قرأت في الأخبار أن الشرطة عند مدخل العاصمة الغربي أمسكت برجل وسيارته المحملة بكراتين الخمور التي كان يعتزم نقلها إلى العاصمة منتصف رمضان.. ورغم أني أعتبر تاجر الخمور أقل خطراً من سارق المال العام وتاجر الأسلحة، والشارب الذي يغري كبده خير من الجار المؤذي، إلا أني شعرت بالقشعريرة عند قراءة الخبر.. وقلت يا لجرأة هذا المدبر العاصي! فإذا كان لم يصفد برمضانية هذا الشهر فعلى الأقل كان يلزمه شوية حياء من الله، أو على الأقل حياء من الناس وفي هذا الشهر على الأقل الذي يتخلص فيه أهل الحياء من تعب الخمر قبل أن يهل هلاله. إني أعرف ندماء كثيراً ما يغبقون ويصطبحون، فاتخذوا من شهر رمضان فرصة لتحرير أجسامهم من سموم الكحول وبعضهم أقلع عن الشرب نهائياً بعد هذه الفترة، ومن المفارقات أن تجد مسيحيين ويهوداً وملحدين لا يؤمنون بالإسلام ولا يقرون بحرمة الخمر ومع ذلك يصومون شهر رمضان تماماً كما يصوم المسلم التقي، ليس موضة ولا محاكاة، بل عن قناعة مصدرها جاذبية هذه العبادة التي لا يداخلها رياء، بدليل أن المرء يكون صائماً ولا يهتم ما إذا كان الآخرون يعرفون ذلك أو لا يعرفون. قبل أسابيع اعترفت عارضة الأزياء الماليزية كارتيكا ساري أنها دخلت عام2007م إلى حانة وشربت الخمر، وحكمت عليها محكمة إسلامية بغرامة وست جلدات، وأجلت تنفيذ الحكم إلى ما بعد رمضان هذا، فقالت العارضة إنها ترغب في أن تتلقى الجلدات الست في رمضان وليس بعده.. وصاحبنا محبوط العمل يصبِّح العاصمة ب 300 كرتون خمر في يوم يقع في قلب رمضان ولا يبالي.. وحسن فعلت معه الشرطة! وباستثناء ما قلت تبقى المسألة وصاحبها أقل ضرراً مما يفعله بائعو السلع الحلال منتهية الصلاحية وبائعو اللحوم الفاسدة المقطعة على الطريقة الإسلامية الذين يعدون أكثر جرأة من صاحبهم؛ لأنهم يستغلون حاجات الناس في رمضان، ويبيعونهم سلعاً مغشوشة، ويأكلون أموال الناس بالباطل، كما أن ناقل الثلاثمائة كرتون خمر في رمضان يعد عندي أقل خطورة وخسة من الإرهابيين الذين يستغلون شهر رمضان بجمع الصدقات والزكوات وتحويلها إلى مصارف الأنشطة الإرهابية.