين.. فإعطاء الصراع هذه الصبغة أمر خطير سيقودنا إلى صراعات مذهبية في بلد لا يمتلك أهله أي خبرات في إدارة مثل هذه الصراعات. الخلاف مع المتمردين ناتج عن خروجهم على قوانين الدولة، ومقاومتها بالسلاح، ولا علاقة له بعقائدهم الدينية.. فالدستور والقوانين في اليمن تحمي حرية المعتقد، على الأقل في إطار الدائرة الإسلامية، فمن حقهم أن يغيروا مذهبهم من الشافعي إلى الزيدي وإلى الاثنا عشري، أو أن يكونوا بلا مذهب، بل إن الدستور والقانون يحمي حق الفرد في أن لا يكون لديه التزام بأي شريعة مادام لا يجاهر بردته أو إلحاده!! من حق الحوثي وأتباعه ومن حق غيرهم أن يعتنقوا المذهب الإسلامي السائد في إيران إذا أرادوا ذلك، فليست هذه هي المشكلة.. المشكلة تكمن في أن يتحول المذهب الشيعي إلى حامل للمشروع القومي الإيراني، فهاهنا من حق المجتمع أن يحمي نفسه ومن حق الدولة أن تحمي نفسها، ومن حقهما معاً التضامن لقمع العنف المعبر عن ذلك المشروع.. ترى هل يمكن أن نبقي القضية في إطارها الصحيح ونحذر من محاولات جرها إلى المستنقع الديني؟