لماذا نستمر بلعبة السقوط إلى الهاوية؟ ولماذا لا نتوقف قليلاً لمراجعة الأسباب التي تدفعنا إلى إلغاء كافة الخيارات والإبقاء على خيار واحد لا بديل له وهو خيار السير نحو الهاوية؟! ثم لماذا نصر على معاقبة الوحدة اليمنية على أخطاء وممارسات قاصرة للأسف وقف خلفها من تحملوا أمانة الحفاظ على الوحدة؟ وأخيراً لماذا الإصرار على سفك الدماء اليمنية الطاهرة دون أن يكون للحكمة اليمانية ولغة المنطق والعقل والحوار أي وجود أمام طاحونة العنف والعنف الآخر؟ لا يسعني وأنا أقلِّب هذه الأسئلة في عقلي إلا الحيرة مما يحدث ومن الغموض الذي يفرض نفسه على كل شيء يجعل من المستحيل الحصول على إجابة شافية لتلك الأسئلة وغيرها، لم أفهم حتى اليوم ما الذي يحدث في بلادنا كيف نفرط بمنجز عظيم كالوحدة اليمنية كإنجاز يفتخر به اليمنيون والعرب والمسلمون، ولم نقدر هذا المنجز حق قدره حتى وصل الأمر بخلق واقع رافض وكافر عند البعض بالوحدة، وهم من أوسعوا الدنيا قاصيها ودانيها فرحاً وسعادةً يوم22مايو1990م يوم إعلان الوحدة؟! أجدني أعود إلى طرح الأسئلة ولكنها لا تنفك تحاصرني وتخذل أي فكرة تشاغب رأسي، ولكنها دوامة الحيرة التي ما فتئت تشوش ذهني وتكسر مجاديفي .. فأهل اليمن لا تنقصهم الحيلة ولا الحكمة ويمتازون عن غيرهم من الشعوب بخصوصيتهم الوسطية في حل الصراعات وتفكيك الأزمات فلماذا خذلتهم اليوم؟! على الرغم من أن الساحة اليمنية تفاعلت مع ما تمر به اليمن من أزمات وصراعات وقدمت أطروحات ومبادرات وحلول للخروج باليمن إلى بر الأمان، كان آخرها وأجرأها ما طرحه حزب رابطة أبناء اليمن "رأي" في مبادرته الوطنية لإنقاذ اليمن، وجعل من الدولة المركبة والفيدرالية الحل الأمثل لبناء منظومة حكم تؤكد على اللامركزية لتحقيق الغاية الأهم التي ترتكز عليها المبادرة وهي المواطنة السوية، وعلى الرغم مما حظيت بها هذه المبادرة من قبول واسع في الساحة اليمنية سياسياً واجتماعياً وأكاديمياً فإن السلطة صمَّت آذانها عنها وأشاحت ببصرها عن حقيقتها ومضمونها وواصلت السير في طريق السقوط وإهدار الوقت والركون إلى سياسة العنف والحروب والقمع والقوة في حل مواجهاتها الأليمة سواء في الجنوب أو في شمال الشمال وها هي اليوم تفتح جبهة جديدة في حربها مع القاعدة. والسؤال الأهم هنا هل ستتقبل السلطة في دعوتها للحوار الوطني الرأي الآخر وجمع اليمنيين على كافة مشاربهم للتحاور وطرح كافة الرؤى والمبادرات والأفكار من دون إقصاء أو تهميش أو تفردية لإنجاح آخر فرص السلام وإحلال الأمن والاستقرار والحفاظ على الوحدة، أم سيكون هناك هدر لها، والاكتفاء بإضاعة الوقت في متاهات المماحكات والشعارات الفضفاضة؟ الأيام المقبلة ستقول الخبر اليقين وربما سنجد عندها الإجابة الشافية. * عضو الهيئة المركزية لحزب "رأي"