مضى عام كامل على كارثة سيول الأمطار التي اجتاحت مناطق واسعة من محافظتي حضرموت والمهرة .. مضى عام ومآسي الكارثة وآثارها الفاجعة، لا تزال تسكن أعماق آلاف المنكوبين، وتضرم في ثناياهم عذابات التشرد والخوف وفقدان الأمل، وتعدهم بمزيد من المعاناة وهم يكابدون أشباح البقاء تحت طائلة الاحتياج لأبسط أسس الحياة الكريمة، وعلى نحو يهددهم بتطاول لفواجع العودة للعراء، وفقدان الأمل في ما يؤمن لهم المأوى والمأكل والملبس والعيش بطمأنينة . نعم، مضى عام كامل على (الطوفان) الكارثة، لم يجد المنكوبون طوال شهوره، سوى (جعجعة) الوعود والتصريحات، وتناسل اللجان والاجتماعات، دون أن يروا من الأفعال إلا قليلها، ومن الجدية إلا اسمها، حيث ظلت مفاعيل إعادة الإعمار بطيئة ومتعثرة، رغم مليارات الريالات التي تم الإعلان عن اعتمادها، ورغم المبادرة الكريمة لصاحب السمو الشيخ / خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، التي تكفل من خلالها ببناء منازل للأسر المنكوبة، ومبادرة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك / عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة للمساعدة في إعمار المناطق المتضررة، وهي مبادرات وأموال كان يمكن أن تزيح عن المنكوبين آثار نكبتهم، وتعيد للمناطق المتضررة بناها التحتية المدمرة، لو تم التوظيف الصحيح لتلك المبالغ المعتمدة، وإيجاد آليات سلسة وشفافة وفعالة، لا يداخلها روتين ولا ازدواجية ولا هيمنة مركزية ذات غايات إفسادية، ولا تعطلها تدخلات ولا (فرمانات)، بحيث يتأتى لها التنفيذ العاجل والكامل لمختلف أعمال إعادة الإعمار، وعلى نحو يزيح عن حضرموت والمهرة آثار تلك الكارثة. مضى عام كامل على الفيضانات المدمرة، بينما المنكوبون لا يزالون يكابدون في قرى المهرة وبلدات حضرموت ومدنها، ما لحق بهم من مآس وأوجاع، وهم – والحال كذلك – لا يحتملون البقاء عام أخر تحت وطأة أوضاعهم المأساوية ، ولن يتسامحوا مع كل من يعطل معالجة آثار الكارثة ، وكل من يتعمد تأخير استفادتهم من مبادرات الأشقاء الكرام لتجاوز محنتهم، أو ينتقص من تلك الاستفادة لغايات إفسادية، على النحو الذي جرى خلال التعامل مع المساعدات الإغاثية التي تدفقت من الأشقاء والأصدقاء غداة الكارثة .. فهل من يتقي الله ويدفع باتجاه التسريع بالأفعال الملموسة لإزاحة آثار تلك الكارثة ؟ .. ولله الأمر من قبل ومن بعد ..