الحوثيون والبحر الأحمر.. خطر جديد على كابلات الأعماق مميز    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    أول تحرك للرئيس العليمي بعد سقوط خسائر بشرية وتضرر البنية التحتية والأراضي الزراعية جراء المنخفض الجوي بحضرموت    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    تأجيل مباريات الخميس في بطولة كرة السلة لأندية حضرموت    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    عن العلامة اليماني الذي أسس مدرسة الحديث النبوي في الأندلس - قصص رائعة وتفاصيل مدهشة    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    نعيبُ جمهوريتنا والعيبُ فينا    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    الكشف عن استحواذ جماعة الحوثي على هذه الإيرادات المالية المخصصة لصرف رواتب الموظفين المنقطعة    حراس الجمهورية تجبر ميليشيا الحوثي التراجع عن استهداف مطار المخا    الحوثيون يضربون سمعة "القات" المحلي وإنهيار في اسعاره (تفاصيل)    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    فضيحة قناة الحدث: تستضيف محافظ حضرموت وتكتب تعريفه "أسامة الشرمي"    حضرموت تستعد للاحتفاء بذكرى نصرها المؤزر ضد تنظيم القاعدة    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    الجنوب ومحاذير التعامل مع العقلية اليمنية    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    "ليست صواريخ فرط صوتية"...مليشيات الحوثي تستعد لتدشين اقوى واخطر سلاح لديها    ثلاث مساوئ حوثية أكدتها عشرية الإنقلاب    دوري ابطال اوروبا ... ريال مدريد يطيح بمانشستر سيتي ويتأهل لنصف النهائي    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    انس جابر تعبر الى ثمن نهائي دورة شتوتغارت الالمانية    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    من هم الذين لا يدخلون النار؟.. انقذ نفسك قبل فوات الأوان    باريس سان جيرمان يرد ريمونتادا برشلونة التاريخية ويتأهل لنصف نهائى دورى الأبطال    نيابة استئناف الامانة تتهم 40 من تجار المبيدات والأسمدة بارتكاب جرائم بيئية وتعريض حياة الناس للمخاطر    الكشف عن آخر تطورات الحالة الصحية للفنان عبدالله الرويشد    ارنولد: انا مدين بكل شيء ل كلوب    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران..سياسة الاستقطاب في اليمن الدوافع، الأهداف، المخاطر (ملف خاص)
نشر في الأهالي نت يوم 28 - 08 - 2012

محددات جهود إيران الدبلوماسية والاستخبارية والعسكرية
كيف تمكنت إيران من توظيف القاعدة؟
إمكانية اختراق إيران لجهازي الأمن القومي والأمن السياسي
فشل التغيير في اليمن يعني أن مخطط إيران هو الوحيد القابل للنجاح
الفروق الجوهرية بين السعودية وإيران
إيران تحارب السعودية والسعودية تحارب اليمنيين
التدليل الأمريكي للحوثيين.. ماذا وراءه؟
تبعية اليمن للسعودية يحول دون تعاملها مع إيران بندية
صعدة، تعز، عدن، أبين، حضرموت.. جغرافيا المخطط الإيراني
الإعلان عن خلية تجسس
لم يكن الإعلان عن إلقاء القبض على خلية تجسس تعمل لصالح إيران مفاجئا على الأقل لمن يتابع ويراقب السياسة الإيرانية تجاه اليمن، المفاجأة كانت في إقدام السلطة على الإعلان، ذلك أنها درجت على التعتيم والتكتم بشأن أنشطة إيران الاستخبارية، والحديث عنها بطرق عرضية. إعلان رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي ربما يعبر عن تحول في السياسة الخارجية اليمنية وسيكون إيجابيا إن كان يعبر عن شعور بالمسئولية تجاه البلاد ووعيا بمخاطر الأنشطة التجسسية لدول أجنبية على حاضر اليمن ومستقبلها، وسيكون كارثيا إن كان مجرد عمل تكتيكي أملته ظروف مؤقتة، صحيح أن الإعلان لم يكن واضحا بالقدر الكافي، ولم ترد فيه تفاصيل لأسباب غير مفهومة، إذ كان الأصل أن يكون فيه تفاصيل ذات أهمية تجيب عن تساؤلات عن حجم التجسس الإيراني، والأجهزة والهيئات التي اخترقتها لكن في كل الأحوال فإن الإعلان يدفع لقراءة الحالة ومحاولة استجلاء أبعادها ودلالاتها وإلقاء أضواء على سياسة إيران الاستقطابية في اليمن، عل ذلك يساعد على إدراك ماذا يجري ومخاطره والوقاية من المخاطر، إن الحديث عن خلية تجسس يعني وجود شبكة أوسع، وذلك ما يفرض التعامل بجدية كاملة.
أثناء تفكك الدولة العثمانية وعقبه كانت هناك قوتان تتنافسان، وتتحالفان لتقاسم تركه الرجل المريض وكان الاحتلال الأنجلوفرنسي للمنطقة العربية واتفاقية سايكس بيكو لتقسيم المنطقة التي ظهرت عقب الحرب العالمية الأولى 1917م، وعقب الحرب العالمية الثانية والانقسام الدولي إلى معسكرين، كانت المنطقة العربية منطقة صراع محموم بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة، والمعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي.
في عام 1979م كانت الثورة الإيرانية، وقيام الجمهورية الإسلامية في إيران على أساس قومي (فارسي) شيعي (إمامي جعفري) «طائفي»، بدأ الاتحاد السوفيتي -سابقا- يضعف وبدأت إيران تظهر قوة إقليمية تقدم نفسها نقيضا للغرب، وعقب سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1992م وانتهاء الحرب الإيرانية العراقية تصاعد الطموح الإيراني لمزاحمة الغرب على النفوذ، أي أن المنطقة العربية ظلت منطقة فراغ من أي مشروع جماعي أو حتى فردي في أي بلد عربي، وانتقلت من حالة الاحتلال الإنجلوفرنسي إلى الصراع بين الشرق والغرب ثم الوقوع تحت هيمنة المشروع الغرب صهيوني، ودخول إيران على المسرح.
الحرب العراقية الإيرانية 81-1987م مثلت عائقا مؤقتا لإيران لكن سرعان ما تتابعت الأحداث التي تمكن لإيران وتساعدها في رسم استراتيجيتها.
عقدت إيران تحالفا مع نظام حافظ الأسد في سوريا، تطورت إلى علاقات استراتيجية.
وقد تظافرت عوامل مختلفة للمضي قدما في الاستراتيجية:
- سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1992م وانتهاء الحرب الباردة وخفوت الاستقطاب بين الشرق والغرب وانفراد الغرب بالسيطرة على المنطقة.
- قبل ذلك اجتياح الكويت والحرب على العراق وتم فرض حصار طويل الأمد على بغداد، وتتويج ذلك بالغزو الأمريكي واحتلال بغداد في 2003م، فقد ساعد إيران على الخلاص من خصم استراتيجي ومكن لها في العراق.
- إسقاط طالبان في أفغانستان، ووقوع البلاد فريسة للقوى اللاعبة، إقليمية/ دولية، وهي فرصة لم تفوتها طهران فوسعت نفوذها وتسعى لتأمين أفغانستان بمعنى أن لا تكون مصدر قلق، أو تهديد للأمن القومي للدولة الإيرانية.
محددات السياسة الخارجية الإيرانية
إن الدولة في الحالة الطبيعية تكون لسياستها الخارجية مجموعة من المحددات، وذلك حين تكون لديها أهداف واضحة ومحددة، ورؤية استراتيجية وخطط استراتيجية لتحقيق الأهداف، والوقاية من ما يتعارض معها.
الأهداف الغائية
إن المستقرئ للسياسة الإيرانية لا يجد صعوبة في إدراك الأهداف الكبرى أو الغائية لإيران وتتمثل في:
- أن تكون القوة الوحيدة في المنطقة «المنطقة العربية وجوارها»، وأن تكون قوة كبرى على المستوى الدولي.
ولذلك فإن محددات السياسة الخارجية تخدم الهدف وتتمثل في:
- السيطرة على الممرات المائية والمضايق البحرية.
- قيام حكومات شيعية في المنطقة تابعة لطهران.
- السيطرة على مصادر الطاقة.
إن تلك المحددات تعني توجيه جهود إيران الدبلوماسية والاستخبارية والعسكرية في إطار تلك المحددات.
ارتبط قيام الجمهورية الإيرانية بما يعرف بتصدير الثورة إلى المنطقة العربية وتوظيف لزخم الثورة الإيرانية، وانبهار الشعوب في المنطقة بها.
وفي منتصف الثمانينات تم عقد مؤتمر للشيعة في طهران، شكل تحولا استراتيجيا عميقا في موقع الشيعة في البلاد العربية وغيرها ضمن الرؤية الاستراتيجية.
* توحيد فرق الشيعة سياسيا مع احتفاظ كل منها بعقائدها، لقد تم هنا تجاوز الخلافات والأحقاد التاريخية، فقد كانت الإمامية تنظر إلى الزيدية على أنها ليست من الشيعة وتكفرها، وكانت الفرق الباطنية الإسماعيلية «القرامطة، البهرة (المكارمة في اليمن)، والنصيرية (العلوية) في سوريا ولبنان تصنف لدى الشيعة والسنة معا على أنها فرق خارج دائرة الإسلام.
مرتكزات المشروع الإيراني اقتضت إنهاء الخصومة التاريخية مع مختلف الفرق كالإسماعيلية في اليمن والنصيرية وغيرها.
مرتكزات المشروع الإيراني
يقوم المشروع الإيراني على ثلاثة مرتكزات: قومي «فارسي» إحياء لأمجاد فارس، وقيام قوة عالمية مناظرة للروم «الولايات المتحدة والغرب». والثاني: طائفي «شيعي» لاستقطاب الشيعة العرب واعتبار المشروع شيعياً، والتمكين لهم لكنهم لن يخرجوا عن التبعية للمشروع القومي.
ويتجلى القومي الفارسي في عدم السماح بغير اللغة الفارسية، فلا يسمح لعرب الأحواز بتعليم أبنائهم اللغة العربية، كما أن بلادهم محتلة من إيران، ومهمشة، ويتجلى امتزاج القومي بالطائفي في عدم السماح بأن يكون المرجع الشيعي في العراق عربياً بل إيراني، إنه (آية الله العظمى) علي السيستاني الذي لا يتحدث العربية وإنما الفارسية.
يتجلى القومي الفارسي والطائفي الشيعي في إيران ذاتها، فالمسلمون السنة لا يسمح لهم ببناء المساجد ولم يسمح لهم ببناء مسجد في طهران مع أن تعدادهم يزيد على المليون في العاصمة.
* الاستقطاب في المنطقة العربية
تعمل إيران منذ سنين بل عقب قيام الثورة على الاستقطاب في المنطقة العربية، وفقا لمستويات:
- المستوى الأول: الشيعة الإمامية: وهم في العراق والبحرين ولبنان وشرق المملكة وهؤلاء يعدون نظام إيران النظام الشرعي بالنسبة لهم، ويعتبرون «سماحة» المرشد هو القائد الشرعي، وهؤلاء أتباع مضمونون ولا توجد في تبعيتهم الطائفية مشكلة.
- المستوى الثاني: الشيعة غير الإمامية
ومنهم الباطنية «الإسماعيلية المعروفون بالمكارمة في اليمن وجنوب المملكة» والنصيرية «العلوية في سوريا» وهؤلاء توظفهم إيران بإيهامهم أن مشروعها مشروعهم.
- المستوى الثالث: التيار اليساري
ويشتركون مع إيران في سياستها المعلنة في العداء للغرب، والرأسمالية وما يصفونها بالقوى الرجعية في المنطقة العربية.
- المستوى الرابع: حركات المقاومة للاحتلال الصهيوني والغربي، خاصة الجهاد وحماس في فلسطين وذلك لتسويق إيران.
المستويان الثالث والرابع هما استقطاب سياسي يساعد إيران في التمكين للمشروع في المنطقة العربية.
توجد عوامل مختلفة لمساعدة إيران على تمديد نفوذها في المنطقة العربية ووجدت بيئة ملائمة تتمثل في التخلف المطبق للأنظمة العربية وعدم وجود مشروع عربي أو رؤية استراتيجية عربية جماعية أو فردية.
اليمن.. مبررات الحضور لدى الإيرانيين
تظافرت مجموعة من العوامل لتجعل اليمن حاضرة في أذهان المخططين الإيرانيين، قبل قيام الثورة أيام الإمبراطورية وازدادت بعد قيام الثورة عام 1979م.
لم تكن اليمن غائبة عن الجمهورية الإيرانية، فقد أقامت علاقات خاصة ومتميزة مع اليمن الجنوبي سابقا، لالتقاء الثورة الإيرانية مع اليسار في السياسة المعلنة المعادية للغرب، وفي النظر لدول الخليج، والرغبة المشتركة في تصدير الثورة إلى الخليج، والخصومة المشتركة مع نظام صدام حسين في العراق، واليمن الشمالي -سابقا- كان حتى عام 1962م دولة شيعية زيدية، أي أن إيران مع التغيير الذي أحدثه الخميني كان ينظر إلى الإمامة في اليمن باعتبارها «دولة آل البيت» ومصدر إلهام له ومن ثم فإن سقوطها بعد ألف عام عد لدى الخميني خسارة كبرى، ومن هنا سعت إيران منذ مطلع الثمانينات للتواصل مع بعض الزيدية، والعمل معهم لبدء رحلة إعادة الإمامة.
وقبل ذلك فقد كان اليمن تابعا لكسرى، وكان باذان آخر والياً فارسياً، أسلم مع أهل اليمن وظل واليا لكن ولاءه صار للمدينة، الإسلام أنهى الوجود الفارسي في اليمن، وثورة 62 أنهت الإمامة، والوحدة اليمنية وقيام الجمهورية اليمنية عام 1990م أعاق مشروع إيران لإعادة الإمامة.
دوافع الاستقطاب الإيراني
إن الدوافع التي تقف وراء الاستقطاب الإيراني في اليمن عامة وخاصة، منها الثابت ومنها المتغير.
فالدوافع العامة تلك التي تتصل بمشروع إيران للسيطرة على المنطقة وتقاسم النفوذ مع المشروع الصهيوأمريكي، أو الانفراد بالهيمنة ودوافع خاصة باليمن وفي المقدمة موقعها، ثم وجود مجموعات تشترك معها في التشيع، ثم وجود قابلية وجوار اليمن للمملكة والقرن الأفريقي، إلى دافع طارئ يتمثل في الثورة السورية.
1- الموقع
1-1- يوصف موقع اليمن بأنه استراتيجي أي أن أهميته ليس لليمن فحسب، بل أهمية على المستويين الإقليمي والدولي، ويبدأ من جزيرة سقطرى في المحيط الهندي والمشرفة على مساحة واسعة من المحيط والبحر العربي، أي أنها موقع يتحكم في التجارة الدولية النشطة عبر المحيط، بين آسيا وأفريقيا وبين آسيا وشرق أفريقيا وأوروبا، وحتى الأمريكيتين.
وجزيرة ميون الواقعة في مضيق باب المندب، بوابة البحر الأحمر الجنوبية فضلا عن مجموعات من الجزر في البحر الأحمر وإيران شأنها شأن الدول المتطلعة للتوسع والهيمنة تريد حضورا واسعا في اليمن ومياهه الإقليمية وسواحله وجزره.
1-2- جوار اليمن للمملكة العربية السعودية
إن إيران تنظر إلى اليمن باعتباره الضاحية بالنسبة للسعودية، كل دولة مجاورة تعد ضاحية، فالسودان ضاحية لمصر.
الدولة الضاحية
الدولة الضاحية مصطلح استخباري سياسي ويقصد به اختراق الدولة المستهدفة عبر الدولة الضاحية وخاصة إذا كانت أجهزة الدولة المستهدفة لا تسمح بنشاط للدولة الساعية لاختراقها، أو تحاصر أنشطتها، أو ليس بينهما علاقات دبلوماسية، أو بينهما عداوة والعلاقات باردة.
في الحالة الإيرانية السعودية هناك علاقات دبلوماسية لكن يغلب عليها التناقض والخصومة والعداوة ولذلك فإن مساعي طهران لاختراق المملكة وأجهزتها -مباشرة- غير ممكن، أو صعب ومكلف، واليمن بحالتها، ووجود الحوثية تمثل ضاحية ملائمة لإيران، إذ يمكنها الضغط على السعودية، وجعلها في حالة قلق دائمة، ثم يمكنها تسريب الجواسيس وإدخالهم من اليمن، ويمكنها تجنيد حوثيين لهذا الغرض، كما يمكنها إدخال عراقيين وسوريين عبر جوازات يمنية، وذلك واحد من الدوافع التي تفسر الاستقطاب الحاد من قبل إيران في اليمن.
القرن الأفريقي عامل جذب
إن من الدوافع الإيرانية جوار اليمن للقرن الأفريقي، وتسعى لأن يكون لها نفوذ واسع في أفريقيا عامة والقرن الأفريقي خاصة. إن اليمن تمثل بالنسبة لإيران موقعها لدراسة القرن الأفريقي والتخطيط للتعامل مع هذه المنطقة، وقد وجدت في إريتريا كما وجدت «إسرائيل» منطقة نفوذ ومحطة للتعامل مع اليمن أيضا بمعنى يمكنها إنشاء مركز استخباري وهو قائم في إريتريا، وتدرب العناصر الموالية لها عسكريا واستخباريا مع اعتبار بيروت هي المكان الملائم للتدريب الإعلامي والسياسي.
وسعي إيران لخلخلة السكان في المنطقة خاصة الصومال، وإدخال التشيع لخلق طائفة تابعة وهي تستغل حالة الفوضى في الصومال للحضور بوسائل متعددة جوار اليمن للقرن الأفريقي إضافة للخليج يجعل السيطرة على اليمن من ضرورات استراتيجية طهران.
الثورة السورية
كان النظام في سوريا هو الأول في المنطقة العربية الذي أقام علاقة تحالفية مع إيران بعد الثورة الإيرانية، وقد تحولت هذه العلاقة إلى علاقة تبعية مطلقة مع إيران، وكان البعد الطائفي هو الأبرز في قيام تلك العلاقة، لقد كان حزب البعث العربي الاشتراكي الرافع لشعار القومية، هو السلطة في دمشق وبغداد، ومع ذلك فقد كانت العاصمتان في حالة قطيعة، وفي حين أقامت جمهورية إيران الاثنا عشرية علاقة استراتيجية مع بعث سوريا، فإنها اشتبكت في حرب مع بعث العراق.
إن حزب البعث في سوريا لم يكن إلا لافتة تعمل من خلاله الطائفة النصيرية «العلوية» لم تعرف سوريا التشيع الاثنى عشري، ولكن عرفته لبنان وفي إطار ما يعرف بسياسة الأذرع التي اتبعتها طهران فقد أقامت علاقة خاصة مع سوريا ولبنان.
أحد المفكرين والمحللين الإيرانيين (محمد صادق الحسيني) يصف نظرة طهران إلى دمشق وبيروت بأنها تمثل خطوة أمامية: إن طهران لا تنتظر قدوم العدو إلى طهران، بل إنها على استعداد لمواجهته على تخوم دمشق.
وفر النظام السوري كل الوسائل لإدارة طهران لحزب الله، فسوريا التي تعد نقطة العبور الوحيدة إلى لبنان قدمت مطاراتها وموانئها لإيران وأخضعت مطارات وموانئ لبنان كذلك لإيران وحزب الله.
إن حزب الله يمثل أهم الأذرعة الإيرانية، وسوريا هي الساعد الرافع للذراع، لذلك فإن سقوط النظام في سوريا يعني لإيران الكثير.
يقول أحد المحللين الإيرانيين (حسن هاشمي): إن النظام في إيران سيحافظ على السلطة في سوريا مهما كان الثمن. ويضيف: أنه لا يدور بخلد إيران أن النظام في سوريا سيسقط، ويتحدث مسئولون إيرانيون بلغة تقول «لن نسمح» لكسر المقاومة.
انظروا إلى هذا المستوى من التعبير الواضح والصريح، وكأن سوريا محافظة إيرانية.
يدرك النظام الإيراني أن الشعوب لا تقهر ويدرك حتمية انتصار الثورة السورية، وأن سقوط نظام بشار مسألة وقت، وذلك ما يزيد من وتيرة الأنشطة الإيرانية في اليمن وترسيخ أذرعها الجاهزة فيه (الحوثيون) وصناعة أذرع أخرى مثل الانفصاليين، وشخصيات يسارية وملكية، إضافة إلى أسرة صالح.
الشاهد أن الثورة السورية وسقوط النظام هناك سيعني ربما بتر ذراعها عبر خنقها، فنظام في سوريا يعبر عن الأغلبية سيتعامل بطرق مختلفة مع طهران.
الصراع مع الغرب على النفوذ
وتمثل اليمن منطقة صراع على النفوذ بين إيران والقوى الغربية وفي المقدمة الولايات المتحدة إذ تطرح إيران نفسها محررا للمنطقة من الهيمنة الغربية لكن لتحل محلها هيمنة إيرانية فارسية شيعية معادية لكل ما هو عربي.
مظاهر الاستقطاب
الحوثيون: التبعية الحرفية المطلقة لإيران
إن الحوثيين هم أداة إيران للاستقطاب الحاد في اليمن، وهم يقومون بعملية اختيار الأشخاص وابتعاثهم إلى لبنان وسوريا، ويتم تدريبهم سياسيا وإعلاميا والذين يثبتون ولاءهم أكثر لإيران يتم ابتعاثهم إلى طهران، وقم.
وصار للحوثيين مكاتب في بيروت ودمشق والنجف وقم.
إذا كانت إيران اقتربت من الحوثية شبرا فإن الحوثيين تقربوا من إيران باعا، وإذا كانت إيران جاءت مشيا فإنهم ذهبوا نحوها هرولة، لقد فاقوا حزب الله في لبنان في التبعية لإيران على الرغم من وجود اختلاف مذهبي، بل إنهم فاقوا إيران في تنفيذ سياستها المعلنة، ذلك أن إيران تسلك سلوك دولة حتى أشد متطرفيها لديهم قدر من المرونة في التعامل مع الغرب، والإدارة الأمريكية وحتى «إسرائيل» وما إيران جيت بغائبة.
1) الخطاب الإيراني تجاه الأمريكان وتجاه المملكة، على الرغم من إيران تلتقي مع أمريكا في مصالح مشتركة مثل غزو العراق الذي اعتمد كثيرا على فتوى السيستاني التي اشتريت منه ب300 مليون دولار وفقا لرامسفيلد واتفاقها مع أمريكا في غزو أفغانستان وإسقاط طالبان وتقيم علاقات دبلوماسية مع السعودية.
على الرغم من ذلك فإن الحوثيين يرددون الشعارات الإيرانية في وصف أمريكا بل إنهم بالغوا إلى حد الإضحاك فأمريكا حديثهم الذي لا ينقطع ويضحكون على أنفسهم وأتباعهم بتقديم أنفسهم أندادا لأمريكا، وأنهم لديهم السلاح الذي لا تملكه أمريكا وبه سيهزمونها، إن السلاح الذي يتحدثون عنه هو القرآن الكريم، وإنه يكذبهم ففيه جاء قوله تعالى «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة» والاستطاعة ليست للتهوين بل بذل أقصى الجهود.
إن القرآن الكريم يأمر المسلمين جميعا بأن يكونوا الأقوى ليردعوا العدو عن العدوان، ويحملونه على الجنوح إلى السلم، أما الحوثيون فلا يختلفون عن المشعوذين، والسحرة، والمتمسكين بالخرافات، إنهم في الواقع يضحكون عليهم العالم أجمع، حين يزعمون الموت لأمريكا ويقتلون اليمنيين، إن أمريكا و(إسرائيل) مجرد أغلفة يضحكون بها على البسطاء لقتل اليمنيين.
ترديد الشعار الصرخة وفيه من المضحكات المبكيات الكثير:
- إن حزب حسن نصر الله يستحيي أن يردد ذلك الشعار في حين يردده الحوثيون حتى إنهم يسمون جماعة الشعار، ولأول مرة يتحدث السفير الأمريكي بصدق حين قال إنه شعار سخيف مثير للضحك.
إنه شعار من صنع إيران، ولا تسمح لجماهيرها بترديده إلا نادرا، أما الحوثيون فإنه البديل عن ذكر الله ويجمعون بين الله أكبر والموت لأمريكا، لقد جعلوا أمريكا/ (إسرائيل) أندادا لله تعالى.
2- رفض المبادرة الخليجية
المتابع لوسائل الإعلام الإيرانية، يحتسب أن المبادرة الخليجية من الشئون الداخلية لإيران، أو كأن إيران من القوى اليمنية.
صحيح أن الحوثيين لهم دوافعهم في رفض المبادرة ولإيران دوافعها، أما إيران فتعود لطبيعة علاقاتها بالسعودية وأمريكا، أما الحوثيون فإنهم إضافة على تنفيذ سياسة إيرانية، فإنهم أثبتوا:
- لم يكونوا يريدون سقوط نظام صالح فهم أحرص على بقائه منه، ومع قيام الثورة لو لم تكن ثورة فقد كانوا يمضون قدما في تحقيق أهداف بعيدة المدى معتمدين على نظام صالح في المزيد من الهدم، وكانوا يودون لو أنها تنفجر حرب شاملة، فيتم القضاء على الجيش بنفسه، وفي الوقت نفسه يتقاتل القوى السياسية، وتنهك وتضعف فيبقى الحوثيون القوة الوحيدة في البلد، المنظمة والمسلحة، إنها تريد أن تقيم كيانا شماليا على أشلاء اليمن بأسرها.
3- المطالبة بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة وطرد السفير
إن تلك المطالبة سياسة إيرانية خالصة، مع أن أتباع إيران في المنطقة لا يفعلون وهم بيدهم القرار، نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية لم تغلق حكومته أكبر سفارة في العالم سفارة أمريكا ببغداد وحسن نصر الله لم يطرد السفير الأمريكي في بيروت مع أن حكومته بقيادة ميقاتي صاحبة القرار ونظام بشار التابع الأهم لإيران لم يفعل فإن المطلوب أن يقوم الحوثيون بالمطالبة بطرد السفير وإغلاق السفارة فيما يعد استخفاف من قبل طهران بالحوثيين، وتصويرهم على أنهم لا يفقهون في السياسة والعلاقات بين الدول شيئا.
يرددون الخطاب الإيراني بشأن المملكة مع أن الأخيرة جار لليمن وليست جاراً لإيران.
4- أصبح الحوثيون أداة إيران للاستقطاب في اليمن شمالا، وقد نجحوا إلى حد في الفترة الأخيرة باستقطاب أشخاص وشباب ينقضون الثورة تحت لافتة تصحيح المسار.
5- الموقف من الثورة السورية.
إن موقف الحوثيين من الثورة السورية التأييد المطلق للنظام، والعداء السافر للشعب السوري وثورته، إن إعلام الحوثيين لا يكف عن ترديد الموقف الإيراني ذاته، ولئن كانت إيران لها مصلحة في مساندة النظام، والموقف المعادي للشعب السوري فإن الحوثيين لا مصلحة لهم على المدى البعيد، بل يسجل التاريخ أنهم يقفون مع نظام معاد للأمة، يعمل بكل الوسائل لقتل الشعب وتدمير المدن.
إن الحوثيين لا يكتفون بتأييد النظام في سوريا ضد ثورة الشعب على المستوى الإعلامي والتصريحات والأحاديث بل يستقطبون شبابا ويرسلون من أتباعهم من يقاتل الشعب السوري وذلك هو بالضرورة ضد المصالح اليمنية، إنها التبعية المطلقة لإيران وتجنيد فعلي لمدى تجنيد إيران للحوثيين.
ثانيا: أسرة صالح والمؤتمر الشعبي العام
قبل الثورة اليمنية 2011 عمل نظام صالح بكل الوسائل على إضعاف الدولة اليمنية أمام القوى الخارجية، وإضعاف الولاء العام لها في الداخل، ولقد أطلق العنان للقوى الخارجية للعبث بالبلاد على المستويات المختلفة.
ولقد سعى لإقامة علاقات خاصة مع طهران وكانت حروبه في صعدة عبارة عن تدريب للحوثيين، ومحاولة لإنهاء ما تبقى من وحدات الجيش التي يشك في ولائها له ومن ثم في ذروة الحرب السادسة عبر صالح نفسه عن ذلك بالقول إن الحرب لم تبدأ بعد، وأن الحروب التي وقعت مجرد (بروفات)، نعم بروفات لتدريب الحوثيين، ولم يكن خافيا أن الحرب كانت تنشب باتفاق، وتنتهي باتصال هاتفي بين صالح وقادة الحوثيين.
لقد لعب نظام صالح دورا أساسيا ومركزيا في التمكين للحوثيين في صعدة، ومع اندلاع الثورة اليمنية 2011 انضم الحوثيون إلى ساحة التغيير بالعاصمة ووجدوها آلية ملائمة للترويج لهم، ورفع صفة التمرد عنهم، غير أن خطابهم لم يكن ضد نظام صالح، فقد تحدثوا عن اللواء علي محسن والفرقة الأولى بصفتهم خصومهم، وطالبوا بالاعتذار أكثر من مرة.
الشاهد أن الحوثيين وصالح وجدوا في البداية خصماً مشتركاً هو علي محسن والفرقة الأولى والأحزاب السياسية المعارضة، ثم تطور بعد التوقيع على المبادرة الخليجية ليغدو المشترك عامة والإصلاح خاصة، مضافين للفرقة الأولى التي ناصرت الثورة.
وقائع:
في عام 2009م نشر موقع إلكتروني مقالا بعنوان (لماذا لا يراد لحرب صعدة أن تنتهي؟) للكاتب المعروف منير الماوري نقل فيه أحاديث عن ثلاثة أصدقاء أمريكيين للدكتور عبدالكريم الإرياني التقوه في أوقات مختلفة وكل منهم على حده، وقد جاء فيه أن الإرياني حدثهم عن صراع بين الفريق والمشير، الأول علي محسن والثاني علي عبدالله صالح وأن المشير جمع حوله أشخاصا صغارا، وأنه لم يعد يسمع لنصيحة أحد وأنه يتحدث عن تآمر علي محسن، وأن يسلم كتائب بأسلحتها للحوثيين في حين اشتكى محسن من أنه كلما أوشكت الحرب على الانتهاء من الحوثيين أعلن صالح إيقافها، وأن الأسلحة تأتي للحوثيين من مخازن الحرس الجمهوري، فضلا عن أن صالح يعين قادة ألوية في الفرقة موالين للحوثيين ولفت علي محسن إلى أن الطيران الحربي لم يشارك في الجولات الخمس في الحرب.
ويتداول كثيرون من الخاصة أحاديث عن الصداقة بين أحمد علي قائد الحرس ويوسف المداني القائد الميداني للحوثيين.
وفي وثائق ويكيليكس في تقرير للسفارة الأمريكية الرئيس صالح -سابقا- حدث الأمريكيين عن وجود أقراص فيديو dvd تحتوي على صور لعمليات تدريب عسكري للحوثيين على يد حزب الله اللبناني وأن تلك الأقراص موجودة لدى عمار صالح وكيل الأمن القومي وأن الأمريكيين حين سألوا عمار صالح عن تلك الأقراص نفى علمه بوجودها.
الشاهد أن علي عبدالله صالح في لحظة معينة أقر بوجود تدريب للحوثيين من قبل حزب الله التابع لإيران، لكن تقديرات عمار صالح أن الحلف مع الحوثيين أهم من كشفه للأمريكان.
وفي يوليو الماضي خرجت تسريبات في الإمارات العربية المتحدة عن الإمساك بعمار صالح مع عناصر استخباراتية إيرانية يريد أن يبيع لهم معلومات استخبارية على درجة عالية من الأهمية.
خلاصة القول إن أسرة صالح وبعد توقيع المبادرة الخليجية تعمل على قيادة ثورة مضادة، ومن وسائلها التحالف مع الحوثيين وإيران مع وجود معلومات عن إمكانية تسليم وحدات من الحرس الجمهوري للحوثيين، وأن قادة يوالون الحوثيين أو من عناصرهم يقودون بعض الوحدات.
الإدارة الإعلامية
إن أسرة صالح صار لديها قنوات تلفزة وصحيفة يومية «اليمن اليوم» وإذاعة FM يمن تودي وتدار بواسطة شركات لبنانية من السهل على حزب الله وشيعة لبنان أن يكونوا حاضرين.
الأهداف المشتركة
تعتقد أسرة صالح أن الحوثيين منذ البداية خصوم أنداد للأحزاب السياسية، وللإصلاح خاصة، ثم للجيش النظامي بقيادة علي محسن، ومن ثم فإنها تستخدمهم لإضعاف أولئك الخصوم مع اعتقادها أن بإمكانها السيطرة على طموحات الحوثيين.
لقد استخدمت الحوثية من قبل لتخويف المجتمع من عودة الإمامة غير أنه وفي سياق الاستفادة من إيران وخبراتها يأتي التحالف وفي حالة وصول أسرة صالح إلى اليأس من استعادة السلطة فإن التحالف مع الحوثيين وإيران سيكون الهدف منه انتقاميا بإعطاء الحوثيين مجالات أوسع، والاستفادة منهم في تفكيك البلاد لتحقيق الهدف الذي سعى لأجله صالح إما هو أو التفكك وبحيث ينصرف التاريخ عن تسجيل سياسته الفاسدة المتخلفة عبر ثلاثة عقود إلى القول بأنه بعد مغادرته السلطة، تفككت الجمهورية اليمنية وشاعت الفوضى إنها الصوملة التي ظل يتوعد بها اليمن، وكانت جزء من حملته الدعائية الانتخابية 2006م.
ثالثا: استقطاب من محافظات تعز وعدن
أكدت مصادر يمنية أن السلطات اليمنية تمتلك أدلة تثبت تورط إيران بتمويل جماعات مسلحة للقيام بأنشطة تخريبية داخل اليمن وتحدث مسئول يمني رفيع لصحيفة الخليج الاثنين 24/7/2012م «أن الخلية التي تم ضبطها تعمل تحت غطاء تجاري ولها وجود في كل من محافظتي تعز وعدن بالتنسيق مع الحوثيين في محافظة صعدة كما أن هناك عمليات تجنيد جارية لشباب يمنيين وإرسالهم إلى بيروت حيث يتلقون تدريبات قتالية في معسكرات تتبع حزب الله اللبناني التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني. ولفتت مصادر يمنية إلى أن إيران وسعت نشاطها في اليمن ليشمل بعض المحافظات الجنوبية، وصارت تقدم دعما لبعض جماعات الحراك الجنوبي المسلحة التي تطالب بالانفصال. المصدر 24/7/2012.
ويسعى دعاة الانفصال لإيجاد تأييد خارجي إقليمي دولي لمطالبهم التي يصفونها بفك الارتباط وفي هذا السياق تجد إيران ضالتها لتكون موجودة في المحافظات الجنوبية ولا يخفي دعاة الانفصال التواصل مع إيران بل يعلنونها، ويعدونها مسألة طبيعية وبالنظر إلى أن المطالب بإعادة التشطير لبيت لا تجد تأييدا محليا ولا خارجيا على المستوى الدولي، فإن التأييد الإيراني لا بد أن يجعل من الساعين له ولاءهم لإيران التي تتطلع للتجزأة.
البيض في حديث خاص مع يونايتد برس أنترناشيونال وفي رده على ما تردد عن إقامة علاقات مع إيران على حساب دول الخليج قال البيض «نحن نبني علاقاتنا مع أي طرف ليس على حساب طرف آخر، نبنيها على ما يخدم مصالح شعب الجنوب ونرحب بمن يساعد شعب الجنوب في تحرير بلده واستعادة دولته» لم ينف العلاقة بإيران، وإن الغرض منها تحرير الجنوب واستعادة دولته. يمن ينشن 17/4/2012م.
أعلن القيادي في الحراك الجنوبي شلال شايع في حديث لصحيفة الشرق السعودية عن ترحيبه بالدعم الإيراني لاستقلال الجنوب وقال: نرحب بالدعم الإيراني لقوى الحراك الجنوبي واستقبال إيران لقيادات في الحراك الجنوبي وعلى رأسها علي سالم البيض ونرحب بأي دعم غير مشروط.
وأضاف أن الكفاح المسلح حق كفلته الشرائع والمواثيق الدولية.
إيران وتوظيف القاعدة
إن تنظيم القاعدة من خصائصه القابلية للاختراق والتجنيد من قبل جهات وأجهزة مختلفة حتى قيل إن لكل نظام قاعدته، ولأن طابعه سري فإن هناك الكثير من شئون مليئة بالغموض ومن ذلك طبيعة علاقته بإيران.
إن إيران تلتقي مع القاعدة في رفع شعارات معادية للأمريكيين والغرب، ومن السهل عليها إقناع القاعدة بأنها وإياهم تجمعهم أهداف مشتركة.
لقد نجحت إيران في التعامل مع القاعدة وذلك ظاهر جلي أن القاعدة لم يظهر لها أنشطة في إيران أو ضد مصالحها، وإذا كانت نجحت على هذا المستوى فإن من السهل توجيه عمليات القاعدة، أي أن اختراق القاعدة والتعامل معها يتم في اتجاهين التحييد والتجنيد.
شواهد إثبات
شكلت إيران منطقة عبور لعناصر قيادية في القاعدة إلى العراق، ومن بين من عبروها أبو مصعب الزرقاوي.
النظام في سوريا التابع لإيران شكل حلفا مع القاعدة جعل سوريا محطة تجميع وانتقال للقاعدتين إلى العراق.
جاء في وثائق ويكيليكس قول علي مخلوف للأمريكيين أن «علاقاتنا تتجه بالقاعدة وإذا أردتم خدمات فنحن مستعدون».
المسئول عن تفجيرات 7 يوليو 2006م في لندن مقيم في سوريا.
تنظيم فتح الإسلام بقيادة شاكر العيسي الذي دخل مخيم نهر البارد واستهدف عناصر من الجيش اللبناني جاء في سوريا.
قدمت مجموعات القاعدة خدمات لإيران في العراق منها:
- تبني اغتيال محمد باقر الحكيمي الذي كان متوقعا أن يكون المرجع في العراق، وهنا خلصت إيران من مرجع عربي لتحل محله السيستاني.
- تأجيج الصراع الطائفي في العراق فليس مثل القاعدة من يصنع ذلك.
- لذلك من السهل على إيران إيجاد قنوات اتصال مع القاعدة في اليمن، منذ زمن بعيد، فبحسابها تجاه الحوثيين والمصالح الإيرانية وتوجيه عملياتها بما يخدم السياسة الإيرانية وقد أشار السفير الأمريكي بصنعاء لأول مرة عن مخاوف بلاده من سياسة إيران في اليمن وعن إمكانية اتصالها بالقاعدة.
ونشرت صحيفة يمنية في 11/3/2012م عن أحد موالي إيران في اليمن قوله: علاقاتنا مع الوطنيين الأحرار كالحوثيين والحراكيين وشباب الساحات وكل المكونات السياسية والاجتماعية والمدنية والثورية الحرة ستزداد وثوقا وقوة وانفتاحا في علاقات شعبية مع أشقائنا في إيران ستزداد عمقا لأنها علاقات أخوية بعيدا عن الإملاءات والتدخلات.
إنه إقرار واعتراف بالتواصل مع إيران أي التخابر مع دولة أجنبية أما قوله علاقات شعبية فإنها شعارات لا يوجد في الواقع علاقات شعبية وإنما علاقات تديرها دول، وإيران دولة لها أهداف استراتيجية في اليمن وليست جمعية خيرية.
الحوثيون الذين أصدروا وثيقة فكرية وسياسية تجعل من آل الحوثي أحرار لكن كل من مخضوهم الولاء من التيارات اليمنية وجميع أفراد الشعب اليمني يكونوا بوثيقتهم الحوثية غير أحرار بل عبيد وفي أحسن الأحوال خدم.
رابعا: استقطاب شخصيات اجتماعية
- إقرار نادر
علاقاتنا مع الوطنيين الأحرار كالحوثيين والحراكيين وشباب الساحات وكل المكونات السياسية والاجتماعية والمدنية والثورية الحرة ستزداد وثوقا وقوة وانفتاحا في علاقات شعبية مع أشقائنا في إيران ستزداد عمقا لأنها علاقات أخوية بعيدا عن الإملاءات والتدخلات. إن هذا النص الوارد سابقا دليل واضح على حجم الاستقطاب الإيراني للشخصيات الاجتماعية اليمنية.
الجهات المستهدفة..
اختراق الأجهزة الحيوية
تعد اليمن بيئة مثالية وغير مكلفة لأي أجهزة استخبارية، إنها بيئة صنعها نظام صالح، وأهدافه غير الوطنية، ومشروع التوريث الذي سخر البلاد لخدمته وعلى حسابها.
إن أي سياسي مبتدئ يدرك مدى حرص الدول الأجنبية الفاعلة على القيام بأعمال التجسس في الدول الأخرى، وأنها تجند أجهزة الاستخبارات، وتعمل الدبلوماسية لخدمة التجسس، ولذلك يدرك أي مبتدئ في السياسة أن الدول تعمل بالمقابل على حماية ذاتها من التجسس، مهما كانت إمكاناتها، وتعدها أولوية قصوى، ذلك أن التجسس الخارجي يسعى دائما إلى اختراق الأجهزة الحساسة، وضرب جهاز المناعة للدولة ومن ثم حقن البلاد بالفيروسات الضارة، واستهداف القوى الفاعلة، ومن ثم السيطرة عليها وعلى قرارها، والمساهمة في إيقاعها في الأزمات، وجعلها في حاجة ماسة إلى خصومها.
تعد إدارة علي عبدالله صالح للجهاز المركزي للأمن السياسي وجهاز الأمن القومي من تركته الثقيلة في البلاد بعد خلعه، منذ البداية لم يكن الأمن السياسي إلا أداة للتجسس الداخلي، ومتابعة خصوم النظام والموالين له، أي أنه لم يكن لمكافحة التجسس الخارجي بقدر توفير معلومات لرأس النظام لاستخدامها أوراق ضغط على من يعتقد أنهم يقفون أو سيقفون ضده أو إضعافه، ثم التقت مصالح ذاتية «التوريث» مع الإدارة الأمريكية فأنشئ الأمن القومي والطابع الأسري العائلي التوريثي كان أكثر هنا.
من السهل على إيران وعلى غيرها من الدول اختراق الجهازين واستخدام بعض أبناء الجالية العراقية والحوثيين وكما هو معروف لدى أجهزة الاستخبارات أنها تستخدم وسيلتين: الزرع والتجنيد، أما الزرع فيعني أن الجهة الساعية للاختراق تقوم بزرع عميل/ عملائها في الجهاز، وهو غالبا ما يكون من البلد المستهدفة ذاتها، أو قد يكون من الجهة الزارعة، إن كانت مستهدفة بالتجسس، بمعنى آخر أن إيران تحتاج إلى زرع عميل إيراني في بلد يمكن أن يغريها بأنه ضد بلاده، وأنه يمكن تقديم خدمات استخبارية في الحالة اليمنية فإن الأنسب زرع عراقيين/ حوثيين، سوريين «موالين لها» أما التجنيد فإنه استمالة عناصر من داخل الأجهزة، أي أن هناك عناصر استخبارات لديها استعداد للعمل مع دولة أجنبية لأسباب عقائدية، أو لأسباب أخرى.
في كل الأحوال فإن نظام صالح قد فتح الأبواب أمام كل من يعتقد أن ولاءه له، أو يعادي بعض القوى في البلاد ومن ثم من السهل زرع وتجنيد الكثير.
استهداف الجيش
إن الحالة الراهنة للقوات المسلحة اليمنية هي انقسام بين وحدات الجيش النظامي والحرس الجمهوري، وهو انقسام ناتج عن دوافع لنظام صالح الذي وجد أن الجيش النظامي هو القوة الوحيدة في البلاد التي يمكن أن تعيق مشروع التوريث، فعمد إلى بناء جيش آخر مواز هو الحرس الجمهوري، وبقيادة نجله أحمد علي عبدالله صالح الذي صار عميدا وقائدا للحرس الجمهوري وقائدا للقوات الخاصة، في هذا السياق كانت حروب صعدة بين الجيش النظامي والحوثيين.
إن الأصل في مواجهة أي حركة تمرد مسلحة أن تقوم وحدات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة بمواجهتها لأنها تعد لهذه الأغراض، أي أنها مدربة على حرب العصابات، أما الجيش النظامي فإنه غالبا لا يربح المعركة في حرب العصابات.
إن العلاقة القائمة بين الحوثيين وأسرة صالح ومنها قيادة الحرس الجمهوري من جهة، والحملة الإعلامية المركزة التي يبثها الحوثيون على الفرقة الأولى تصب في خدمة الاستراتيجية الإيرانية التي تدرك أن القوات المسلحة في أي بلد يعول عليها في حماية البلاد من العدوان الخارجي حتى على مستوى التجسس والاستقطاب، فإن لدى القوات المسلحة المخابرات العسكرية.
إن انقسام القوات المسلحة اليمنية واستمرار الانقسام هو إضعاف لها، ويعمل مع الزمن على تفكيكها.
خطاب الحوثيين تجاه الجيش الموالي للثورة مع الرفض للمبادرة الخليجية مؤشرات على أن الحوثيين كانوا يخططون لنشوب حرب بين الجيش النظامي والحرس الجمهوري، وبذلك يذهب من طريقهم واحد من أهم العوائق لمشروعهم.
متطلبات تحقيق الأهداف الاستراتيجية لإيران
بين إيران وبلوغ السيطرة على اليمن مجموعة من العناصر المعيقة ولذلك تعمل إيران مباشرة وبواسطة التابعين لها على اعتبار العناصر المعيقة هي العدو، ومن ثم تسعى لتعطيل فاعليتها، وشلها.
1- اللقاء المشترك: يعد اللقاء المشترك التكتل السياسي المعبر عن وحدة القوى السياسية اليمنية وتعددها في الوقت ذاته، وهو الجهة التي يراهن عليها للمحافظة على وحدة وتماسك الدولة اليمنية، على أساس أن «الإصلاح، الاشتراكي، الناصري» «وحزب البعث» وقطاعات في حزب الحق واتحاد القوى لا تقبل المساومة بشأن الوحدة، وسلامة الدولة اليمنية، والمحافظة على الأمن والسلم في البلاد، وتحقيق أهداف الثورة.
لذلك فإن اللقاء المشترك من الأهداف الرئيسية لإيران، أي إضعاف المشترك وتفكيكه من الداخل.
على مستوى إضعاف المشترك: فإنه هدف للآلة الإعلامية الإيرانية في اليمن، وحيث يدندن على أنه شريك لصالح «مع أن صالح حبيب الحوثيين» وأنه انحرف بالثورة، وأنه اختزل الثورة في تقاسم السلطة.
المتابع لإعلام طهران يلاحظ استضافتها لشخصيات ليس لها مشكلة مع أسرة صالح ولكن لها مشكلات مع المشترك والتثريب عليه.
اتحاد القوى وحزب الحق
الأمين العام لاتحاد القوى الشعبية د. محمد عبدالملك المتوكل، منذ خمس سنوات يروج للانفصال، وأثناء الثورة لم يخف ارتباطه بأسرة صالح، وهو يعد وحدة الجيش وإعادة الهيكلة إخلالا بالتوازن، مما يعني أن طرفا في المشترك يعمل في الواقع ضد المشترك، لقد أبدى حرصا واسعا على إبقاء أحمد علي صالح قائدا للحرس، وحقيقة الموقف أن د. المتوكل وتياره في الاتحاد يمكن أن يصنف حليفا لصالح والمؤتمر الشعبي وليس مشترك.
وتيار في حزب الحق له علاقة خاصة بالحوثيين، أحد طرفي الخلاف معه حسن زيد يتحاكم إلى الحوثيين.
حزب الإصلاح
يعد حزب التجمع اليمني للإصلاح ومن معه من المشترك القوة الأولى على المستوى الجغرافي، وعلى مستوى فئات وشرائح المجتمع المختلفة وينظر إليه باعتباره الجهة المنظمة المتماسكة، القادرة على المحافظة على وحدة الدولة اليمنية وسلامتها، والحيلولة دون التشرذم والتجزئة، وتدرك إيران كما يدرك الحوثيون ودعاة الانفصال كذلك.
ومنذ التوقيع على المبادرة الخليجية بدا أن هناك خطة قد أعدت لشن حملة إعلامية على هذا التكتل من خلال استهداف الإصلاح على نطاق واسع، وغير مسبوق.
ويحتوي الخطاب الإعلامي للحوثيين على تعبئة أتباعهم ضد الإصلاح بخطاب يصور الإصلاح أنه أمريكي سعودي وهابي إضافة أنه شريك نظام صالح، وأنه سرق الثورة، وهمه السلطة وإسقاط ممارسات الحوثيين على الإصلاح مثل الطائفية، ومصادرة الحريات، والإقصاء واستخدام العنف ضد المختلفين معهم، إنه خطاب يعتمد إشاعة الكراهية ضد الإصلاح.
تسويق وتبرير السياسة الإيرانية
عقب توقيع المبادرة الخليجية ظهرت مجموعة من الصحف يديرها حوثيون أو مقربون منهم أو بعض يساريين مالوا إليهم.
وتقوم الاستراتيجية الإعلامية على:
- التسويق والتبرير للسياسة الإيرانية ومعها الترويج للحوثيين، إنها عملية منظمة تملك الرؤية كما تمتلك المال اللازم لصناعة الإعلام، واستقطاب الإعلاميين، حتى أولئك الذين يتناقضون أصلا مع الحوثيين.
- استهداف القوى التي يعتقد الحوثيون والإيرانيون أنها تشكل عوائق للمشروع الإيراني، والمشروع الحوثي أحزاب وقوى سياسية، أشخاص، دول تعد معادية كالولايات المتحدة والمملكة السعودية وقطر.
الحديث عن تعز بشكل واسع ولافت، وكأنها صارت شيعية.
إن الخطاب الإعلامي:
- تصحيح مسار الثورة.
- إسقاط المبادرة الخليجية.
- إسقاط النظام «نظام ما بعد توقيع المبادرة».
- إسقاط الإصلاح.
- إسقاط المشترك.
عوامل في خدمة الحوثيين
إن الدولة اليمنية في الوقت الراهن تسير باتجاه تحقيق أهداف الخطط الإيرانية وذلك بالنظر إلى العوامل التالية:
1. الانتقال المرتبك والناقص للسلطة، فالثورة اليمنية لم تتمكن من إسقاط النظام كلية بل بعض النظام، إنه نظام متنافر، جزء منه يعمل ضده والنظام الراهن كما الذي سبق، يعمل على إضعاف الدولة اليمنية أو المزيد من إضعافها أمام القوى الخارجية ومن ثم تسهيل مهام القوى الخارجية في تحقيق أهدافها.
2. التعامل مع الحوثيين باعتبارهم جماعة شرعية في حين أنهم جماعة متمردة تحمل السلاح إنها خارجة على القانون والتغاضي عن علاقاتها التابعة لإيران ليس ذلك فحسب بل إن الأجهزة الأمنية تساعدها على تمتين العلاقة بإيران.
3. وجود نقطتي ضعف كبرى في اليمن، الأولى ضعف الجبهة الداخلية وغياب وحدتها فالجبهة الداخلية إن لم تكن موحدة ومتماسكة فإنها تكون بيئة خصبة لنشاط القوى المعادية، التي تعمل على المزيد من إضعاف الجبهة الداخلية وشرذمتها، ومن ثم التسريع بانهيار الدولة. نقطة الضعف الأخرى، أجهزة الاستخبارات وجمع المعلومات فالدولة اليمنية لديها أجهزة استخبارات وجمع المعلومات الأمن السياسي، الأمن القومي.
أما الأول فقد عمل نظام صالح على إضعافه بكل الوسائل بما في ذلك إنشاء الأمن القومي، فظل الأمن السياسي في العقد الأخير هدفا للقاعدة والتي نجحت في تصفية الكثير من القيادات فضلا عن تهميش متعمد وتمييز مقصود يشعر العاملين في الأمن السياسي بأنهم دون العاملين في الأمن القومي، عوامل كثيرة صرفت الأمن السياسي عن واحدة من أهم مهامه المتمثلة في مكافحة التجسس، مع إدراكه أنه وفي حالة إيران فإنها قد بعثت جواسيس وجندت آخرين من مطلع الثمانينات.
أما الأمن القومي فإنه ومع إحاطته بقدر من الغموض تم إنشاؤه بتوافق أمريكي صالحي بمعنى آخر ليس لليمن فيه نصيب فهو لصالح أسرة صالح ومصالح الأمريكان وهو مخترق من قبل جهات كثر بما فيها إيران بل إنه ومع سقوط تحالفات صالح مع أغلب القوى اليمنية فقد غدا التحالف مع الحوثيين هو الوحيد الممكن محليا، مما مكن لهم للوجود في الأمن القومي وإعطاء غطاء للتجسس الإيراني، بل مساعدة إيران على اختراق الأجهزة المختلفة.
غياب الوعي لدى القادة والأحزاب السياسية بمفهوم الأمن القومي للدولة، والعمليات التي تقوم بها الدول الأخرى لاختراق الأجهزة الحيوية، واختراق المجتمع، يوجد خلط واسع بين ما هو استراتيجي وغير قابل للمناورة، وبين ما هو تكتيكي ومن ثم التلاعب من قبل البعض بقضايا استراتيجية لا تقبل اللعب، لقد كان ديدن نظام صالح، وهو سائد اليوم مع الرئيس هادي والحكومة وما لم يحدث تغيير هنا فإن مخططات إيران هي القابلة للتحقيق.
ثالثا: السياسة السعودية تجاه اليمن
في الوقت الذي صعدت إيران من أنشطتها الاستخبارية والدبلوماسية والاستقطاب، المملكة تغلق سفارتها وتغلق الحدود، ويغيب السفير عن عمله أربعة أشهر ذلك يجسد الفروق الجوهرية بين إيران والسعودية، إيران تعد نفسها في حالة شبه حربية مع السعودية في اليمن والسعودية تعاقب اليمنيين عقاباً جماعياً وتغيب عن الساحة.
يقدم السعودية عونا للسياسة الإيرانية في اليمن.
غياب الرؤية وفشل اليمن
في الوقت الذي تعتمد فيه إيران استراتيجية معدة بعناية لبلوغ أهدافها في اليمن فإن المملكة لا توجد لديها رؤية سياستها تجاه اليمن انفعالية عشوائية سلبية.
تنطلق السياسة السعودية تجاه اليمن، من منطلقات غير موضوعية وتتعارض مع المصالح العامة للبلدين.
ويعتقد السياسيون في الخليج عامة وفي المملكة خاصة أن فشل الدولة اليمنية وسوء وتردي مستوى المعيشة وزيادة معدلات البطالة وتدني مستوى الخدمات والفوضى السياسية كلها وسائل تسويق النظام داخليا، وأن الجمهورية والديمقراطية وحقوق الإنسان كلها عوامل هدامة، وها هي اليمن النموذج العربي الأمثل.
إن الدول في العادة تبني سياستها الخارجية وفق رؤية استراتيجية معتمدة على ثلاثة عناصر أساسية، المجال الحيوي، العمق الاستراتيجي، الأمن القومي «الكلي».
على سبيل المثال الدولة العبرية في فلسطين جعلت المجال الحيوي يمتد إلى إندونيسيا، أي أنها لا بد أن يكون لها حضور ما في إندونيسيا حتى لو لم تكن علاقات دبلوماسية.
إن العالم الإسلامي برمته يشكل المجال الحيوي للدولة الصهيونية ومن الطبيعي أن تبدأ من الدول المجاورة.
العمق الاستراتيجي: كل دولة تعد جيرانها عمقا استراتيجيا لها، ويعني أنها تعامل عمقها الاستراتيجي معاملة خاصة، ويعني العمق الاستراتيجي أن الدولة في حالة تعرضها لظروف استثنائية أو مخاطر فإنها تجد في عمقها الاستراتيجي ملاذا آمنا، اليمن تمثل عمقا استراتيجيا للمملكة والعكس صحيح، لكن اليمن للمملكة أكثر لاعتبارات تتصل بموقع اليمن على أهم الممرات المائية ومضيق باب المندب، في حين المملكة تحيط بها مضايق هرمز، باب المندب، قناة السويس، ولو حدث وأغلقت في وقت واحد فإن المملكة تختنق، ومن ثم لن تجد غير اليمن للوصل إلى البحر العربي والمحيط الهندي.
الأمن القومي يعني الأمن بمفهومه الكلي سياسيا اقتصاديا اجتماعيا عسكريا، ويوجب على المملكة النظر إلى اليمن باعتبارها من المصادر الداعمة المساندة لأمنها القومي، أو مصدرا من مصادر الخطر، وفي الحالتين فإن المجال الحيوي والعمق الاستراتيجي والأمن القومي يفرضان على السعودية سياسة خارجية تجاه اليمن مختلفة كليا عن أدائها، وسياستها التقليدية.
* سوء المعاملة السعودية لليمنيين
إن سوء المعاملة لليمنيين في المملكة، سواء أولئك الذين يحاولون التسلل أو الحاصلين على إقامة لم تعد خافية بل إنها هي السائدة، إنها معاملة الرقيق وأكثر من عمليات القبض عليهما وإدخالهما في سجون لا تتوفر فيها الحدود الدنيا من حقوق الإنسان إلى ممارسة التعذيب والجلد والحرق والتواطؤ مع الكفيل «السيد» في مصادرة الأموال والأجور، وفي عمليات السطور على الممتلكات مما لا يوصف.
إن الأكثرية من المسافرين والذين يحاولون التسلل إنما فروا من حالة البطالة والفقر في بلادهم، ويخاطرون بحياتهم، والنظام في المملكة لا يقدر هذه الحالة، بل توظفها أسوأ توظيف لإهانة اليمنيين وذلك كله يساعد على التمكين لإيران والحوثيين، ومن يرفعون شعارات معادية للمملكة.
إن الأصل أن تكون سياسة السعودية تجاه اليمن أن تنظر إلى اليمن باعتبارها العمق الاستراتيجي الأهم، ومن ثم العمل على:
1- إدارة العلاقات الثنائية على مبدأ التكافؤ والندية والاحترام المتبادل والتخلي عن سياسة الاستعلاء وفرض التبعية على النظام في اليمن.
2- إعطاء أولوية للعمالة اليمنية وإعادة ما كان لهم من امتيازات على اعتبار أن تلك الامتيازات من ضرورات الأمن القومي للدولة السعودية، ثم إنه يعود على المملكة بمنافع اقتصادية كون العمالة اليمنية تنفق الكثير في المملكة من جهة، ووجود قدر من الرخاء في اليمن يوسع السوق اليمنية للمنتجات والبضائع السعودية.
3- تقديم العون للشعب بدلا من الإنفاق على أشخاص وذلك عن طريق تمويل مشاريع في البنية التحتية كالطرق والمطارات والموانئ منحا ومساعدات وقروض وحتى استثمارات والتي تساعد على التنمية في البلاد، وتشغيل الأيدي العاملة والتخفيف من الضغط المتمثل في محاولات التسلل إلى المملكة بطرق غير قانونية.
4- التعاون الأمني والعسكري المتكافئ ومواجهة المخاطر التي تعد مهددة للأمن القومي في البلدين.
إن المملكة بحاجة إلى مراجعة شاملة وجذرية بطريقة إدارتها للعلاقات بين البلدين وإلا فإنها تكون طرفا رئيسا مساهما في التمكين لإيران في اليمن، وتعمل على تنمية المخاطر المهددة لوجود المملكة.
ثالثا: السياسة الأمريكية تجاه اليمن
الحديث عن السياسة الأمريكية في اليمن يطول يمكن تناولها هنا من منظور مساهمتها في التمكين لإيران:
أ- إضعاف الدولة اليمنية
وذلك يتجلى في التحالف مع أسرة صالح، ومشروعها لتوريث السلطة، والذي كان -ولا يزال- مكلفا للدولة اليمنية، ذلك أن متطلبات التوريث تقتضي:
الاتفاق على التوريث بدلا عن التسمية.
إشاعة الفساد لأنه البيئة الملائمة للتوريث.
شراء الولاءات والذمم.
إضعاف الجيش النظامي.
استخدام أجهزة الاستخبارات للتوريث بدلا عن مكافحة التجسس وإفساد الأجهزة وجعلها قابلة للاختراق.
إنشاء القوات الخاصة وإلحاقها بالحرس بقيادة أحمد علي عبدالله وإنشاء وحدة مكافحة الإرهاب وإلحاقها بالأمن المركزي بقيادة يحيى صالح.
إنشاء الأمن القومي وتعيين عمار صالح وكيلا له.
2- التدخل السافر في الشئون اليمنية
وتتجلى في قيام الطائرات الأمريكية بقصف مناطق يمنية، تحت لافتة مكافحة «الإرهاب» وملاحقة عناصر القاعدة، والحصول على تفويض مطلق من الرئيس السابق «أنتم غير مقيدين بالوصول إلى أي نقطة في اليمن برا وجوا وبحرا».
الحرص على بقاء أبناء صالح في مواقعهم العسكرية والأمنية بعد توقيع المبادرة الخليجية.
إن أداء السفير الأمريكي الحالي يتجاوز الأعراف الدبلوماسية، ويتحدث في الشئون اليمنية وكأنه مندوب سام لدولة احتلال.
الشاهد أن التدخل الأمريكي السافر في اليمن فوق أنه يضعف الدولة اليمنية ويخل بالاستقلال والسيادة فإنه يقدم ذرائع لإيران أن تتدخل على نطاق واسع ظاهر معلن ومتستر، وأن تسعى لتحقيق أهدافها في اليمن.
3- تدليل الحوثيين
إن للولايات المتحدة دوافعها الخاصة في النظر للحوثيين وعلاقاتهم بإيران، وهي نظرة تتنافى مع مبادئ السياسة الاستراتيجية حين تقول: لا توجد أدلة على وجود دعم إيراني للحوثيين.
في أحد التقارير المرفوعة من السفارة بصنعاء «أن الفجوات الواسعة تتمثل في المعرفة المسبقة للناشطين الإيرانيين باليمن بسبب حساسية التدخلات الإيرانية المحدودة -يصفها بالمحدودة- في أحداث صعدة وبين ما كان يعتقد سابقا أن مثل هذا التدخل يعتبر محدودا فإن المصالح الاستراتيجية الإيرانية في اليمن تستحق رقابة دقيقة ومكثفة في المستقبل.
إن ما جاء في ذلك التقرير مثير للدهشة، هل يعقل أن الإدارة الأمريكية لا تدرك أهداف إيران الاستراتيجية في المنطقة، وموقع اليمن منها؟ أم أن هناك براعة إيرانية تعمل على تضليل السفارة الأمريكية بصنعاء؟
إن الحوثيين جماعة مسلحة، مصنفة جماعة متمردة وخارجة على القانون، وترفع شعارات إيرانية، مع ذلك لم تصنف «إرهابية» وذلك لسبب بسيط حسب أحد التقارير المرفوعة من السفارة فإنه بعد حديث الرئيس السابق عن أن الحوثيين عدو مشترك (ملاحظة: الحوثيون لم يهاجموا مصالح الولايات المتحدة ولا أفرادها في الجولات الست من القتال بينهم وبين قوات الجيش اليمني التي انطلقت في العام 2004م).
إنه صك براءة وإدانة معاً..
مخاطر
إن الأنشطة الاستخبارية للقوى الخارجية في اليمن، له مخاطر واسعة سواء كان أمريكيا أو روسيا، سعوديا أم مصريا، تلك طبيعة الدول، الأنشطة الاستخبارية تهدف إلى الاختراق للأجهزة والهيئات الحيوية والإدارة والاقتصاد والقوى الفاعلة.
ذلك عام، وللنشاط الإيراني مخاطر خاصة أشد فتكا من أي قوة أخرى.
عقائدي أيديولوجي
إنها فوق السعي لتحقيق مصالح استراتيجية فإن سعيها محاط ومعبأ بدوافع عقائدية، من خصائصها قيامها على الأحقاد والضغائن والعداوة والبغضاء في أسوأ صورها، سواء بدافعها القومي الفارسي المعادي للعرب الذي تنظر إلى العرب على أنهم أسقطوا إمبراطورية الفرس أو دافع طائفي حيث يعتبرون أهل السنة جميعا العدو الأعظم الذي اغتصب الإمامة من الشيعة أو حتى الدافع السياسي والذي يهدف إلى إضعاف المنطقة باعتباره تحقيقاً للأهداف القومية والطائفية.
إن الجهود الإيرانية تعمل على إيجاد طائفة شيعية اثنى عشرية تنافس الزيدية، وهي تعمل على تشييع مناطق مستغلة الفراغ.
الفرز المذهبي الطائفي
إن مخاطر الأنشطة الإيرانية تتجسد في فرز طائفي مذهبي، واصطفاف مجموعة من الشعب على أساس طائفي مذهبي، فهي أولا لا تؤمن بوطن، ولا بدولة ولا تنظر إلا من منظورها الطائفي، فهي تعمل على هدم وتمزيق النسيج الاجتماعي، وتدفع باتجاه إحياء المذهبية في أشد صورها تناقضا وشراسة.
بل إن إيران تسعى لإيجاد أقلية شيعية اثنى عشرية في المناطق المحسوبة شافعية وطموحهم بلا حدود شيعة تعز، شيعة عدن، إنه استغلال للحظة الراهنة وما فيها من عوامل البطالة والفقر والقهر والظلم، كلها مساعدة على استقطاب شباب من محافظات مختلفة مع تركيزهم على تعز وعدن، إنها الحاجة تدفع للاستجابة ثم لا تلبث أن تغدو عقيدة.
صحيفة حشد الموالية لصالح تخرج في أحد أعدادها بعنوان عريض «زعيم شيعة تعز» إن القصد هو اقتران كلمة شيعة بتعز، قد يراه البعض مهزلة، لكن إيران لا تمزح، إنها وبما لديها من طموح وخطط وأموال ربما تقلب المعادلات، ووجود عشرة اثنى عشرية فقط يكون صوتهم كآلاف غيرهم.
الجغرافيا
تبدو السياسة الإيرانية واضحة المعالم في تركيزها على مناطق يمنية، والتعامل معها على أساس التجزئة، وقد رسمت على المستوى النظري صورة افتراضية لليمن، وتتعامل معها كما لو أنها حقيقة على الواقع.
صعدة، تعز، عدن، أبين، حضرموت
صعدة
لم يبالغ الباحث العراقي فاضل الربيعي حين ذهب إلى القول إن «إيران تنظر إلى صعدة كما تنظر إلى البصرة وتنظر للحوثيين كما تنظر للصدريين» انتهى الاقتباس.
أما الهدف من الممرات المائية فالبصرة الميناء العراقي الأهم وأم قصر تابعة لها، وصعدة قريبة من ميدي التي تطل على البحر الأحمر، والوسيلة الصدريون في العراق وضرورة أن يظل نفوذهم في البصرة أقوى من الحكومة العراقية، والحوثيين في صعدة وأن يكونوا أقوى من الحكومة اليمنية تمهيدا لقيام كيان حوثي.
تعز
أفصح الحوثيون كما أفصح الإعلام والاستقطاب الإيراني أن تعز في قلب الاستراتيجية الإيرانية تجاه اليمن، وكان التوقيع على المبادرة الخليجية لحظة الصفر لإطلاق حملة تعز، توظيف أهم حدث يرتبط بتعز مسيرة الحياة، فقد حضرت عناصر حوثية وعملت جاهدة لتوحيد المسيرة.
تفكيك الجمهورية اليمنية
إن سياسة التجسس والاستقطاب الإيرانية في اليمن تشكل مخاطر حقيقية إن لم تكن أهم المخاطر المهددة لأمن الدولة اليمنية ووجودها، بالنظر إلى طبيعة الأهداف الإيرانية ووسائلها، والتي لا يمكن أن تتحقق إلا بزوال الجمهورية اليمنية وتفتيت وتجزأة البلاد إلى كيانات تابعة لإيران، أو ضعيفة يسهل السيطرة عليها، إن إيران تدرك كما يدرك الحوثيون أن أهدافهم لا تتحقق في ظل الدولة اليمنية الواحدة، فإعادة إنتاج الإمامة تتطلب التجزئة، وأن اليمن بطبيعتها لا يمكن لنظام أن يستقر إن كان مشيا على العرق والسلالة، أو المذهب والطائفة، كما لا يمكن لمنظم طابعه أسري عشائري أن يستقر أكان من سنحان أم من أبين، ولا يصلح أي نظام في اليمن ما لم يكن ممثلا للشعب كل الشعب، ومعبرا عن إرادته، وملبيا لتطلعاته مهما غلف نفسه بالشعارات.
إن الإعلام الإيراني ومن متابعة لإذاعة طهران العربية يدرك استراتيجية إيران في اليمن وأنها تقوم على تقطيع أوصال البلاد.
إنها تخصص مساحة واسعة تقدر ب90% من متابعة الشئون في استضافة محسن الشعيبي وعلي النعامي وهما انفصاليان حتى العظم، يروجان له، ويوسف الناتيس من المجلس السياسي للحوثيين، ويساعدون بمتحدثين في صعدة أو ساحة التغيير ومن العراق وسوريا، شواهد على مساعي إيرانية لتجزأة اليمن وتحويلها إلى فوضى يسهل عليها السيطرة على الممرات وتصدير الفوضى إلى المملكة.
يكشف سفير الولايات المتحدة بصنعاء جيرالد فايرستاين عن اتساع ما وصفه ب»نشاطات إيرانية العدائية في اليمن» لتصل إلى درجة دعم طهران لبعض أنشطة القاعدة.
وعبر عن قلقه مما يراه من جهود ونشاطات من قبل الحكومة الإيرانية لإنجاز بعض التحالفات ونسج علاقات مع بعض الجهات داخل اليمن وأن بلاده تدرك العلاقة سواء السياسية أو الدعم العسكري للحوثيين وترى الأمر عينة مع بعض المجموعات المتطرفة من الحراك الجنوبي.
«نحن قلقون جدا بشأن الحوثيين ونواياهم لاسيما أن بعض التقارير التي تتسلمها والتي تدل على أنهم يدعمون الدور الإيراني للتدخل في الشئون الداخلية اليمنية».
العربية نت 29/7/2012
نسبت صحيفة نيويورك تايمز إلى مسئول أمريكي رفيع قوله: إن تهريب إيران للأسلحة المدعوم من قوات قدس وهي وحدة عمليات دولية خاصة داخل قوات الحرس الثوري الإسلامي الإيراني يتم عبر قوارب صغيرة تنقل كلاشينكوف أيد 47 وصواريخ وأسلحة أخرى ليستبدلها المتمردون بالأسلحة الجديدة وأن التواصل يتم عبر الهواتف المحمولة المحمية بأكواد أمريكية وكانت إيران قد حاولت إرسال مواد متفجرة لليمن بداية العام طبقا لما أعلنه مسئول يمني أمني واحتوت الشحنة على قنابل تم تهريبا عبر تركيا ومصر إلى عدن، وكانت موجهة لرجال أعمال يمنيين لهما علاقة بالمتمردين المعروفين بالحوثيين.
16/3/2012.
إن إيران تدرك أن عليها التعامل مع صعدة وصنعاء والجنوب وفقا للباحث العراقي فاضل الربيعي.
إن الأنشطة الإيرانية وأهدافها الجغرافية تشير إلى الممرات المائية الإقليمية اليمنية والدولية فصعدة الهدف منها ميدي على البحر الأحمر، وتعز الغرض منها مضيق باب المندب وجزيرة ميون، وعدن الغرض منها البحر العربي وخليج عدن، ويمكنها عبر علي سالم البيض إيجاد قنوات للتعامل مع حضرموت والنظر إلى سقطرى وهي تمضي في سياسة التجزأة غير عابئة بوجود قوى دولية تعد الممرات والمضائق والجزر والخلجان غير قابلة للقسمة لكنها تمضي معتمدة على معطيات يمنية وإقليمية تساعدها.
تأجيج الصراع على المستوى الخارجي
إن سياسة إيران تزيد من الصراع على اليمن مع القوى الإقليمية والدولية وتحويلها إلى ساحة حروب وأجهزة وتصفية حسابات، مما ينذر بمخاطر لا يمكن وصفها، إن المخابرات الإيرانية والسعودية والأمريكية ستعلم على تسابق وأنشطة مجموعة للسيطرة على مناطق في البلاد، ومن ثم قد تشهد تنافس محموم يكون اليمنيون هم ضحاياه.
اختراق المملكة وتفكيك الدولة السعودية
إن تجزأة اليمن وإقامة كيانات والسيطرة عليها يعني بالضرورة وجود كيانات معادية للمملكة، ومن ثم العمل على اختراقها بوتيرة أوسع، لاسيما مع وجود الإسماعيلية في نجران والاثنى عشرية في المنطقة الشرقية وهو ما ينظر إليه لدى الاثنى عشرية والحوثيين على أنه صراع على الكعبة المشرفة.
قد يبدو هذا الحديث مبالغة أو بعيدا عن الواقع وإنه تهويل ومن يعتقد ذلك فإنه ربما لا يعرف شيئا في السياسة وأن من مبادئها توقع أسوأ الاحتمالات للوقاية من وقوعها.
إن تفكيك المملكة هدف لإيران لتمكن من السيطرة على الكعبة ومصادرة الطاقة وسيطرة التشيع على العالم الإسلامي، لقد حدث في التاريخ الإسلامي أن القرامطة أخذوا الحجر الأسود إلى البحرين وظل هناك 17 عاما ولم يعيدوها إلا بأوامر من الفاطميين بمصر وانقطع الحج لسنين.
* التعامل مع إيران
الوقاية من مخاطر السياسة الإيرانية
1) ليس المطلوب القطيعة مع إيران بل التعامل بندية معها، فالدول متكافئة في علاقاتها، وفقا للقانون الدولي.
2) إدراك أن السياسة والعلاقات الخارجية لها وجهان أحدهما معلن وهو في العلاقات الطبيعية، والسفارات والزيارات المتبادلة والتعاون في مجالات مختلفة والآخر غير معلن وهو في كثير من الحالات الأهم حيث تسعى الدول القوية للتأثير على الدول الضعيفة والاحتيال على مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية بالتواصل الاستخباري مع مجموعات وهيئات وأشخاص، وتجنيد وزرع العملاء لاختراق الأجهزة الحيوية كالمخابرات والجيش ومراكز القرار السياسي. والحالة في اليمن لا يحتاج إلى كثير من الجهد من إيران أو غيرها، فهي تستقطب وتجند علنا.
3) إعادة الاعتبار للوطنية والحساسية تجاه العمالة بل إحياء مفهوم العمالة والتخابر مع دول أجنبية باعتباره خيانة عظمى.
4) قيام أجهزة المخابرات وجمع المعلومات على أسس وطنية محترفة تحمي ذاتها وتحمي البلاد من الاختراق الأجنبي وتعمل على مكافحة التجسس ولا تسمح بأي تجنيد أو زرع عملاء لدول أجنبية مهما كانت.
5) قيام السياسة الخارجية على مؤسسات تصنعها ومن ثم تعمل على تحقيق المصالح اليمنية في العلاقات مع الدول الأخرى، والتعامل بندية وتكافؤ وتوازن والتحرر من التبعية للسياسة الخارجية لأية دولة.
إن مركز الجمهورية اليمنية هنا ضعيف جدا، إن سياستها الخارجية تتسم بالتبعية لأمريكا والسعودية وتغري إيران وغيرها بالاستقطاب وتشكيل جماعات ضغط غير سلمية بل مسلحة.
6) ضرورة بلورة مشروع وطني للنهوض وإعادة الاعتبار لليمن أرضا وإنسانا وحشد الطاقات للنهوض، مشروع يرفض التبعية والعمالة بأي شكل كان للسعودية أم أمريكا أم إيران أم غيرها.
7) حين تدرك إيران أنها تتعامل مع دولة في اليمن وليس (عزبة) على حد تعبير إخواننا المصريين فإنها ستضطر للتعامل الطبيعي، وتعمل على تحقيق مصالحها المشروعة فقط تبادل مصالح بين البلدين تجارية اقتصادية وحين تدرك أن الاستقطاب لم يعد مجديا ويكلفها الكثير فإنها ستراجع حساباتها (الأرباح والخسائر).
8) توحيد الجبهة الداخلية
إن وحدة الجبهة الداخلية وحدة الصف من أهم المرتكزات لوجود الدول، واستمرارها وبدون وحدة الجبهة الداخلية فإن الدولة معرضة للزوال وذلك يتطلب وعي الأجهزة، وقيامها بواجباتها وترسيخ الولاء العام للدولة اليمنية، وإشعار جميع المواطنين بأنهم ينتمون إلى دولة، ذلك يتطلب وعي سياسي لدى القادة ولدى الأجهزة.
9) توحيد القوات المسلحة: إن وحدة القوات المسلحة من الضرورات التي لا تحتمل التأخير ولذلك يتطلب من الرئيس والحكومة العمل بكل الوسائل على توحيدها بما في ذلك الضغط الشديد على رعاة المبادرة خاصة وهم يمتلكون أوراق ضغط على صالح وأسرته.
نحن بحاجة إلى دولة قادتها على درجة من الوعي يصل إلى مستوى ملكة سبأ الملكة بلقيس التي أدركت أن من مهام الدولة الرئيسة حماية البلاد أرضا وشعبا من الغزو والتأثير الخارجي «إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون».
المقصود بالملوك الدول الأجنبية، والقرية الدولة المستهدفة ومن مسئوليتها ألا يحدث ذلك، الحماية من الاحتلال الخارجي أو حتى التأثير لأنه درجة من الاحتلال.
8) توحيد الجبهة الداخلية.
9) توحيد القوات المسلحة.
10) إعادة النظر من قبل المملكة والولايات المتحدة في علاقاتهما بالجمهورية اليمنية وتصويب العلاقة بما يعود بالاستقرار على اليمن والوقاية من مخاطر السياسة الإيرانية. إن الإدارة الأمريكية تستطيع أن تقنع المملكة بإدارة العلاقات مع اليمن بطريقة أفضل كما أن الإدارة الأمريكية مطالبة بالكف عن التدخل السافر وأن تحترم سيادة واستقلال اليمن، وتساعد على الاستقرار والتنمية والتعامل باحترام مع اليمن يساعد على تجريد الحوثيين والقاعدة من الذرائع ويساعد على تجفيف منابع التمرد والجماعات المسلحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.