في وقت تتطاير شرر الفتن والانقسامات والحروب تحتاج مثل هذه الأوقات إلى التعاضد والاتحاد بين أبناء الوطن لتوحيد الصفوف والوقوف صفاً واحداً ضد من يزرع هذه الفتن والصراعات للحفاظ على منجزات الأمة والشعب. إن ما تعيشه اليمن هذه الأيام من محن وأزمات وفتن وانقسامات وتفتت وتبعثر الجهود الطامحة لصناعة الإنسان والتنمية، وتعرقل مسيرة الوطن وأبنائه صوب المستقبل المطلوب، فما يحدث في صعدة وعمران من مواجهات عسكرية أرادت الظروف ومراكز القوى المستهدفة تهديد استقرار الوطن وأبت إلا أن تتصدر لغة السلاح والاقتتال بين اليمنيين بعضهم بعضاً، وتولد عن ذلك مواجهات وحروب بين القوات المسلحة وجماعات الحوثي في حروب لا مقصد ولا هدف لها سوى توسيع دائرة الفتن والتمزيق والقتل في صفوف اليمنيين، فالمغرر بهم من جماعات وأفراد الحوثيين لا يدرون لماذا وكيف وقعوا في هذه المصيدة التي صنعت منهم ضحايا وقتلة في وجه الدولة ومواجهة إخوانهم في القوات المسلحة والنتيجة سقوطهم في وهم من قادهم إلى هذا الطريق المعتوه الذي كبد الوطن خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وجعلتهم في مواجهة مريرة مع الدولة، ولا نعلم إلى أين ستسير بنا هذه الفتنة العمياء، وعلى الطريق الآخر في المحافظات الجنوبية تمزق الساحة الأصوات الشاذة الداعية للإنفصال والتي وجدت في المظاهرات والاحتجاجات السلمية والحقوقية لأبناء المحافظات الجنوبية فرصة للإنتقام من الوطن والوحدة اليمنية كشوكة خطيرة في المسيرة الوحدوية العظيمة. كل هذا يحدث وتستجد أحداثه كل يوم ولم تفكر المنظومة السياسية في البلاد سوى السير وفق الأحداث والاحتكام إلى العنف والعنف الآخر، فقد أثبت التاريخ بأن اليمنيين لا ينجزون قضاياهم بالصراع المسلح، بل إن عند حدوث مثل ذلك تتوقف عند نقطة ما في الصراع والعودة إلى طريق الحوار والمصالحة لإنهائه، وإن كان ذلك يأتي بعد أن تكون الساحة الوطنية قد شهدت سقوط قتلى وضحايا من الطرفين ولا أعتقد أن اليمنيين لم يتعضوا من دروس التاريخ سواء القريب والبعيد وبأن لغة السلاح عادة لا تغلب طرفاً على طرف بقدر ما تخلق حساسيات وجراحات من الصعوبة اندمالها في صفوف المتصارعين حتى وأن كانت الغلبة لطرف على آخر فإنها تأتي على حساب الجدار الاجتماعي والأمن والسلم الوطني تظل مرسومة بجراحاتها فلا تمضي فترة إلا وتجددت وفتحت ملفاتها.. والسؤال هنا لماذا إذاً ينساق اليمنيون إلى مساحات الحروب والصراعات مع علمهم بأن ذلك لا يؤدي إلى مخرج للأزمة أو حل لها؟! من هذه القراءة لواقع الصراعات اليمنية خرجت رؤى ومبادرات وأطروحات حزب رابطة أبناء اليمن "رأي" برفض العنف والعنف الآخر ودعت دائماً إلى تغليب الحوار والحوار الشامل الذي لا يستثني أحداً للخروج من الأزمات ومواجهة الفتن وبحلول ناجعة وشافية ملبية لاحتياجات ورغبات ومطالبات الجميع دون الاستئثار لفئة واحدة على القرار وهو ما يحدث اليوم مما جعل الساحة الوطنية بؤرة للمواجهات والتخلص من التمييز والإقصاءات، فهل يستجيب الجميع اليوم لهذا الصوت الوطني القادم من أعماق البيئة اليمنية والحريص على الوطن وأبنائه لتتوقف هذه الصراعات التي تكتوي اليمن بنيرانها؟!.