الحياة جملة من الأحداث والمواقف.. وفي حياة الشعوب وقائع وأحداث كبيرة.. شكلت بصمات لا تمحى من ذاكرتها، ولأهميتها ولتأثيرها اتخذتها الشعوب تاريخاً.. فترتبط ذكريات الناس عادة بثلاثة عناصر تتداخل وتتشابك وتتفاعل، وتعين أحدنا على العودة إلى ما يريد من قصة، ما مضى من حياته المختلطة بحياته مع الناس، وهذه العناصر هي المكان والزمان، والأحوال التي تلتبس بعنصري الزمان والمكان.. كان العام2009م المنصرم مختلفاً كثيراً عن الأعوام السابقة، بل كان الأسوأ من سابقيه بالنسبة لليمنيين بما شهده من أحداث ووقائع مفزعة.. ففيه أي عام2009م تعقدت الأمور بشكل لم نتصورها من قبل وطفحت الأزمات بشكل مخيف وتعطلت المنظومة السياسية في البلد وبدأت مؤشرات الصراع السياسي تظهر ابتداءً من تأجيل الانتخابات التي كان مقرر إجرائها في ال27/أبريل/2009م ونتيجة للخلاف بين السلطة والمعارضة حول التعديلات والإصلاحات السياسية بشكل عام تم تأجيل هذه الانتخابات لفترة عامين وبُرر هذا التأجيل من أجل تهيئة الأجواء السياسية لحوار وطني يهدف إلى إنجاز ما أتفق عليه بين السلطة والمعارضة في فبراير من العام المنصرم من التمهيد لإصلاح المنظومة الانتخابية والإصلاح السياسي الشامل بصورة عامة.. لكن ما حدث بعد ذلك هو العكس من ذلك تماماً فمر عام2009م وتعقدت الأزمات وانقلبت الأمور رأساً على عقب.. وأعلنت الحرب على الصحافة فتم إغلاق العديد من الصحف وعلى رأسها صحيفة الأيام واستمرت هذه الحرب بالمصادرة والاعتقالات والاختطافات والمحاكمات للصحف والصحفيين.. وتم كذلك انتهاك حقوق وحريات المواطنين.. ناهيك عن تفجر الوضع في صعدة واندلعت الحرب السادسة والتي هي مستمرة إلى يومنا هذا أضف إلى ذلك تصاعد وتيرة الحراك السياسي في الجنوب والتطورات الخطيرة التي صاحبته من استخدام العنف والتلويح بالعصيان الأمني والانفلات الأمني كذلك.. حتى أضحى الوطن يحرق في الشمال ويشتعل في الجنوب، أضف إلى ذلك العمليات الاستباقية التي قامت بها الجهات الأمنية ضد عناصر القاعدة، ونتيجة لهذه العمليات والقصف العسكري سقط العديد من الضحايا الأبرياء غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن.. إن عام2009م كان عام حزن ومعاناة لا حدود منها، عام حرب ومآسٍ اكتوى بها الشعب اليمني، فنحن كالعادة نودع العام المنصرم بأزمات وتركات ثقيلة ومعاناة طويلة ونستقبل عاماً جديداً كالحال بأزمات جديدة إلى جانب ما نعاني منها اليوم من مشكلات وأزمات خانقة التي استعصت أن تنجلي وتنتهي بانتهاء عام2009م بل يبدو أنها ستستمر في العام الجديد والأعوام القادمة لأنها وبدون شك أزمات مزمنة ومستديمة.. ويبقى عام2010م ملغوم بالتشاؤم لا يدري اليمنيون ماذا يحمل لهم من مفاجآت.. عام يأتي وعام يذهب، وهات لك من أعوام تتساقط وتذهب ونحن محلك سر، العالم يمضي إلى الأمام ونحن نعود القهقرى.. المواطن اليمني أصبح مثل جمل المعصرة، طوال أيام السنة يعصر وغيره يأكل العصار في يوم، إذاً فلن يعني له قدوم عام جديد سوى مزيد من المعاناة، مزيد من الفساد والفقر والبطالة والتسلط.. تمر الأيام وتتجدد الحياة بتجدد الأعوام، لكن هناك فئة مهما تقدم بها العمر ومهما توالت بها السنون فإنهم لم يتغيروا.. وعلى حالهم هذا فقد أكل عليهم الدهر وشرب، طبعاً أنا لست متشائماً واقع نعيشه.. إلا أنني رغم هذه المنغصات فإنني أبحث عن طريق سوى في الدروب المعرجة.. وأدعو إلى التمسك بضوء الشموع أفضل من أن نلعن الظلام.. والتغيير لا محال قادم، المهم أن نعد له العدة وأن نضحي من أجله، وأن نحمل مشاعله، وكل عام ووطنناً بعزة وسلام.