فاروق الظرافي كَمْ يكون الشعر عظيمًا عندما يترجم مأساة الإنسان ومدماة الأوطان، ويكون نبيلًا حينما يتدثر بالوجع الصادق ويلتحف الدمع الطاهر. وليس مثل المرحوم /يوسف الشحاري والمرحوم/محمد الربادي نسيجًا لقماط الثورة ونسيج الفكرة على صدر الفحولة اليمانية. فلنستمع إلى هؤلاء العظماء كيف يرثون بعضهم وكيف يعبرون عن مآسيهم وأحزانهم. هذه مقتطفات من مرثية للمناضل الجسور /يوسف الشحاري يرثي بها زميله المرحوم المناضل /محمد الربادي، الأول كان نائبا لرئيس البرلمان اليمني ورفض حينها أفخم السيارات التي صرفت له بحكم منصبه ليواصل مسيرة السير على الأقدام بأبسط الملابس الشعبية لأبناء تهامة ويشهد الله أنني أحد شهود العيان لرفضه السيارة وأنا أشغل منصب نائب مدير عام العلاقات والمراسم بالمجلس .. سلموا السيارة لأحد السائقين في المجلس اسمه/محمد العومي.. على اساس يكون السائق الخاص للأستاذ/ يوسف الشحاري ..انتظر الأستاذ في باب القاعة حتى خرج ونزل يفتح له الباب.. وقال: تفضل ياأستاذ/ يوسف هذه السيارة صرفوها لك … التَفَّ حولها الأستاذ وشافها ابو دَبَّه .. أحدث الموديلات في ذلك الوقت…ضحك ضحكته المعهوده.. المدويه… وقال : أبو دبه يا عَوْمِيْ ..شلها لك .. وخرج من المجلس يمشي رجل ..متجهًا نحو غرفته المعهودة في فندقه الصغير منتصف شارع جمال … تَخَرَّجَتْ إحدى بناته من الثانوية في الحديدة فاصطحبها إلى صنعاء لتسجيلها في الجامعة… وصلت توجيهات للشئون الماليه والإدارية في المجلس من رئاسة المجلس باستيجار بيت وتاثيثه لإبنة الأستاذ/الشحاري.. لأنهم عارفين أنه ليس لديه بيت في صنعاء.. وعندما ابلغوه بذلك… قال لهم ابنتي قد معاها غرفه في السكن الجامعي للطالبات.. أما بالنسبة للمرحوم الأستاذ/ محمد الربادي/ فقد كان عضو مجلس الشعب.. وعضو مجلس النواب وأشجع من قال كلمة حق في وجه سلطانٍ جائِر لياتي موته بعد يوم واحد فقط لخطاب ألقاه في مدينة إب وبظروف غامضة. فإلى الأبيات التي رثاهُ بها الأستاذ/ يوسف الشحاري..عند وفاته عام1993م…رحمة الله ورضوانه عليهما ماتعاقب الليل والنهار. كيف ألقى سلاحهُ وتوارَى* فارسٌ عاشَ عُمْرهُ مغوارَا* مَنْ رأيناهُ فارسًا في الرَّزايَا* والرزايا لا تسحقُ الأحرارَا* شامخًا كالجبالِ مالانَ يومًا* للمآسيْ ولا اشتكى واستجارَا* لم يُزِدهُ العذابَ إلا شموخًا* والأصالاتُ ترفضُ الإندحارَا* رزئَتْ في يديهِ كل المآسيْ* دامياتٌ والهولُ يُدميْ الصغارَا* يا'رَبَادِيُّ'أنتَ أتلَفتَ روحيْ* فانتهتْ شهقةٌ وذابتْ أوارَا* أنتَ علمتنيْ الأصالةَ دومًا* وستَبقَى المحرابَ ليْ والشعارَا* أنتَ علمْتَ زورقيْ كيف يمضيْ* شامخًا والعبابُ جَنَّ وثارَا* أنتَ أشْعلْتَ في دمائِيْ فِداءً* يمنيًا لا يعرفُ الإنكسارَا* أنت في مهجتيْ أبَرُّ حبيبٍ* وستبقى العطورَ والأزهارَا* 'إبُّ' فَلْتَغْفِرِيْ قُصُوْرَ رِثَائِيْ* صاحِبِيْ فالأسَى استبدَّوجارَا* يوسف الشحاري ومهما استطاع أي مُتنفذٍ بقوَّةِ سلطتهِ وجبَرُّوْتِهِ تشويه الأحداث وخيانتها فإنَّ للتاريخِ ذِمَّةٌ لاتًخُوْنْ.