لست مبالغاً بالقول: إن اليمنيين هم حكماء أهل الأرض وأرقهم قلوباً وألينهم أفئدة.. وهذا بالفعل ما أكده لنا رسولنا الكريم “ص” عندما قال: “جاءكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية” وهذه شهادة عظيمة لم يمنحها رسولنا “ص” لليمنيين من فراغ فالكل يعلم بأن اليمنيين رحبوا بالدين الإسلامي ودخلوا الإسلام ودون إراقة قطرة دم واحدة ولم يقدموا على هذه الخطوة إلا بعد ما حكّموا العقل والذي أرشدهم إلى أن الإسلام هو دين الحق والنجاة.. كذلك فإنه عرف عن اليمنيين شغفهم بالوحدة أرضاً وإنساناً، فاليمن قد شهدت وعلى مر التاريخ عواصف من الأزمات والمحن منها محنة تعرضها لغزو مرير من قبل الأحباش والفرس والأتراك ولكن هؤلاء الغزاة لم يبقوا فيها طويلاً وذلك لما لاقوه من مقاومة يمنية قوية وشرسة لدرجة أن هؤلاء الغزاة شبهوا اليمن بمقبرة الغزاة.. وهذا أيضاً ما حدث مع الاستعمار البريطاني وأنظمة الأئمة المستبدة وكان من أولى إيجابيات زوالهما “إعادة وحدة الأرض والإنسان مرة أخرى في عام 1990م”.. - أما اليوم فإن اليمن قد عانت العديد من الأزمات والتي كانت آخرها وأسوأها الأزمة الراهنة والحابسة للأنفاس بعد أن ضاقت حلقات التفاهم والحوار بين الفرقاء ولهذا أسميت هذه الأزمة بالأزمة الكبيسة والتي لشدتها جعلتنا نشكل في عقولنا أسئلة استفهامية مثل “متى ستنتهي هذه الأزمة حتى نشعر بسعادة المواطنة الآمنة”؟ وغيرها من الأسئلة والتي أصبحت على الكثير من الألسنة تارةٍ تسأل نفسها وتارة أخرى تسأل غيرها.. لعل وعسى تجد إجابة شافية تنهي من عملية إثارة الأدرينالين في أجسادنا والذي يزداد في الارتفاع كلما توسعت فجوة الأزمة ولكن تدخل الأشقاء الخليجيين في معالجة الأزمة اليمنية وطرحهم مبادرة ترضي كلا طرفي النزاع، قد خلق فينا بصيص “أمل” عن قرب انفراج الأزمة وفك طلاسمها المعقدة وساهم في خفض نسبة الأدرينالين فينا إلى مستوى المتوسط. ولا شك أن المبادرة الخليجية.. تعتبر خطوة طيبة تؤكد أن دول الخليج العربي لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تلك الأزمة التي اجتاحت اليمن منذ بداية شهر فبراير الماضي فاستقرار الوضع الأمني والسياسي في اليمن مسألة مهمة بالنسبة لها.. خاصة وأن اليمن تعتبر العمق الاستراتيجي لدول الخليج وعدم استقرارها وتحولها لا قدر الله إلى “صوملة أخرى” سيكون كارثة خطيرة جداً ورياحها ستمتد إلى كافة دول المنطقة.. ومن هذا المنطلق فإن المبادرة الخليجية جاءت من أجل مصلحة اليمن .. لذا فإني أعتبرها الدواء الناجع لحمى الأزمة اليمنية وإن رفضها وعدم التعامل معها بجدية قد يسرع من عملية سقوط اليمن في هاوية(الصوملة)...وبالمناسبة فإن المبادرة الخليجية ذكرتني بتلك الحلول الفردية الطريفة والتي أفرزتها شدة المد والجزر للخلاف القائم وبين الفرقاء وأود الإشارة إلى أن هذه الحلول لم تطفُ على السطح من باب السخرية بل من باب خوف أصحابها على مصير اليمن ..ومن هذه الحلول الطريفة ما جاء في مقال زميلنا الكاتب المحترف بامتياز الأستاذ/ خالد حسان والذي نشر في أضواء الجمهورية وكان بعنوان (حل رياضي) والذي رأى فيه ان إقامة أي نوع من الألعاب الرياضية بين فريقي (الحزب الحاكم وأحزاب المشترك) ربما قد يكون الحل الفاصل لإنهاء الأزمة (كرة القدم) هي الحل الرياضي الأنسب والذي ستحدد نتيجته من هو الفائز والخاسر ..ولكن كاتبنا العزيز نسى نقطة مهمة وهي أن الفريقين من المحتمل أن يعتذرا عن عدم خوضهما المباراة إلى أجل غير مسمى وتحت ذريعة افتقارهما إلى الاحتراف والخبرة الكافية.. - وبصراحة فإن (الحل الرياضي) لزميلنا العزيز الأستاذ خالد حسان ..قد أعجبني كثيراً ويمكن اعتباره مبادرة طريفة ولكنها واقعية وولدت من رحم الأزمة التي تعاني منها اليمن- وبالمناسبة فإني سمعت الكثير من هذه المبادرات الطريفة ومن أفواه الخائفين على اليمن فمنهم من تمنوا إنهاء الأزمة سريعاً ولو عن طريق احتكام طرفي النزاع إلى نظام (القرعة) والأول هو الفائز وآخرون تمنوا إنهاء الأزمة ولو عن طريق (حجرة بجرة خلي ربي يعد العشرة) والعاشر هو الفائز وهناك من تمنى إنهاء الأزمة ولو عن طريق لعبة الحظ( دوران السهم) وغيرها من الحلول خفيفة الظل ولكن من الملاحظ عليها أن العشق الشديد لليمن يفوح من جنباتها ويعتليها صدق شعور الخوف البسيط والمحب بالفطرة للأمن والاستقرار والعيش بسلام وإشباع جوعه بلقمة طيبة بعد غمسها في مرق حلال..نعم هذا هو المواطن اليمني الأصيل والذي لن يخذله ربه أبداً فيما تمناه وسيفرج الأزمة التي يعاني منها وطنه والذي وصفه الله عزوجل في محكم آياته بالقول( بلدة طيبة ورب غفور) لذا فإن الفرج ليس ببعيد وهذا أكيد وليس من باب التأويل أو التنجيم.